تذهب سلمى لشراء مستلزمات البيت من لحم وخضرة وخلافه من أبو مرعى.. أبو مرعى سمعه ضعيف وبصره أيضا بحكم السن.. ولذلك يساعده صبى فى محاوله فهم مايريده الزبائن.. أبو مرعى رغم ذلك ليس مقتنعا بأن سمعه قد وهن بل يضع فى قراره نفسه أن من يحادثه هو الذى لا يسمع وليس هو.. تدخل سلمى إلى دكانه منادية بصوت مرتفع: ياااااااااأبومرعى.
يرد وهو ذاهل: آ..آ. مين؟
- أنا سلمى..
- يرد أبو مرعى: شو قولتى..؟
فيوضح الصبى بصوت عال لأبو مرعى: هيدى سلمى يا أبو مرعى.
- أبو مرعى مرحبا: كيفك كيفك ياسلمى؟
- سلمى: نشكر الله.
- فيرد أبو مرعى: شو قولتى؟
ولأن أبو مرعى قد قلنا إنه لايسمع إلا بعد جهد جهيد يسرع الصبى موضحا بصوت أعلى: عم بتقولك.. نشكر الله..
فتهمس سلمى فى نفسها: يا مسكين يا أبو مرعى شو سمعه تقيل..
وفى ذات الوقت يقول عنها أبو مرعى لنفسه نفس الكلمات: يا مسكينه يا سلمى شو سمعها تقيل..
تطلب سلمى من أبو مرعى بصوت أعلى ما تحتاجه: يااا أبو مرعى بدى بواجى (بواجى بمعنى فاكهى باللبنانى)..
يستفسر أبو مرعى عن الذى قالت: شو قولتى..؟
يتدخل الصبى ثانية موضحا أنها تريد بواجى..
يرد أبو مرعى: تكرم عينيك ياسلمى..
فتعاجله سلمى بطلب آخر: ولحم وخضرة..
فيتساءل أبو مرعى عما قالت: شو قولتى..؟
فينطلق مساعده الصبى بصوت أكبر فى أنها تود لحما وخضرة..
فتهمس سلمى لنفسها بحزن: يا مسكين يا أبو مرعى شو سمعه تقيل..
فى نفس الوقت يهمس أبو مرعى لنفسه بحسرة على سلمى بأن سمعها تقيل..
الأغنية جميله لمطرب المطربين وديع الصافى وهدى حداد.. فيها بساطة وتلقائية وفن جميل لكن بقليل من الفكر اكتشفت أنها تتناول وتترجم حالنا الآن بالضبط بدون أى فلسفة فنحن فى كل يوم نكتب فى الصحف والمنتديات ونتكلم فى القنوات الفضائية الخاصة (قنوات الحكومة.. لا. طبعا!) ونجرى لنستغيث يالمنظمات الحقوقية والمفكرين البارين بهذا الشعب البأس عن الفساد المنتشر واللعب فى البيانات والأرقام وسخافة إنجازات البنية التحتية والتى طال التغنى بها مع أن الكل يشكو منها والضحك على الذقون من معدلات النمو المرتفع مع أننا لا نجد شيئا فى الواقع سوى المزيد من انخفاض إنسانيتنا عند الحكومة فنطلب ونطالب بانكسار كالمتسولين بإلقاء نظرة شفقه أو رحمة على قطاعات وشرائح كبيرة العدد لا يجدون قوت يومهم.. وعن المآسى والأوجاع التى اتعبتنا لحد الإنهاك ومع أن أصواتنا عالية صارخة.. لكن النظام لا يسمع فلقد وهن سمعه وضعف بصره ولم يعد يلتفت أو يحاول حتى أن يكون له صبى مثل الذى يعمل عند أبو مرعى لنقل وترجمة ما نقوله بأمانة لأنه واثق أنه يسمع ويرى دبة النملة وأن الإنجازات حدثت ونحن لا نراها فلا يهم صراخنا لأن العالم كله يشيد بحكمته وقدرته وثباته.. أما نحن فنبخسه حقه.. ونهاجمه لأننا نمارس الديمقراطيه غلط!ّ نحن فى واد.. وهو فى آخر.. فكان طبيعيا أن يكون حظ سلمى أحلى.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة