د. خميس الهلباوى

دستور جديد أولاً

الإثنين، 09 أغسطس 2010 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت فى الأسبوع الماضى عن مطالبتى بأن يسبق أى انتخابات قادمة فى مصر، إقرار دستور جديد يضمن لمصر والشعب المصرى حياة ديمقراطية دستورية سليمة يحكمها دستور دولة رئاسية نيابية تكون السيادة للدستور وللشعب، وتقلص فيه سلطات السيد رئيس الجمهورية بالنسبة لأى رئيس قادم.

وفوجئت بتعليقات كثيرة لم تفهم القصد من مقالى الموجه إلى القوى الوطنية المخلصة، وكانت الإشارة إلى كل من يرغب فى حكم مصر كرئيس للجمهورية أن يبادر أولاً، وقبل موعد الانتخابات وترشيح نفسه، بأن يعبر عن وطنيته وحبه لمصر بالمطالبة والعمل الفورى على اتخاذ خطوات من شأنها تغيير الدستور المصرى الحالى لتقليص سلطات الرئيس القادم المطلقة التى لن يصلح أى رئيس قادم أن يكون عادلاً وناجحاً بوجودها، وهذه السلطات المطلقة أصلاً كانت سلطات استثنائية منحت من الشعب للرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك فى زمن الحرب، واستغلها ويستغلها المحيطون بالرئيس عادة لتحقيق مصالحهم الشخصية، وهى تدفعهم دفعاً للفساد.

ومن تلك التعليقات من يعتقد أن الدكتور البرادعى سوف يغير الدستور إذا تم انتخابه رئيساً، بالرغم من وضوح الموقف، وقد لا يكون الدكتور البرادعى له الحق فى الترشيح مستقلا، والبعض يعتقد فى أشخاص أمثال الدكتور أحمد زويل أو السيد عمرو موسى أو الدكتور الجنزورى أو الدكتور البرادعى، أو أى من غيرهم الكثير، لذلك فإننى أكرر لمصلحة مصر، يجب أن يسبق أى انتخابات للرئاسة، أن نضمن أن يطبق فى مصر دستور يضمن دولة المؤسسات التى تفتقدها مصر، إن قدرات الدكتور البرادعى كمدير لمؤسسة الطاقة الذرية مضافاً لها خبرات السيد جمال مبارك، مضافا إليها خبرات وقدرات جميع من تولوا العمل السياسى فى فترات حكم الرؤساء الثلاثة من رؤساء وزارات أو وزراء أو أقل من ذلك، لا تصلح ولا تقدر على حكم مصر حكماً عادلاً بدون دستور صحيح يقود مسيرتهم، ويحدد العلاقات بين المؤسسات الدستورية للدولة المصرية، فمن يجب أن يحكم هو الشعب عن طريق الدستور وليس الأفراد، إن الدستور هو النبراس والدليل الذى يضىء الطريق لأى مسئول سياسى فى أى دول ديمقراطية لشعب حر.

إن شعب مصر ليس فئران تجارب يمكن إخضاعها للتخمين إلى ما لا نهاية، لقد فقد جيلنا طعم الحياة بسبب التجارب الفاشلة، وامتد هذا إلى أبنائنا وقد يمتد إلى أحفادنا، فلماذا يصر بعض الناس من الشعب أن يخضعوا شعب مصر إلى تجارب فاشلة بدون دستور للبرادعى أو جمال مبارك، أو أى شخص على وجه الأرض، لقد وعينا الدرس عندما فوضنا الثورة تفويضاً مطلقا للتصرف باسم شعب مصر بدون دستور وبدون خبرة، وأرى أنه كفى تجارب، ولنلجأ إلى الدستور المطبق فى دول متقدمة دول نظمها رئاسية برلمانية، ونتتبعها ونستفيد بخبرات تم نجاحها فى دول أخرى، وتوعية شعبنا عليها وعلى حقوقه فيها، ودعونا لا ننادى بأشخاص، ولكن يجب أن ننادى لتطبيق دستور ونظام نافع بأقل قدر من المخاطر.

وأوضح هنا اقتراحى بالخطوات الممكن اتخاذها قبل تلك الانتخابات:
1- تشكيل لجنة من خبراء القانون الدستورى، وهم فى مصر أساتذة كثيرون، لوضع دستور جديد يصلح للمجتمع المصرى.
2- القيام بحملة فورية من الحكومة المصرية وجمعيات المجتمع المدنى الوطنية، لشرح وتوعية أفراد المجتمع المصرى بمعنى "الديمقراطية"، خاصة من ناحية "حقوق وواجبات المواطن" فى دولة ديمقراطية حقيقية، حتى نضمن أن تشترك جميع قوى الشعب فى العملية الديمقراطية لحماية مصر وأمن مصر القومى من هؤلاء الشرذمة المعروفة.
3- إصدار قرار أو قانون فورى بضرورة استخراج بطاقة انتخابية لكل مواطن بلغ سن الرشد، وفرض غرامات كبيرة على من يتخلف عن استخراج البطاقة الانتخابية، وذلك لضمان اشتراك جميع أفراد الشعب فى الإدلاء بأصواتهم، والاشتراك فى العملية الديمقراطية وحماية النظام الديمقراطى المصرى، ورفع ثقافته الديمقراطية.
4- إصدار قرار أو قانون فورى بإلزام ووجوب أن كل مواطن مصرى يحمل بطاقة انتخابية بالإدلاء بصوته، فى الانتخابات التشريعية والنيابية، وفرض غرامات كبيرة على من يتخلف عن الإدلاء بصوته، حتى يخرج المجتمع عن سلبياته فى استخدام حقوقه السياسية، وفى حالة تنفيذ الخطوات 1 و2 و3 نكون قد حركنا نسبة الـ77 %80 %المهشمة من الشعب المصرى حتى يكونوا إيجابيين فى حركة الانتخابات، وأعتقد أنه سوف يبرز من بينهم وطنيون مخلصون كثيرون، وكوادر أكثر قدرة وكفاءة من الكفاءات الحالية، يعملون على المشاركة فى تأكيد الديمقراطية، ويصبح المجال غير مقصور على الأصوات الحالية وبعض المحترفين البارعين فى التحايل على الانتخابات.
4- إطلاق حرية إنشاء الأحزاب غير الدينية، وبشرط عدم الخلط بين النشاط الدينى والنشاط السياسى، وبتطبيق هذا البند يصبح الشعب كله ممثلاً فى أحزاب يبرز منها الأحزاب الفعلية القوية الممثلة للمجتمع الحقيقى، مجتمع الـ 80 مليون مصرى كاملاً.
5- إصدار قانون محاربة ومقاومة الإرهاب لحماية الدولة من العمليات الإرهابية أو العمل فى هذا الاتجاه، وحماية الدولة من القيام بأى مظاهر من شأنها تهديد الأمن القومى المصرى، كما يجرى فى الدول الديمقراطية المهددة من الجماعات الإرهابية أو الطابور الخامس أو التيارات الدينية المتشددة، وإصدار قانون الإرهاب وإلغاء قانون الطوارئ سيكون بمثابة الأسنان الحادة للديمقراطية.

6- وضع قواعد وشروط جديدة للترشح لعضوية المجالس التشريعية والمجالس المحلية، ومجالس البلديات، للتأكد بدقة من الوطنية والشفافية والكفاءة.. إلخ، بحيث لا يسمح النظام الجديد بتسرب أى مرشح سيئ السمعة أو السلوك، أو ذوى السوابق، أو الذين يعملون بالتجارة بعد نجاحهم فى الانتخابات أو التربح بطريق مباشر أو غير مباشر بالحصول على التوقيعات للحصول على امتيازات لهم أو لذويهم بطريق مباشر أو غير مباشر، بسبب حقهم فى استجواب الوزراء، وتنقية شروط الترشيح ستمنع تجار المخدرات والأميين والانتهازيين من ممارسة التجارة فترة عضويتهم فى المجلس، ومنع التربح من عضوية المجلس، واستجداء التوقيعات من الوزراء لتحقيق مكاسب من أى نوع وبأى طريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومحاربة ومحاصرة الفساد بأقصى ما يمكن.
7- تفعيل وإحياء دور المحكمة الدستورية العليا وإحكام حقها وسلطاتها التشريعية القانونية، بحيث تستطيع القيام بواجباتها الدستورية، وفقاً للدستور بدون تدخلات أو إعاقات لمحاسبة المسئولين، والفصل فى القوانين، والمحكمة الدستورية العليا يجب أن تقوم بمسئوليتها وسلطاتها فوق رؤوس الجميع، وفقاً للدستور.
8- تفعيل النصوص الدستورية فى الفصل بين السلطات، وفى وضع قواعد وضوابط ديمقراطية للسلطة التنفيذية، وشروط موضوعية لشغل وظائف الوزراء والمستويات الوظيفية الأدنى، مع تحرير القوانين الإدارية من الروتين، وزيادة المحاسبة، وتشديد العقوبات للمخالفات والإهمال فى العمل فى الوظائف الحكومية، وإيجاد ديناميكية فى التعامل بين الوزارات المختلفة، وخضوعها للجهات الرقابية وتفعيل القوانين المنظمة لذلك وتعديل المطلوب تعديله منها، وتحديد نطاق سلطات كل وزارة وحدود اختصاصات الوزراء بطرق أكثر وضوحاً، بما يتناسب مع الظروف فى البلاد الديمقراطية، والتحكم فى تصرفات الوزراء وتحملهم مسئولياتهم، لا أن يناموا فى مكاتبهم حتى يتلقوا أوامر من السيد الرئيس.
9- أن يتخلى السيد رئيس الجمهورية، عن رئاسة أى حزب سياسى، حتى يدعم مبدأ المساواة فى الدستور، وحتى لا يعطى فرصة للانتهازيين أن يندسوا داخل الحزب الذى ينتمى إليه، لاستغلال أى فرصة يستطيعون بها الحصول على مكاسب شرعية وغير شرعية، بسبب قوة الحزب الناتجة عن رئاسة السيد الرئيس له، والتزاماً بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب، وبتخلى السيد الرئيس عن رئاسة الحزب الوطنى، نتوقع أن يعود الكثير من أعضاء هذا الحزب إلى الأحزاب التى تمثل الاتجاهات الحقيقية لهم، بدلاً من تمسحهم بالحزب تقرباً إلى السيد الرئيس بسبب رئاسته للحزب، ويشعر الشعب كله أن الرئيس هو رئيس جميع المصريين وليس أعضاء الحزب الوطنى فقط مما سيزيل الاحتقان بين الأحزاب.

10- إجراء انتخابات حرة لجميع المجالس التشريعية والمحليات بشفافية كاملة مع قبول رقابة المجتمع المدنى ورقابة دولية، وتعمل المجالس التشريعية والبلدية بنفس النظام المتبع فى الدول الديمقراطية من ناحية الانتخاب وديناميكية الاختصاصات والتصرفات، وعندها لن يكون هناك خوف من إجراء الانتخابات الحرة الشفافة بدون تزوير بشرط الرقابة الحقيقية لمنظمات المجتمع المدنى غير المنحازة لأحزاب أو جماعات فى المجتمع المصرى، مع رقابة دولية، والانتخابات ستفرز مصريين عباقرة يمكنهم تحريك الماء الراكد فى المجتمع، وعندها يصبح التمثيل فى المجالس تمثيلاً أكثر موضوعية عن الوقت الحالى.

فلا تظلموا الشعب المصرى وتسلموه لمن يجرب فيه سياسة شخصية أخرى والجأوا إلى دستور جديد عادل يحمى هذا الشعب إذا كنتم بجد مصريين.

* دكتوراه فى إدارة الأعمال ورجل أعمال.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة