المحروس نادى الزمالك مرآة نقية جداً للمحروسة مصر.. إذا أردت أن تعرف حال أرض الكنانة يمكنك ذلك بسهولة إذا عشت وقتاً مناسباً من الزمن فى أرض العكننة بميت عقبة.. لا تنخدع بأول تصريح أو أول رأى أو أول رد فعل، عليك الانتظار لأن ما سوف تسمعه فى البداية سترى نقيضه فى النهاية.. ليس هذا اجتهادا أوتحليلاً، وإنما معايشة قريبة جداً من الحقيقة.
تستطيع مثلاً أن تتوقع زيادة الأسعار بل وتجزم بها إذا طالعت صباحاً فى جريدة قومية خبراً لوزير أورئيس الوزراء ينفى بشدة زيادة الأسعار.. وعليك ألا تتوقف كثيراً عند خبر مثير، يصاحبه تصريح نارى من مسؤول بالزمالك بأن جدو«العظيم» سوف يخسر حاضره ومستقبله، لأن أبرز نجم فى تاريخ الكرة المصرية أحاط نفسه بهالة من الفزع وصراعات الذمم الميتة.. لأنه فى النهاية سوف يخرج علينا نفس المسؤول ليقول لهؤلاء المنفزعين عفا الله عما سلف، الصلح خير، والخير ما أكثره فى رمضان.
وإذا سألت عن سبب هذه المفرمة من الكذب والتضليل والتدليس وسوء الأخلاق لن تعرف شيئاً.. ليس هناك مقاييس محددة بنى عليها الكذابون تغيير مواقفهم، ولم تكن هناك حسابات لسيناريوهات الجعجعة والوعد والوعيد.. سوف تفاجئك قرارات أخرى عجيبة.. إما أن تنال الوزارة صاحبة قرار رفع الأسعار رضا القيادات الأعلى، لأنها ضحت بأبناء مصر من أجل أن تعيش مصر.. فإذا مات الجنين يمكن للأم أن تنجب غيره، ولا غبار أبداًً أن نضحى بعدة أجيال من أجل أن تعيش الأجيال الأخرى القادمة، إذا كان مكتوباً لها أن تعيش.. وسوف يغضب مسؤولون آخرون فى الزمالك، ويقدمون استقالاتهم احتجاجاً على زملاء لهم طالتهم أيادى الوسطاء محترفى جلسات المصاطب وما أكثرها فى شهر رمضان.. وهؤلاء المستقيلون أنفسهم سوف تطولهم أيادى نفس الوسطاء ليصححوا خطأهم، ويعدلوا عن الاستقالة.. وتتحول القنبلة الذرية التى كان الزمالك يهدد بإلقائها على منطقة الجبلاية حيث مقر قيادة الكرة المصرية بجناحيه اتحاد الكرة والأهلى إلى «بمبة» يبدأ بها الأطفال الاحتفال بعيد الفطر.
ويبدو أن الجميع «أخذ بمبة».. جدو لعب فى الدورى، ولم ينفجر فى اللعب مثلما انفجر فى الوسط الرياضى.. اكتشف الجميع أنهم كانوا يحاربون ويتقاتلون ويشوهون أنفسهم من أجل «السلطانية».. بدليل أن استغاثات الجهاز الفنى للأهلى لم تتوقف، ومازالت تطالب بتدعيم الهجوم.. ليس لأن جدو سيئ، بل لأنه عادى لا يستحق حرباً وصراعاً واقتتالاً عليه.
وفى نفس الوقت كان موقف الزمالك كالعادةـ كوميديا غير معروف.. لا تستطيع تحليل لماذا امتلك هذه الثقة العمياء، وهو يتوعد جدو بعظائم العقوبات وتدويل قضيته، ثم لماذا ترنح هذا الموقف حتى أصبح باحثاً فقط عن الصلح المجانى بلا تعويض ولا ثمن للخداع والخيانة.. والجمهور والإعلام والمغرمون بقضايا الثأر التى تعززها حرب النجوم والانتقالات امتلكوا وقتاً للتسلية وشاهدوا فيلماً من الإثارة أنهاه المخرج حسب طلب الرقابة والرقيب.
وإذا كانت التسلية فى حد ذاتها مطلبا لا غبار عليه من المتفرجين حتى لو قدم الفيلم مشاهد خارجة وفاسدة.. إلا أن هذه المشاهد لا تصلح أبداً كتسلية فى عرف وتقاليد المجتمع والدولة.. فالذى يزور ويخون الأمانة، ويلعب فى الأوراق، هو فى الحقيقة مجرم يجب أن يدفع الثمن.. والدولة التى تفرق فى الإجرام بين القوى والضعيف تظل لم تدخل دنيا بعد، وليست منتمية إلى من قضوا من قديم الأزل على قانون الظلم الاجتماعى الذى تأسس فى الجاهلية على مبدأ، إذا سرق فيكم الشريف تركتموه، وإذا سرق فيكم الضعيف أقمتم عليه الحد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة