هل يمكن أن تكون كل الأزمات الحياتية التى يعيشها المصريون هذه الأيام من قطع مستمر للتيار الكهربائى، على غير العادة، وارتفاع الأسعار الجنونى وانقطاع المياه، سببها جمال مبارك؟
وهل يمكن أن تكون هناك مؤامرة يقوم بها فريق من المتنفذين يسعى إلى استمرار بقائه فى السلطة، ومحاربة أى تغيير يمكن أن يحدث من الداخل، عبر ضرب فكرة ترشح جمال مبارك للرئاسة، فسعى هذا الفريق إلى تصعيد المشاكل فى هذا التوقيت الحساس، قبل نحو العام من انتخابات الرئاسة، خاصة أن هذه المشاكل ما كانت لتحدث بدون قرار من السلطة التنفيذية؟
ففجأة وفى عز الموجات الحارة التى تصيب البلاد، وتزامناً مع شهر رمضان الكريم، تقوم السلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة الكهرباء بقطع الكهرباء عن الناس الغلابة لمدد تبدأ من نصف ساعة، وتتجاوز أكثر من 12 ساعة، بحسب مستوى المنطقة ووضع ساكنيها، حيث لا يزيد انقطاع التيار الكهربى عن أماكن مثل مدينة نصر عن نصف ساعة، بينما تستمر فى مناطق مثل الخصوص لأكثر من نصف اليوم، وهو ما تزامن مع انقطاع للمياه عن مناطق عدة وارتفاع الأسعار بدرجة جنونية خاصة اللحوم التى نسى شكلها وطمعها عدد كبير من المصريين.
يحدث هذا قبل انتخابات الرئاسة المقررة بعد نحو العام، ومن المعروف أن الدول التى تنظر إلى انتخابات الرئاسة بجدية، تبدأ حملاتها الانتخابية الرئاسية قبل موعدها بفترات تصل إلى عامين ولن أتحدث هنا عن الولايات المتحدة التى تعيش فى حملة انتخابات رئاسية بشكل يكاد يكون مستمرا سواء داخل الأحزاب او على المستوى القومى.
يقول عامل التوقيت ان المستهدف من هذه الأزمات، هو ضرب فكرة ترشيح جمال مبارك للرئاسة والدليل على ذلك، رغم ما فيه من تناقض ظاهر، هو تلك الملصقات التى انتشرت فى مصر تدعو إلى اختيار جمال رئيساً.
الانطباع العام السائد فى شوارع مصر هذه الأيام أن "دى بلد ما لهاش صاحب" يتصرف فيها كل شخص بحسب ما يملك من سلطة ودون خشية من عقاب.. وامتد هذا السلوك إلى رجل الشارع العادى.. فصاحب المحل التجارى يستولى على الشارع ببضاعته دون خوف من رقيب أو حسيب.. وصاحب السيارة يدق "خازوقين" أمام بيته أو تحت الكوبرى المواجهة لمنزله، ويمدهما بسلك ليحجز المكان لركن سيارته دون خوف من كبير أو صغير أو اعتبار لقانون.
وفى ظل حال الفلتان التى نشاهدها فى الشارع المصرى وعلى كل الأصعدة تعودنا على وجود انضباط شديد فيما يتعلق بالأمن السياسى، فأجهزة الدولة سخرت قدراتها وإمكاناتها وركزنها لفترة طويلة على الأمن السياسى.. على حساب الأمن الجنائى طبعاً.. ولكن المصيبة ان حالة الفلتان التى يعيشها الشارع المصرى امتدت إلى الجانب الذى يؤمن السلطة، وهو الأمن السياسى.
ألا يثير الشك أن هذه الأجهزة لم تتخذ موقفاً من حملة تأييد ترشيح جمال، رغم ما نشر عن غضب الرئيس محمد حسنى مبارك منها.. وتبرؤ وتنصل وغضب جمال مبارك منها ونفى وجود أى صلة له بها .. وهو ما يثير السؤال عن السبب الذى يدعو هذه الأجهزة إلى الانتظار رغم غضب الرئيس.. أليست هذه الأجهزة هى التى تقرأ ما فى ذهن الرئيس وتطبقه دون تردد، فكيف تقف عاجزة بعد أن ابدى الرئيس غضبه من هذه الحملة.
وفى النهاية أعيد طرح السؤال بشكل آخر.. هل يمكن أن يكون جمال مبارك هو كلمة السر وراء ما يحدث من أزمات مصطنعة فى وقت يعج فيه الشارع السياسى بالغضب والدعوة إلى التغيير؟ وهو ما دفع فريق فى السلطة يسعى إلى استمرار الوضع القائم ورفض أى تغيير حتى لو من داخل السلطة نفسها؟ فبادر هذا الفريق إلى إثارة هذه المشاكل ليبقى الوضع على ما هو عليه حتى إجراء الانتخابات الرئاسية 2011 وبعدها يكون لكل حدث حديث؟ سؤال أدعوك عزيزى القارئ إلى محاولة التفكير فيه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة