د.عزازى على عزازى

سيد جنوب المتوسط

السبت، 28 أغسطس 2010 07:22 م


المؤرخ والمفكر الغربى (أرنولد توينبى) اعتبر أن الجيش المصرى هو الحصن الحصين لجنوب المتوسط، أما المؤرخون العرب والمسلمون، من أمثال ابن إياس فى بدائع الزهور والمقريزى فى كتابه: السلوك لمعرفة دول الملوك والهمزانى فى كتابة: جامع التواريخ، وغيرهم من المؤرخين القدامى والمحدثين، تحدثوا عن الجيش المصرى باعتباره المدافع عن الحضارة المصرية وليس مجرد قوات حربية تواجه الغزاة والطامعين، وذلك لأن الجيش المصرى إنتاج حضاري، فقد بدأ وجوده النظامى مع الدولة الحديثة، فأقدم نقش عسكرى موجود فى لوحة (نارمر) موحد القطرين ومؤسس الأسرة الأولي، وكانت البداية الحقيقية لتأسيس جيش الحضارة المصرية سنة 3200 قبل الميلاد، كأول جيش وطنى لدولة فى التاريخ، وتشهد النقوش على المعابد والمسلات على الانتصارات الكبرى منذ العصور القديمة، التى أحرزها خير أجناد الأرض، وفى العصر البطلمى كان الجيش المصرى أقوى جيش فى العالم، أما الأسطول البحرى المصرى، فكان سيد البحر المتوسط دون منازع فى عهد بطليموس الرابع، وكان ضمن الأسطول سفينة كبرى باسم الإسكندرية صممها أرشميدس العالم الإغريقى الشهير الذى عاش فى عروس المتوسط، أما فى العصور الوسيطة والحديثة، منذ حروب الصليبيين والتتار وحروب محمد على وإبراهيم باشا حتى حرب العبور، تؤكد حقائق التاريخ أن الفكر العسكرى المصرى وتقاليده ومفاهيمه من معركة قادش لنصر أكتوبر يقوم على تأكيد الثوابت الحضارية، وتكريس القيم الاستراتيجية للأمن القومى والمصرى والعربي، وتعرف الجندية المصرية أن الانحياز الاجتماعى للأغلبية هو الحائط الذى يوفر الأمان للمجتمع المصرى، وأن عرابى والبارودى وعبد القادر حلمى ومحمد صادق يحيى وعمر لطفى وصليب سامى هم الأباء الطبيعيون لعبدالمنعم رياض والجمسى وأحمد بدوى والشاذلى وعزيز غالى ومحمد حسين طنطاوي.. الحديث فى مصر عن الجيش حديث عن درع يقى المصريين كل شرور الخارج والداخل، فالحبل السرى ممدود دائماً بين مشاعر الناس وسواعد الجنود، شاهدنا احتضان الشعب لجنوده فى عز الهزيمة وفى الاستنزاف وفى عز انتصارات أبنائه، ومازال البعض يتذكر استقبال الناس لأبناء قواته المسلحة عقب كارثة الأمن المركزى فى منتصف الثمانينيات، ورغم ذلك فالجيش المصرى لم ينغمس فى الشأن السياسى الداخلي، فدائماً ينأى بنفسه عن الدخول فى معترك الشأن السياسى الداخلي، لأنه أمين على شرعية الدولة المصرية كلها، ومن ثم فهو أكبر من مجرد طرف مباشر فى العملية السياسية،.. لكن الحقيقة التى تفرض نفسها الآن على الرأى العام فى مصر تؤكد نوعاً من الربط الميدانى بين قوى التغيير فى المجتمع وإرادة الجيش على حسم ملف الانتقال السلمى للسلطة، فلم يحدث عبر تاريخ مصر الحديث، كل هذه العتمة والتشويش والالتباس فى قضية انتقال السلطة التى لا تحتمل طيش أحلام الصغار وتواطؤات بعض الكبار، والتى وصلت إلى الشوارع والجدران ووسائل الإعلام، تعبيراً عن صراع حاد بين شرعيتين واحدة فى السلطة وأخرى من بيت السلطة، وبينهما قطاعات واسعة مازالت تبحث عن تغيير سلمى ديمقراطي، بتعديل الشروط الدستورية لتسمح بدخول متنافسين بضمانات حقيقية، أما الأغلبية التى عانت القهر والفساد والاستبداد طيلة العقود الماضية، تعرف استحالة استجابة نظامنا السياسى لأى تعديلات، ولذلك، وباختصار، ترى هذه الأغلبية أن وقت الحسم قد آن، وأن الجيش هو الحل.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة