فؤاد قنديل يكتب "الوطن هو الأصل"

الأحد، 29 أغسطس 2010 11:13 ص
 فؤاد قنديل يكتب "الوطن هو الأصل" فؤاد قنديل<br>

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر ليست فقط النيل والأهرامات والقلعة والسد العالى وجامع السلطان حسن والأقصر والإسكندرية والمنيا وأسوان وغيرها من المعالم المادية ، لكنها أيضا وقبل كل هذا هى التاريخ والجغرافيا والتراث والدين والفنون والآداب وعظماء الأعلام المخلصون الذين لم يفكروا إلا فى تقديم إضافات مهمة لمعنى الوطن .. ولم يحولوه إلى سبوبة ( نحن الآن نعيش عصر السبوبة التى لا تعرف الرحمة ) الوطن ليس فقط المبانى ولكنه كل ما يقبل الخلود ، المعنوى قبل المادى . الوطن هو الروح أيضا والقيم .. و هو الأم التى تأسى لأتراح أبناءها وتسعد لأفراحهم .

إطلالة عابرة فى صفحات التاريخ تعرض لنا محاولات لا حصر لها لنصرة الوطن ورفعة شأنه قام بها الراشدون من وجهة نظرهم، وفى بلاد كثيرة حدث هذا ، واكتنفت المبادرات التى استهدفت تقدم الأمم مبالغات بل وحماقات مثل ما جرى لألمانيا وأوروبا على يد هتلر وموسيلينى ، ولكنهما تصورا أنهما يقدمان على ذلك من أجل الوطن ، كما تصور نابليون بحروبه فى أوروبا وأفريقيا أنه ينقل فرنسا إلى الصدارة .

وفى مصر حاولت جماعات كثيرة من الشيوعيين والوفديين والإخوان المسلمين وعدد من الأحزاب وشتى أطياف المناضلين كل حسب نظرياته ومعتقداته استنقاذ الوطن من الذل والحرمان والجهل .. حاولوا بكل إخلاص إلى درجة الموت أن يضعوا أقدام المصريين على الدرب الصحيح، ذلك أنهم كانوا على يقين أن الهدف هو الوطن .. الوطن الذى يعد الحضن الكبير والأرض التى نقف ونعيش عليها وبدونها التيه والعذاب .

اجتهد المفكرون والمثقفون والثوار فى تقديم الرؤى والسعى لتحقيقها فى الواقع من أجل الحبيبة مصر ، حتى من تصور أنه فى الحقيقة يدين بالولاء لماركس ، ومن اعتقد أنه إنما يسعى لترسيخ حب الله فى النفوس واتباع منهج رسوله الكريم ، كان فى الحقيقة يحاول استرداد الوطن بطريقته وعلى مذهبه ووفقا لما اعتقد .. بدليل أن الجماعات الإسلامية ( ليس هنا مجال الحكم عليها ) لم تشتعل وتتأجج نيرانها إلا فى حالات فشل الأنظمة وسوء أحوال الجماهير وانتشار الفساد .

لم يتحرك الملك عبد العزيز بن سعود لجمع أشلاء الجزيرة العربية من أجل الدين ولكن من أجل الوطن ، وهكذا فعل غريبالدى فى إيطاليا ، ولم يناضل جيفارا من أجل الشيوعية ولكن من أجل حرية الأوطان ، ولم يكن ينوى مهاتير محمد تقديم صورة للغرب عن الإسلام الجديد الحق الذى يعتمد على العلم والعمل والنظام ، ولكنه كان يفعل ذلك من أجل وطن مبدد وضال . ولم يقاوم الهنود الحمر وحشية الغزاة فى أمريكا الشمالية من أجل الكنوز المخبأة فى الأرض ولا من أجل أى معتقد بل من أجل الوطن ، ولا يدافع الفلسطينيون عن القدس من أجل الدين ولكن من أجل رمز الوطن .

الوطن إذن هو الأصل، وهو الهدف، ومن أجل ازدهاره تحرك الثوار من الطهطاوى الذى لم ينتم لمذهب محدد لكنه استخدم كل الوسائل وأولها العلم من أجل سلامة الوطن وتقدمه، مرورا بالنديم وعرابى ومصطفى كامل وسعد وطلعت حرب الذى غرد خارج السرب وقد عشق الوطن بطريقته ، وبالطبع كان منهم محمود مختار أحد صناع نهضة مصر الفنية وسيد درويش وطه حسين وبيرم وأم كلثوم وحسن البنا الذى يختزله الكثيرون فى الدعوة الإسلامية ، وهو فهم قاصر بدليل أنه كان يبنى شبابا بالدين والعلم والقوة، وهو عاشق للوطن أرقه حال بنيه، إلى أن نصل إلى ناصر الذى لم يعرف غير الوطن ، والوطن عنده ليس مصر وحدها ، وإن كانت البؤرة .

الوطن هو الأصل، وهو الشمس وقبل المنافع والمكاسب وقبل المناصب وكل أشكال السلطة وقبل كل الانتماءات .. الوطن .. هو الحل . الوطن ..هو الحل ، ولا يكون الوطن هو الحل إلا بالضمير.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة