صورة شخص يكتب
المصريون أصبحوا مهمومين بالكتابة أكثر من أى شىء آخر، وزاد عدد المهتمين بالكتابة حتى أصبحوا كلهم صحفيين وإعلاميين، يوميا أتصفح الجرائد والمجلات حتى صفحات النت والمواقع المختلفة، رأيت شيئا جديدا هو أن معظم المصريين يكتبون مقالات سياسية وفنية ورياضية، الكل يكتب ما يشاء وكأنهم ملهمون أو أن الحال انصلح بكتاباتهم وآرائهم أخذت أفكر وبداخلى شحنة رهيبة من الأفكار حتى أننى تأملت أحوال البشر من حولى فاتضح أن شيئا جديدا لم يحدث منذ سنوات طويلة مفيش مقال أحدث ثورة أو نقلة أو بدل وضعا مغلوطا..
الناس تقرأ الخبر أو المقال من هنا وترميه وراء ظهرها بعد ثوانى وكأن شيئا لم يحدث وحال البلد زى ما هو مفيش جديد بل يزداد سوءا! سؤال قد يتبادر إلى أذهان الجميع من القرّاء أو الكتّاب على حدّ سواء.. لماذا نكتب؟! هل نكتب ليقال إننا مثقفون أو كتّاب مثلا! أم نكتب لنمارس البحث عن ذواتنا الإنسانية؟ أم لا.
إنما نكتب لنمارس حقنا فى تقويم الاعوجاج وتهذيب ما يمكن تهذيبه أو إصلاح ما يمكن إصلاحة! كلها أسئلة مشروعة ومن حق البعض أن يطرحها، لأن كل ما يُكتب ويُنشر هو أمانة ومسئولية.. للسؤال واقعية ويجب أن يكون للجواب كذلك.. فالكتابة المسئولة ليست ترفا فكريا يمارسه أهل الإبداع فاقدو الوصول إلى الغاية أو رد فعل مزاجى شخصى.. إنما الكتابة ترجمة لهمومنا وواقعنا الأليم وحبنا لوطنا الغالى مصر على كل الأصعدة لا سيما السياسى منها و الاجتماعى أو حتى الرياضى.. لم تعد مصر كما كانت منذ عقود.. أنا شخصيا أكتب دائما تشخيصا لمعاناة أنهكت البسطاء والفقراء والمعدومين، وهم بشر لهم علينا حقوق وواجبات..وواجبنا أن نقف بجوارهم حتى النهاية لأنهم فى النهاية بشر مثلنا تماما..
أكتب لأترجم صرخة مدوّية ضد فساد طال كل مفاصل الدولة وأنهك شعبها، ووجهاء مصر يعيشون فى طرف ونعيم وخير وباتوا يشرعون لأنفسهم قوانين وامتيازات على حساب بؤس البسطاء من أهل مصر وحكومتنا الرشيدة باتت عاجزة عن حماية الفقراء والمعدومين، وهم بالملايين، أنا أكتب وأصرخ يوميا لإيصال صوتى لمسئول وأقول لهم إن هناك من يقتات من المصريين من أكوام القمامة وينامون على الأرصفة وتحت الكبارى وأن هناك بشرا يتقاضون ملايين، أين العدل والمساواة؟ سيسألكم الله يوما أم نسيت أن هناك حسابا وأن هناك عقابا..
أنا أكتب لتشخّيص الأخطاء لعلّها تصلح فى إعادة بسمة على وجه محروم أو إعادة حق مسلوب، أكتب لأذكركم أنكم سهلتم لأشخاص عبروا ووصلوا إلى منتهاهم على جثث وجماجم البسطاء والفقراء والضعفاء من أهل مصر.. أكتب لأكشف زيف وأباطيل ديمقراطية عمياء مدّعاة.. أكتب لأمارس أضعف الإيمان فى مواساتنا لدمعة طفل يتيم منسى أو أرملة تفتش عن لقمة عيش حاف بعد رحيل عائلها.. أو عجوز عاجز عن إطعام نفسه أو شاب فشل لإيجاد فرصة عمل فأقدم على الانتحار عرفتم أنا باكتب ليه.. هذه بعض حكايتنا وسبب كتاباتنا.
