المحافظ والمقاول والفساد فى البحر الأحمر

كان اتصالنا بملف الفساد فى البحر الأحمر تلقائياً محضاً، ليست لنا مآرب ولا خصومات هناك، ومنذ نشر المقال الأول حول وقائع الفساد فى البحر الأحمر تدفقت المعلومات وها نحن نواصل حملتنا ضد الفساد، لسنا مع أو ضد، نحن مع الحقيقة وحدها.

بعد نشر المقال الثانى اتصل بى هاتفياً مواطن قدم نفسه بأنه أحد أبناء الغردقة، وأثار نقطة جديرة بالاهتمام وهى فكرة «تضارب المصالح» وفى نغمة بدت كأنها دفاع عن المقاول محمد أبوالنصر قال: «اشمعنى دلوقتى تنهال كل السكاكين على أبوالنصر.. ألم تسأل نفسك يا أستاذ؟! رغم أن الفساد عمره طويل فى الغردقة من أيام يوسف عفيفى» قاطعته لكن كل الروايات تقريبا تثمن دور عفيفى فى بناء الغردقة الحديثة، استمر المواطن: «وأيضا أبوالنصر بنى نهضة سكانية، قد تكون لديه فى أعماله بعض التجاوزات، لكن لا بد أن نوضح أنه حصل على تسهيلات وربما تجاوزات لكنه بنى وشيد وساهم فى رسم صورة جميلة للغردقة الحديثة، غيره حصل على نفس التسهيلات ولم يبن شيئاً، كثيرون حصلوا على أراض دون حق، منهم من تقدم بطلب ومنهم من لم يتقدم حتى بالطلب!! لاحظ الرجل استغرابى فأكد المعلومة بأن ذكر اسم تاجر الألماظ الشهير خصصت له ثلاث قطع متميزة دون أن يتقدم بطلب وربما دون أن يعرف لفترة طويلة أن لديه أراضى فى تلك المواقع حتى بيعت مؤخراً، نقطة مهمة أخرى أثارها المواطن أن حالة ارتباك حدثت بين الموظفين فى الغردقة، هناك خوف وهلع مما ينشر هذه الأيام عن الفساد وختم كلامه بسؤال يحتاج إلى عمق فى التفكير والمعالجة: هل يملك أى موظف صغُر أو كبُر الاعتراض على توجيهات محافظ خصوصاً فى حجم سعد أبوريدة؟!

أكيد هناك موظفون شرفاء يمتلكون القدرة على التمييز بين احترام المسؤول التنفيذى الاول وبين احترام القانون، ونقدم نموذجاً من واقع الغردقة بدأنا معه الحديث هو اللواء ممدوح بسيونى مدير الإسكان الأسبق بمحافظة البحر الأحمر الذى حكى واقعة غريبة ومريبة حدثت مع المحافظ سعد أبوريدة، ويقول «جمعنى لقاء باللواء سعد أبوريدة والمقاول محمد أبوالنصر وطلب منى المحافظ أن أكتب مذكرة أشهد فيها بكفاءة وارتفاع مستوى التنفيذ ومطابقته للمواصفات، وكان هذا ما يتعارض مع حقيقة الحال، حيث أننى سبق أن كلفت بتولى رئاسة لجنة من المهندسين للمرور على هذه المبانى وسجلت تقريرا أوردت به 42 نقطة سلبية فى التنفيذ وفى الفروق الجوهرية بينهما وبين ما تم تنفيذه كوزارة إسكان وأضاف: استأذنته فى تسجيلها بالكاسيت فوافق مشكوراً» وخارج هذه اللجنة مررت بنفسى على شقة خصصها لى المحافظ الأسبق سعد أبوريدة وكان من باب الاستطلاع وبعدها قررت أن أسدد المقدم الذى سبق أن سددته، وفى يوم إلغاء التخصيص واسترداد المبلغ دخل المحافظ بمفرده واجتمعنا ثلاثتنا بمكتب المقاول محمد أبوالنصر وفوجئت به يقول لى: اسمع يا ممدوح دلوقتى مش موجود غيرنا احنا الثلاثة والكلام اللى حاقوله سر لو خرج بره حتبقى انت اللى سربته، وأكمل المحافظ كلامه وقال: أنا عاوزك تكتب لى مذكرة تشيد فيها بما نفذه أبوالنصر، لأنى على أساس مذكرتك حارفع مذكرة لمعالى رئيس الوزراء أطلب منه تنفيذ خطة الإسكان الخاصة بوزارة الإسكان بالأمر المباشر لمحمد ويقصد أبوالنصر الحاضر الاجتماع» يكمل اللواء ممدوح شهادته: «وأنا للأسف غلطت وقلت له لو سمحت يا أفندم خرجنى من اللعبة دى، فتغير وجهه وخرج من المكتب وبدأت الطامة الكبرى، بدأ يرسل مهندسى مجلس المدينة وأعضاء الرقابة الإدارية للتفتيش فى الأوراق عن أية أخطاء تكون موجودة، ثم أرسل إلى مركز بحوث الإسكان وطلب منهم تقريراً، طبعا تم إعداده لصالح المحافظ وسلامة أعمال المقاول المعجزة، والمقابل قطعة أرض لكل منهم وهذا ما سمعناه انها مخبأة فى خزينة رئيس مجلس المدينة الخاصة به وهذا ما تردد!! وهذه العقود لو تم العثور عليها سنجد أن تواريخها متزامنة مع تاريخ تقرير المركز القومى للبحوث مما يجعلها فى مقام الرشوة!!».

«المحافظ أبوريدة يطلب من مدير الإسكان طرح خطة إسكان ثم يأمر بطرحها فى الصحف مناقصات ويتم تحديد قيمة تقديرية فى مظروف مغلق تعتمد من السلطة المختصة اللى هى المحافظ برضه ولو افترضنا أن القيمة المقدرة 60000 جنيه للوحدة يقوم المحافظ بتقديمها 10000 جنيه ثم تطرح للمقاولين ثم يقوم بإلغائها لأنها أقل من القيمة التقديرية ثم يرسل لرئيس الوزراء مذكرة يوضح فيها أنه تم عمل عدة عروض لم تسفر عن مشتر وبذلك يطلب طرحها بالأمر المباشر ويسندها إلى المقاول المعجزة محمد أبوالنصر!! رغم أنه لا يجوز إسناد عمليات إليه تتجاوز قيمتها مليون وسبعمائة وخمسين ألف جنيه بسبب تصنيفه فى اتحاد المقاولين فئة سابعة ويتم تغرير رئيس الوزراء وإفهامه أن شركة أبوالنصر للمقاولات تصنف عالميا على غير الحقيقة وكل الأعمال التى تسند إليه تتم بدون أى استقطاعات سواء كانت ضرائب عامة أو ضريبة مبيعات».

الحقيقة حاولت أن أفهم حقيقة ما دار ويدور فى البحر الأحمر تلك المنطقة الغنية بكل ما يمكن أن تمنحه الطبيعة لمكان من جمال، استمعت إلى معلومات كثيرة، والأهم أنه منذ نشرنا مقالنا الأول لم أكن أتوقع هذا الزخم والاتصالات التى وردتنى والشخصيات التى تفضلت بزيارتى فى مكتبى بالقاهرة وتحملهم عبء السفر من الغردقة، أحد هؤلاء الذين تفضلوا بزيارتى وتحمل مشقة السفر أحد أبرز المقاولين بالغردقة ومن أبنائها، رفض أن أذكر اسمه فهو مازال يعتقد أن شوكة الفساد قوية، ويخشى من بطشها، تحدث الرجل بلغة الصعيدى ابن البلد المعاملة التى تعامل بها سعد أبوريدة خارج نطاق القانون واللوائح، القانون كان فى أجازة، لم يكن أبوالنصر يخضع لقانون المناقصات والمزايدات، هذا المقاول كان يشترط على أبوريدة عدم الدخول فى المناقصات لأنه فئة سابعة!! وكان يتم الإعلان عن 500 وحدة للموقع الواحد يتم إسنادها كلها لأبوالنصر «تركت المقاول الكبير يتكلم دون مقاطعة» لا يتم ترسية أعمال لنا عن طريق العطاءات وتكون الشروط فيها التنازل عن الدفعة مقدمة، بينما أبوالنصر يتم إسناد العمليات له ويمنح 50% دفعة مقدمة وقبل أن تنتهى هذه النسبة يمنح دفعة أخرى 25%!!، يا أستاذ أرسلنا خطابات كثيرة للمحافظ نريد أن نعمل بنفس نظام محمد أبوالنصر ورفض طلبنا تصور المحافظ كان بيقول عندهم بره الغردقة يشتغلوا فيها لكن الغردقة لأبوالنصر بس!! معناه ايه الكلام ده !! المحافظ يسند لأبوالنصر بالأمر المباشر 1000 وحدة فى العقد الواحد بالمخالفة للقانون 104 لسنة 92 بإنشاء الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء وهو فئة سابعة!!, والمعروف هندسيا أن مراحل أعمال البناء لها مدد ومراحل معينة وثابتة بين بعضها البعض، إلا أن أبوالنصر لا تطبق عليه مثل هذه القواعد أو المراحل ويحطمها فى مرحلة واحدة لسبب بسيط، أن المهندسين الذين يوقعون على المستخلصات يقيمون فى القرى السياحية ملك أبوالنصر!! ويستطرد الرجل فى رصد المخالفات التى وقعت فى زمن أبوريدة وتكررت مرة أخرى فى وجود المحافظ الحالى مجدى القبيصى والتى منحت للمقاول المعجزة محمد أبوالنصر يتم إسناد وحدات سكنية له ضمن إسكان المحافظة بالأمر المباشر، ويتم إعطاؤه أراضى لبناء وحدات سكنية مميزة له، ويمنح المحلات الموجودة فى العمارات بالأحياء وأمام مستشفى النيل، كان المحافظ أبوريدة يسحب أراضى مخصصة لأفراد ويعيد تخصيصها لأبوالنصر، مثلا الأرض التى سبق منحها لأشرف لبيب فى جبل الحريم، تم سحبها منه ومنحها لأبوالنصر ينفذ الجزء الأكبر المميز الذى يطل على البحر لمصلحته الخاصة لبناء قرية سياحية له وينفذ الجزء الأمامى للمحافظة، الشقق التى كان يبنيها أبوالنصر مساحتها تنقص عن شقق الإسكان بحوالى 10 مترات فى الشقة بينما يفوق سعرها عن سعر شقق الإسكان بخمسة عشر ألف جنيه!! رغم أنه يتم تضليل المسؤولين بأنها أرخص!!، حتى العقود المبرمة بين محمد أبوالنصر والمحافظة لها طابع خاص وصياغتها تفصيل خاصة فى البند رقم 15 فى العقد الذى حررته الشؤون القانونية بالديوان العام يلتزم بمقتضاه المقاول ببناء مسجد ومساحات خضراء فى كل أمر مباشر يصدر له مقابل السعر المتدنى الذى حصل به على الأراضى إذ لم يتجاوز سعر المتر خمسة جنيهات بينما المواطن العادى يحصل على المتر بأربعمائة جنية على الأقل!! وأثناء مرورنا على مدن مبارك بالغردقة لاحظنا وجود لافتات للتبرع لبناء مسجد كل تقسيم من هذه التقسيمات من مبارك 1 حتى مبارك 12!! ومقابل البند 15 يحصل أبوالنصر على الثلاثة أدوار المميزة ويبيعها لحسابه الخاص بأسعار خيالية سياحية ويعطى المحافظة الدور الأرضى والرابع علوى للموظفين بسعر الوحدة 57000 جنيه يأخذ منها مقدما 75% دفعة مقدمة قبل الشروع فى البناء مقابل خطاب ضمان!! محمد أبوالنصر كان الفتى المدلل للواء سعد أبوريدة، أبوالنصر يحصل على المحلات التجارية التى يقوم ببنائها فى كل أمر مباشر مثل عمارات الأحياء وعمارات مستشفى النيل والمحملة على سعر الوحدة ويبيعها لحسابه الخاص بأسعار سياحية أيضاً، ويشترى أراضى الدولة بتخصيص ومقابل أسعار زهيدة جداً خمسة جنيهات للمتر تقريباً إلى عشرين جنيها كحد أقصى ويبنى عليها فيللات مثل مبارك 6 والأحياء ويبيع الوحدة بـ300000ج، ثلاثمائة ألف جنيه!! والسؤال لماذا؟ لماذا يحصل على كل هذه التسهيلات؟ لماذا تسند إليه كل الأعمال بالأمر المباشر دون غيره؟ وجميع مستحقات أبوالنصر دفعات مقدمة بينما يحرم المقاولون الآخرون من أى دفعات مقدمة !! ويتردد أن صندوق الإسكان فى الآونة الأخيرة أعلن إفلاسه بسبب ما صرف ويصرف لأبوالنصر من الدفع المقدمة بواقع 50% من قيمة العقد الجارى تنفيذه حاليا بواقع 37.500 مليون والذى بلغ العقد فيه 75 مليون جنيه لبناء 1000 وحدة وتم صرف المبلغ خلال ثلاثة شهور رغم أن نسبة الانجاز لا تتجاوز 20% والباقى تشوينات لزرع العمارات التى لا يطبق فيها كود الزلازل، والمهم أن أبوالنصر الذى تقدم له كل هذه التسهيلات لأنه يقوم ببناء سكن اقتصادى كما يزعمون رغم أن العكس هو الصحيح!!
بقيت بعض الأوراق الهامة فانتظرونا..