على الرغم من أنه ما زال هناك الكثير من الوقت قبل عقد انتخابات مجلس الشعب القادمة، إلا أن الدعاية واللافتات بدأت تكسو الشوارع والميادين والدعاية هذا العام تختلف كثيرا عن أى عام مضى، فلم تعد اللافتات مصنوعة من القماش ولا الصور ورقية مثلما كان يحدث فى الماضى، بل الظاهرة الجديدة هذا العام أن اللافتات كلها مصنوعة من البانر (لوحات كمبيوتر).
ولأنى أعمل فى مجال التعليم، فأنا أستخدم اللوحات البانر كوسيلة إيضاح للطلاب وأعرف تكلفتها جيدا وظللت أحسب عدد اللوحات فى سعر اللوحة وجدت أن ما صرف على إعداد هذه اللافتات الدعائية يكفى لحل عدد لا بأس به من الشباب البائسين الذين لا يجدون مسكنا ولا عملا ولا دخلا ولا حتى قوت يومهم وظللت أتأمل هذه اللافتات وأفكر ماذا يعنينى أو يعنى غيرى أو يفيد البلد من عرض هذه الصور للمرشحين بهذه الكثافة، وبهذا الشكل وسألت نفسى هل هم مرشحون لعضوية مجلس الشعب أم لبطولة فيلم سينمائى أو مسرحية؟! وعلى الرغم من الاختلاف بين الدورين (كما يجب أن يكون)، ولكن الواقع أثبت أن الاختلاف طفيف فلم يعد هناك اختلاف كبير فى الجوهر بين ساحة مجلس الشعب وأى مسرح كبير.
وساعتها وجدت نفسى أفكر فى الأمر وكأنه كان غائبا عنى لمن سأعطى صوتى فى الانتخابات القادمة؟؟
وتزاحمت فى زهنى الأفكار، هل أعطى صوتى لمن هو أكثرهم التزاما وخلقا المعروف عنه طهارة اليد ونظافة الزمة ثم نكتشف بعد عدة سنوات أنه رمز من رموز الفساد!
أم أعطى صوتى لمن هو أقدر على الجدل والنقاش والمشاركة فى إعداد التشريعات والقوانين وفرض الجديد من الضرائب حتى يستطيع الشعب أن يجد منفذا للتخلص من الكم الهائل من الأموال التى لديه!
أم أعطى صوتى لهذا الفهلوى (الحالنجى) الذى لديه القدرة فى الحصول على تأشيرات الوزراء حتى يساعدنى فى الحصول على فرصة عمل أو سكن مدعم ويكون لى واسطة لها وزن!
أم الأفضل أن أعطى صوتى لصاحب الشعارات الرنانة رجل الخطب والمبادئ الذى يستطيع جذب الأنظار والحصول على أكبر قدر من التسفيق والإعجاب وأكثرهم ظهورا فى برامج التوك شو!
أم نتبع مبدأ الطيب أحسن ونلتزم العضو الطيب الأمير الذى لا توجد فى بيته غرفة للنوم فيرشح نفسه تحت مسمى نواب الصمت يذهب للمجلس كى ينام فى هدوء تحت مكيفات الهواء ويا دار ما دخلك شر!
وكنت ساعتها قد عدت لتوى من شراء بعض مستلزمات المنزل من طعام وما إلى ذلك وعندما شاهدت الأسعار الجديدة بمناسبة العشرة فى المية وقدوم رمضان اتخذت قرارى على الفور.
لن أعطى صوتى لأى من هؤلاء، وإنما سأعطيه للمرشح الوحيد الذى يستطيع تدبير خطة إنفاق لى وعمل دراسة جدوى كيف أستطيع أن أنفق راتبى حتى نهاية الشهر، وعلى الرغم أنى أعمل منذ ستة عشر عاما إلا أن راتبى لا يتعدى الثمانمائة جنيه فإن استطاع أى من هؤلاء المرشحين المحترمين أن يقوم بإنفاق هذا المبلغ ويكفينى وأولادى من مأكل وملبس ومشرب وعلاج طوال الشهر على نحو متوسط لا نبغى إلا ضروريات الحياة اليومية بعيدا عن الترفيه، فسوف أعطيه صوتى فورا ولن أسأله عن حقى وحق أولادى فى تعليم وعلاج ولا عن حقى فى طريق وشارع ممهد ولا عن حريتى وشعورى بالأمن والأمان ولا عن حرية رأى وفكر بدون خوف ولا عن حقى فى مستقبل على أرض وطنى لا أظلم ولا أهان ولا يضار بكرامتى داخل أو خارج وطنى ولا عن حقى فى وطن أفتخر وأتباهى أنى أنتمى إليه به كل ما أريده منه أن يعرفنى كيف يكفينى الراتب حتى آخر الشهر!!
عبير حجازى تكتب: لمن سأعطى صوتى فى الانتخابات القادمة؟
السبت، 07 أغسطس 2010 09:20 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة