"الصحفيون تقريبا هم الفئة الأكثر فشلا فى التفاوض لحل مشاكلهم، رغم أنهم يدافعون عن حقوق غيرهم، لهذا من الضرورى أن يكتسبوا مزيدا من مهارات التفاوض". بهذه الكلمات افتتح سعيد شعيب مدير مركز "صحفيون متحدون" أول دورة تدريبية عن التفاوض الجماعى للصحفيين، والتى كشف فيها رجائى الميرغنى وكيل النقابة الأسبق عن سفر نقيب الصحفيين ابراهيم نافع للخارج بعد إقرار الحكومة للقانون 93 الشهير بقانون اغتيال الصحافة.
امتدت الورشة لثلاثة أيام، شملت أبرز خبرات التفاوض الجماعى التى قادتها نقابة الصحفيين ، بالإضافة إلى تدريبات عملية شارك فيها حوالى 18 صحفيا، وتحدث رجائى الميرغنى وكيل النقابة الأسبق عن أزمة القانون رقم 93 لسنة 1995، قائلاً "إن هذا القانون كان أكبر صدمة تتعرض لها النقابة فى تاريخها. وكانت من أشرس المعارك التى خاضتها النقابة، لعدة اعتبارات أولها أنها تمس مهنة الصحافة وكل من يعمل بها، كما أنها تتقاطع وتتماس مع الحريات، فهذا القانون لم يكن يمس الصحفيين فقط بل كل من يمارس الكتابة وحرية التعبير، أى أن قانون اغتيال الصحافة كان يمس أمن وحرية الصحفى"، وعن القانون وطريقة صدوره ومواجهته قال الميرغنى " فوجئ الصحفيون فى صباح يوم 28 مايو لعام 1995 بأن الحكومة كانت تحاول أن تمرر قانون لذبح الصحفيين فى الظلمة".
وتم عقد اجتماع لتحديد إستراتيجية المواجهة فقد حدد الطرق والكيفية التى سيتحرك عليها مجلس النقابة ومن أهمها أنه سيعتمد على الجمعية العمومية اعتمادا كاملا، كما أكد المجلس أنها معركة طويلة النفس، استمرت لمدة عام وأنها معركة المجتمع كله. وكانت الاستراتيجية الرئيسية هى فتح باب التفاوض. فليس منطقيا أن تقول إنك لن تفاوض على الجلاء إلا بعد خروج المستعمر.
وأضاف الميرغنى: استخدمنا العديد من الوسائل منها وضع قائمة سوداء لكل من ساهم فى إعداد هذا المشروع حيث لا يتم نشر أسمائهم ولا صورهم فى الصحف، وكان منهم رئيس مجلس الشعب فتحى سرور. حتى انتهت الأزمة بطلب من الرئيس بالاجتماع مع المجلس والنقيب لمعرفة موقفهم مباشرة. وعرض الرئيس عرضا محددا هو أنه آن الأوان لصنع قانون جديد للنقابة، وفهمنا فورا أن هناك نية للتراجع مع حفظ ماء الوجه للنظام السياسى. وهذا منحنا ثقة أن نمارس ضغطا أكبر كى يتم إلغاء القانون، وقمنا بتشكيل لجنة لإعداد قانون بديل تم انجازه خلال شهرين. لكنه تعثر فى مجلس الشورى وطلب إبراهيم نافع أن يكون الرئيس هو الحكم فى هذا القانون. ثم انعقد المجلس وقدم استقالته للنقيب مما جعل النقيب أيضا يتقدم باستقالته للجمعية العمومية لكن الأخيرة جددت الثقة فى المجلس والنقيب . وكان هذا إنذار بانفلات الأمور وتدخل الرئيس وفتح باب التفاوض من جديد وتم تقديم المشروع ورفضت بعض البنود نظرا لمساسها بالأمن القومى ونحن كان هدفنا الأول إلغاء القانون وبعد التفاوض مع رئيس الوزراء صدر قانون 95/ 96 بإلغاء الحبس الاحتياطى باستثناء جريمة إهانة السيد الرئيس وتم إزالة العبارات المطاطة لكن ارتفعت الغرامات المالية، لكن المحصلة النهائية نجاح كبير وانتصار تاريخى".
فى حين تحدث يحيى قلاش عضو مجلس النقابة الحالى والسكرتير العام السابق عن أهمية انعقاد الجمعية العمومية "هناك بعض الأزمات التى تجعل صوت الجمعية العمومية مسموعا، فالمجلس لا يستطيع أن يعمل وحده، وذلك عن طريق إجراء الاستفتاءات لسمع وجهة نظر الصحفيين وإقامة المؤتمرات العامة فهناك على مدار تاريخ النقابة أربع مؤتمرات عقد أولها فى الستينات ثم فى 1986 وفى عام 1995 ومؤخرا مؤتمر عام 2004، ووقتها كان هذا هو السبب فى الوعد الرئاسى بإلغاء الحبس وتغيرت المعادلة بسبب قوة الجمعية العمومية وتغيرت الكثير من مواد الحبس.لصالح المحررين ويحظر على الملاك عضوية النقابة، ثم جاء قانون 76 لسنة 1970 والمعمول به حاليا والذى يعتبر بمقياس وقته وعصره متقدما إلى حد كبير وأتى بمكاسب عديدة للصحفيين منها ما نصت عليه مادة 3 الخاصة بضمان حرية الصحفيين فى أداء رسالتهم وكفالة حقوقهم والعمل على صيانة هذه الحقوق فى حالات الفصل والمرض والتعطل والعجز، والمادة 48 الخاصة بتسوية مجلس النقابة المنازعات المعنية بين أعضاء النقابة، والمادة 106 الخاصة بالحصول على إجازات بأجر كامل".
وقال قلاش ، إن التفاوض الجماعى هو جوهر العمل النقابى وإذا تم نزع هذا الجوهر تتحول النقابة إلى مجمع خدمات. والعمل النقابى عمل تراكمى وكل مجلس يأتى ليبنى على ما قبله. أم إن كان المجلس جاء ليبدد ما سبق فهذه مشكلة حقيقية وللأسف هذا موجود فى الثقافة المصرية، فكل شخص يعتقد أن البداية من عنده هو، وكان هذا إحدى أسباب استقالتى من عضوية مجلس النقابة. فبعد شهرين من نجاح مكرم محمد أحمد التقينا بصفوت الشريف رئيس المجلس الأعلى للصحافة للتفاوض حول زيادة أجور الصحفيين وبعض الملفات الأخرى. وتحدثت من حيث انتهينا فى مرات سابقة، حيث إننا كنا نطالب أن تأخذ النقابة 5% من الضريبة الـ 15% التى تأخذها وزارة المالية من إعلانات الجرائد والمجلات دون وجه حق. وفوجئت بنقيب الصحفيين يتصدى لى ويقول "إحنا لازم نعيد الحاجات دى من الأول" ، مما دفع صفوت الشريف يقول لى "لما تتفقوا الأول يبقوا تعالوا" وذهبنا وحتى الآن لم نعود ورغم لقائى بأحمد نظيف رئيس الوزراء مرتين إلا أننى لم أتحدث معه بشأن لائحة الأجور لأن الحكومة ليس لها علاقة، والمشكلة كلها عند صفوت الشريف لأنه رئيس المجلس الأعلى للصحافة".
وتابع قلاش قائلا "فى خبرات التفاوض يجب أن يكون العمل النقابى عمل مؤسسى وأن تكون النقابة مستقلة فى مواجهة أى مؤسسة أخرى. وعند مشاكل المنازعات فهناك لجان تسوية المنازعات ، لكن الغريب أن المجلس الحالى لم يشكل هذه اللجنة حتى الآن.
وأكد سيد فتحى مدير مؤسسة الهلالى ، أن مشكلة المشرع المصرى أنه دائما ما يتأخر كثيرا مع مثيلاته فى التعامل مع التشاريع الأجنبية فنص التفاوض الجماعى صدر دوليا عام 1945 ولم يلتفت إليه المشرع المصرى إلا فى عام 2003".
وأكد فتحى على وجود مصر فى القائمة السوداء للبلدان التى تخالف اتفاقاتها الدولية تجاه العمال. كما أن وزارة القوى العاملة كما تذكر منظمة العمل الدولية تعد ولا تفي. ولكن أتفاق التفاوض الجماعى إذا أهتم به العمال فسوف يحقق لهم نتائج جيدة. فالتفاوض الجماعى حقق فى مشكلة طنطا للكتان نتائج ايجابية. ويوجد فى وزارة القوى العاملة إدارة خاصة للتفاوض الجماعى وأذا أردت وزارة القوى العاملة أن تتفاوض مع صاحب العمل فتلجأ إلى هذه الإدارة وتقوم الإدارة بالإجراءات وأما إذا رفض صاحب العمل التفاوض فعليها أن تستبدله مثل اللجوء إلى إتحاد الشركات أو جمعية رجال الأعمال ثم يفرض عليه ما تم التوصل إليه من تفاوض وأساسيات التفاوض الجماعى أننا كجماعة قد نحصل على حلول ونتائج أفضل دون أن نكون فرادى ف 90% من التفاوض يتم بعيدا عن الطاولة وأقصد بها جمع البيانات والمعلومات الخاصة برب العمل وخسائره وأرباحه وثروته الحقيقية لأنه غالبا يقول ليس معى مال وهى حجة موجودة فى كل أنحاء العالم. فإذا ركبنا تاكسى فى القاهرة لابد أن نتفاوض معه وإلا سوف يأخذ منك كل أموالك".
وقال لورى كلامنت المدير الإقليمى لمركز التضامن ، إن الاحتجاجات فى مصر تدعو للزهو ، ولكن كثرتها دليل على فشل التفاوض الجماعى فى تحقيق ما تريده مختلف الأطراف وعن خطوات التفاوض أضاف لورى " التفاوض الجماعى عبارة عن مجموعة من القواعد، أهمها على الإطلاق أن تحدد الأولويات وحتمية المشاركة الجماعية فى كل شيء وعدم استخدام لغة عدائية.
وأضاف لورى ، الحقيقة أن مصر تحصل على كأس العالم فى الاعتصامات والإضرابات، لكن المشكلة أن هذا الزخم دليل على فشل التفاوض الجماعى أو أنه لا يتم ممارسته بكفاءة. ففى التفاوض لابد أن نعرف "لماذا نتفاوض؟ ماذا نريد من التفاوض؟" ثم الخطوة الثانية اختيار الصياغة والخطوة الثالثة تحديد آلية لفض المنازعات تجاه انتهاك رب العمل والخطوة الخامسة إذا وجدت اتفاقية قوية ستقوى العلاقة بين الطرفين والخطوة الخامسة هى العمل الجماعى وقد تكون الأربع خطوات الأولى سهلة بالنسبة لرب العمل أما الخامسة فهى مقلقة جدا له، وأكبر مشكلة وجدتها فى مصر بخصوص التفاوض هو الخوف وعدم المعرفة ، ولابد من عبور هذين الحاجزين.
ورشة "التفاوض شطارة مش خناقة" فى "صحفيون متحدون"
الإثنين، 09 أغسطس 2010 09:06 م
رجائى الميرغنى وسعيد شعيب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة