حنان شومان

سوق عكاظ الرمضانى..ويجعله عامر..!!

الأربعاء، 01 سبتمبر 2010 01:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رمضان يتحول أغلب الناس إلى كائنات تليفزيونية ترتدى جميعها رداء النقد، وبالتالى أشعر أن مهنتى ومهمتى كناقدة تتوارى أمام طوفان من الجماهير والإعلانات التى تحدد مقياس المشاهدة.

وتتبارى الأقلام جميعا من كتاب سياسيين لأهل اقتصاد لزملاء فى مختلف المجالات يكتبون عن تليفزيون رمضان، وكما يتحول التليفزيون فى رمضان تتحول الصحافة أيضا إلى سوق عكاظ تليفزيونى.. من حق الجميع أن يدلى بدلوه فيما يقدم، وربما يسبب لى هذا الأمر نوعا من الكسل المهنى الذى يدفعنى لأن أقبع أمام الجهاز العجيب أسابيع قبل أن أسمح لنفسى بأن أخط رأيا فى أعمال عكاظ الرمضانى.

ولعلى قبل أن أبدأ استسمح القارئ فى أن ما سيقرؤه ليس نقدا مؤسسا على مبادئ تعلمناها فى مهنتنا وهى أن ترى العمل كاملا لكى تستطيع الحديث أو الكتابة عنه ولكن فى رمضان مبادئ النقد وأسسه تتوارى أمام مبدأ أن الجواب بيبان من عنوانه، وأعمال رمضان بعد أكثر من أسبوعين بالتأكيد أعطت أكثر من عنوانها وكشفت عن أغلب تفاصيلها ولذا اسمحوا لى أن أعلق عليها فقد انتظرت بما يسمح لى أن أدافع عن رأيى بأنه ليس وليد بعض حلقات أو مجرد عنوان لجواب لم أقرأ تفاصيله.

الإعلانات

سيدة الموقف فى رمضان وراعية الدراما والمحطات وصاحبة الكلمة الأولى التى تحظى بأغلب أوقات المشاهدة.. الإعلانات هى صاحبة الأمر والنهى سواء كانت سمنة أو مسحوق غسيل أو اسم بنك أو غيره.. وقد اعتدنا فى رمضان أن تظهر إعلانات مخصصة لهذا الشهر وفى كل رمضان مما سبق كانت بعض الإعلانات تحظى بجماهيرية أكثر أحيانا من الدراما والبرامج كما حدث منذ سنوات مع إعلان لنوع من أنواع الشاى بطله كان المطرب الشعبى حكيم مثلا.

أما هذا العام فليس هناك إعلان يتسيد الموقف كعمل فنى ولكن هناك إعلانا لإحدى شركات المحمول جمع مجموعة من النجوم منهم منير ويسرا وهند صبرى استطاع أن يستحوذ على اهتمام المشاهد من باب السؤال عن كم تكلف مثل هذا الإعلان بكل هؤلاء النجوم؟
وإعلان آخر استحوذ على الاهتمام والسخرية من الرجولة المصرية إعلان فج يؤكد أن الرجولة فى شرب نوع معين من المشروبات لأنها الطريق للرجولة ثم يضيف تفاصيل لها فى أن الرجولة هى أن تضرب صديقك أو أن تضع الركبة على الأنكل.. وللأسف كلما شاهدت هذا الإعلان تحسرت على معانى الرجولة التى ينقلها.

وقد يرد أحد قائلا إنه مجرد إعلان دمه خفيف وبلاش نيجى عند التافهة ونتصدر، ولكن لا أظن أن توقفى عند معنى الرجولة التى يبثها الإعلان ليل نهار نكتة ولكن خيبة تضاف إلى خيبة الرجولة التى نراها فى أخلاق المصريين وقال يعنى المشرحة ناقصة أن نسترجل على طريقة بريل.. ويجعله عامر.

البرامج
أكثر من خمسة عشر برنامجا يبثها التليفزيون الرسمى والقنوات المصرية الخاصة تم إنتاجها خصيصا لرمضان جميعها دون استثناء لا تحمل إلا فورمان واحد وهى الـone to one أى ضيف ومذيع وإن تغاضينا عن تكرار الفورمات فهل نستطيع أن نتغاضى عن تكرار الضيوف؟! برامج رمضان التليفزيون دون استثناء بدت لى كأنها لعبة الكراسى الموسيقية التى يدور فيها عدد محدد حول كراسى إلى أن تتوقف الموسيقى ليجلس الكل إلا واحد.. هكذا بدت لى البرامج والأكثر إثارة اننى أحيانا أحتار فى من يكون المذيع ومن يكون الضيف فمجدى الجلاد مثلا مذيع فى برنامج على قناة دريم ثم فجأة أقلب القناة فأجده ضيفا فى برنامج آخر ونفس الأمر يحدث مع إبراهيم عيسى وخيرى رمضان وتامر أمين ومحمود سعد والمسلمانى وإيناس الدغيدى وانتصار.. عشرات الأسماء من الضيوف مرة سائلا ومرة مسؤولا أى توجه له الأسئلة، ثم حدث ولا حرج عن النجوم فى مجال الفن، فالمشاهد يفتح التليفزيون ليجد الفنان مرة يبكى فى برنامج ثم يقلب لمحطة أخرى ليجده يضحك وفى نفس اللحظة يجده على محطة أخرى يصرخ لأنه يتعرض لموقف أمام الكاميرات التى صارت خفية وهى ظاهرة أو برامج المقالب.. امتهان لعقل المشاهد للنجم ذاته الذى يتحول فى رمضان إلى مبدأ الحواة أو منطق حط إيدك على بطنها تنور.. حط إيدك على رجلها تنور.. حط إيدك على أى حته تنور!!

البرامج التليفزيونية صارت دخلا مضافا للفنانين ولكن لا يجب أن يكون البحث عن الدخل بهذه الصورة والسعار، ولا يجب أن يكون العمل البرامجى التليفزيونى فى رمضان يفتقر إلى الحد الأدنى من القيمة العقلية لأن هناك ملايين مهدرة فى برامج لا تغنى من جوع، فكلها تموت بالسكتة الدماغية ليلة العيد ويجعله عامر.

القاهرة والناس
محطة تم إنشاؤها خصيصا للعرض فى الشهر الفضيل واستطاعت فى رمضان الماضى أن تحقق مشاهدة تسمح لصاحبها طارق نور بأن يستمر فى رمضان الحالى ولكنها ككثير من الأشياء فى هذا البلد تبدأ كبيرة وبآمال عريضة ثم سريعا ما تتنازل عن مقومات وجودها لأنها موجودة بالفعل، لم يستطع نور أن يقدم هذا العام إلا خدعة مثل نشرة أخبار الفراخ فكرة استهلكها ومستمر فيها وخدعته الأكبر أنه يقدم برنامج بدون رقابة لوفاء الكيلانى دون أن ينوه أنها حلقات قديمة منذ أكثر من عام وتم عرضها على محطة LBC اللبنانية وكلها موجودة على اليوتيوب إذن طارق نور خدع المشاهدين بالقديم الذى ألبسه ثوب الجديد عن طريق إعلانات الطرق.

ولم يستطع طونى خليفة اللبنانى أن يتميز بأسئلته المحرجة لأن المشاهد المصرى والعربى لم يعد يفتح فمه دهشة من أى سؤال، لقد عبر المشاهد هذه الدهشة بعد أن صارت برامج الفضائح سمة الفضائيات.

أما برنامج نضال الأحمدية الصحفية اللبنانية التى قدمت كأجرأ صحفية عربية ناله ما نال برنامج رولا التى قدمها نور العام الماضى بنفس التسمية أجرأ صحفية عربية وما وجد المشاهد فى الأولى ولا الأخيرة هذه الصفة فبدت التسمية التى أطلقها عليهما طارق نور مدعاة للسخرية أكثر منها مدعاة للجذب فجرأة نضال الأحمدية اقتصرت على حربها مع هيفاء وهبى كما اقتصرت جرأة رولا على ملابسها القصيرة.

وإن تغاضيت على خدعة طارق نور ببرنامج قديم ومسميات فى غير محلها فإننى لا أستطيع أن أتغاضى عن الفواصل التى يضعها بين البرامج فى صورة كليبات قصيرة للفرق بين مصر فى زمن أغنية إرخى الستارة اللى فرحنا فى الثلاثينيات وكيف كان الرجال وقتها فى علاقتهم الجنسية بالمرأة ثم المقارنة بين الرجل الآن مع زوجته وكيف أن العلاقة الجنسية بينهم صارت كالإخوة.. يانهار أسود ما هذه الفجاجة فهل فرق مصر الثلاثينيات من مصر فى الألفية الثانية هى فحولة الرجال؟! قد يبدو الأمر نكتة ولكنها نكتة بايخة غير لائقة أخلاقيا أو إعلاميا أو حتى كعلاقة مع الشهر الفضيل الذى تنزوى فيه الغرائز مش كده ولا إيه ويجعله عامر.
من المستحيل لأى متابع مهما طال يومه أو قصر وبارك الله له فى وقته أن يستطيع متابعة المذبحة الدرامية الرمضانية ولذا فحين طرحت على إحدى الزميلات فى مجلة فنية سؤالا عن الأفضل دراميا طلبت منها أن تسبق السؤال عن الأفضل لأى أحد تسأله بما فيهم أنه بسؤال عن عدد المسلسلات وأسمائها التى شاهدها حتى لا تكون تلك الاستفتاءات ظالمة كاذبة ورغم هذا فمن الآن أرفع يدى لأقول إن كل الاستفتاءات التى جرت وستجرى على الأفضل فى رمضان دراميا استفتاءات مضروبة تماما كاستفتاءات الحزب الوطنى أو مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء اللهم بلغت اللهم فأشهد.
ولكن يظل هناك حالات من الإجماع الجماهيرى والنقدى على بعض الأعمال ولكن بتفاوت.
الجماعة

بعيدا عن الجدل السياسى الدائر حول هذا المسلسل والذى يلقى بظلاله حتى قبل عرض المسلسل بالتأكيد يعد هذا المسلسل حتى الآن هو درة الدراما المصرية التى تم تقديمها هذا العام فهو يحتوى على عناصر فنية تكاد تكون متكاملة بداية من سيناريو أعاد لصاحبه وحيد حامد اسمه على قمة هرم الكتاب فقد كنت أتساءل كيف سيستطيع الكاتب المزج بين الحاضر والماضى منذ أن بدأت الحلقات ولكنى وجدته قد لجأ لحيلة درامية ناجحة حين جعل وكيل النيابة حسن الرداد يقرأ فى التاريخ الخاص بالجماعة فينقلنا إلى أحداث الماضى.. وحيد حامد استطاع أن يمزج الجديد بالقديم بحرفية بالغة الذكاء وقد أهدى أوراقه لمخرج شاب هو محمد ياسين الذى أبدع إخراجا وتصويرا وإيقاعا وكذلك فى قيادته لممثليه.
كل من مثل فى هذا المسلسل بالتأكيد من حقه أن يفخر بأدائه حسن الرداد، إياد نصار، يسرا اللوزى، عزت العلايلى وعشرات من الوجوه تستحق أن نصفق لها احتراما لعملها.
أما هؤلاء الذين يتكلمون فى السياسة والدين وغيرها من الأمور فليصمتوا حتى ينتهى المسلسل لأن الساحات ستفتح لهم على مصراعيها وخاصة أن بعد رمضان سيأتى موسم الانتخابات ويجعله عامر.

شيخ العرب همام
كنت أحب أهل الصعيد لأنه يقولون أنهم ولاد عم الشرقاوية وأنا منهم ولكن شيخ عرب عبدالرحيم كمال الكاتب وحسنى صالح المخرج والفخرانى جعلونى أحبهم أكثر، مسلسل توافرت فيه كل العناصر الفنية الجيدة من سيناريو لا يحمل تطويلا اعتدناه فى الأعمال التليفزيونية وإخراجا جيدا وأداء متوقعا من الفخرانى النجم الرمضانى.. ولكن تظل المفاجأة الأكبر فى اثنين من ممثلى هذا المسلسل صابرين وتيخة الذى يقوم بدور سلام أخو شيخ العرب وكأن صابرين كما غيرت شكلها غيرت أداءها ولكن للأسف سيظل الناس فى إشكالية حجابها من عدمه وسينسون أداءها وأنا هنا أتكلم عن أداء ممثلة عظيمة للأسف أفسده الحديث عن الحجاب وكان من الممكن ألا تخلعه وتثير كل هذا اللغط وكان أداؤها سيكون عظيما فالنساء فى الصعيد خاصة الكبيرات قد يحتفظن بغطاء رؤوسهن داخل البيت ولست هنا فى معرض الحديث عن الحلال والحرام ولكنى فى معرض تقييم ممثلة غابت منذ دورها فى أم كلثوم ثم عادت فى دور زوجة همام.. أما تيخة فلا أعرف ما الذى يستطيع تقديمه بعد هذا الدور؟ ويجعله عامر

زهرة وأزواجها الخمسة
المسلسل الشعبى الذى أقف أمامه متعجبة من كاتبه مصطفى محرم الذى أظن أنه منذ تقديمه لمسلسل لن أعيش فى جلباب أبى قد اكتشف شفرة سحرية لما يمكن أن يجد مردودا فى الشارع المصرى فراح يقلب نفس التيمة بأشكال مختلفة من الحاج متولى إلى العطار وبناته إلى زهرة وأزواجها.. وإليكم تفسيرى المتواضع فأغلب الناس فى مصر المحروسة مهمومون بالقرش والرزق القليل، أغلبهم تداعبهم أحلام الثراء وهم فى العراء ومصطفى محرم يلعب دراميا على نماذج آتية من ضنك المعيشة إلى رحابة الثراء فمراجعة بسيطة لأبطاله منذ جلباب أبى تجد أنهم فقراء يثرون فى عدة حلقات مما يخلق لدى المتلقى إحساسا بالراحة الوقتية فيتفاعل معهم ويتجاوب مع أحداث حياتهم حتى لو غافلها المنطق والعقل.. مصطفى محرم يداعب أحلام الفقراء فى هذا البلد وهم أغلبية لذلك تتمتع مسلسلاته عادة بتأييد شعبى فلم لا يحلم كل الرجال بأن يكونوا متولى أو لم لا تحلم البنات والنساء بأن يكون زهرة؟!
حلم يتحقق على الشاشات ويجعله عامر.

وإلى لقاء آخر لو فى العمر بقية مع استمرار العشوائية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة