وقعت الخارجية الأمريكية ومشرعو الكونجرس بخطأ قاتل بعيد الاشتباك الأخير على الحدود اللبنانية – الفلسطينية والتى أدت إلى قتلى وجرحى من الجيشين اللبنانى والإسرائيلى، وتجلى هذا الخطأ بقرار عدم تسليح الجيش اللبنانى ووقف أى مساعدة عسكرية بطلب إسرائيلى واضح ومعلن، مما أعطى الفرصة لإيران لمحاولة اختراق نقطة الضعف اللبنانية بعرض لتسليح الجيش اللبنانى من خلال السفير الإيرانى فى بيروت ومن بعدها كلام حسن نصر الله عن الأمر ومباركته الخطوة باعتبارها خطوة مهمة لحماية الحدود والجيش معا.
إن القرار الأمريكى قد يبدو غريبا بعض الشئ خصوصا أنه سيرمى لبنان فى الأحضان الإيرانية إن استمر القرار الأمريكى ومن بعده الضغط الأمريكى على الدول الأوروبية والخليجية بوقف أى نوع من التسليح للجيش اللبنانى، إن القرار الأمريكى الفاتح الباب أمام السياسة الإيرانية لاستغلاله قد يؤدى أيضا إلى أمرين، الأول أن يتم فعلا تسليح الجيش اللبنانى من قبل إيران وهو الأمر الذى سيضع لبنان فى دائرة الاستهداف الدولى من جديد، والأمر الثانى خلق الفوضى فى الساحة السياسية اللبنانية باعتبار قرار التسليح يجب أن يمر عبر مجلس الدفاع الأعلى والقرارات الصادرة عن هيئة الحوار الوطنى المشكلة منذ أربع سنوات خصوصا ما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية.
لطالما كان تسليح الجيش اللبنانى حكرا على الأمريكيين يليهم الفرنسيين وبعضا من الأسلحة الروسية التى أهدتها سورية إلى لبنان خلال حرب مخيم البداوى ولطالما كان التسليح محاطا بسور عال من الاشتراطات الأمريكية بألا يكون قتاليا حتى لا يتم من خلاله مواجهة إسرائيل أو تشكيل أى صداع للقيادة الإسرائيلية، كما أن التحفظات لم تكن أمريكية فقط بل أتت من قبل حزب الله وأعوانه خوفا من أن يتم تسليح الجيش لسحب سلاح المقاومة بالقوة.
معضلة كبيرة أمام لبنان وجيشه، فالاشتراطات خارجية وداخلية معا، والأخطر الاختراق الإيرانى الحاصل الذى وإن تم سينتج عنه ما لا يحمد عقباه، باعتبار العقيدة والاتجاه اللذين سيتغيران ما إن تم التسليح الإيرانى، فحامل السلاح الإيرانى سيكون متعاطفا طبعا مع إيران كما أن صفقات التسليح ستكون مشروطة ومحكمة الشروط على الأقل بما يخص سلاح المقاومة، وهو الأمر الجدلى اللبنانى الذى لا نهاية له أبدا، والأمر يتعدى المقاومين المرابطين على الحدود ليصل إلى المدن اللبنانية البعيدة جدا عن خطوط المواجهة أى صيدا وبيروت وطرابلس مما سيكرس واقعا أمنيا يكون حزب الله الرابح الوحيد من جرائه، فحذار حذار من التسليح الإيرانى للجيش اللبنانى الذى سيكرس مقولة سلاح المقاومة فى جميع المناطق خصوصا أنه وقد أثبتت الأحداث المتلاحقة أنه لا يختلف عن أى سلاح من أسلحة الميليشيات التى تم دمجها بالجيش اللبنانى ومصادرة سلاحها، فالمنطقة العربية بغنى عن أى تثبيت للتوغل الإيرانى الحاصل والمستمر منذ ثلاثة عقود...
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة