7 محاكمات عسكرية وأكثر من 32 ألف معتقل للإخوان فى 20 عاما هى إحصائيات الجماعة لمعتقليها، وتتميز الفترة من 1995 وحتى الآن بأنها أشبه بمعركة تكسير العظام من الحكومة والإخوان، ففيها بدأ الصدام الحقيقى بين الطرفين رغم أن أغلبها كان بضربات موجهة بشكل مباشر لقيادات الجماعة وصلت لحد الرجل الثانى فى الجماعة خيرت الشاطر نائب المرشد والحكم عليه بالسجن 7 سنوات فى محاكمة عسكرية، لكن صحب هذا آلاف الحالات من الاعتقال العشوائى الذى جعل الكثير منهم يحسم قراره بالعضوية للجماعة رغم أنه قبل الاعتقال لم يكن عضوا عاملا أو أصيلا فى الجماعة.
أفادت الاعتقالات الجماعة فى الجانب التنظيمى وعوضتهم عن المعسكرات التى كانت تنظمها الجماعة بتدريب الأعضاء خاصة الشباب على تحمل الظروف الصعبة، حيث تعد المعتقلات والسجون للجماعة معسكر إعداد بدنى وفكرى للجماعة استفادت فيه من أخطاء التعامل الأمنى، فمنحتهم السجون والاعتقالات رغم الاعتراف من جانبهم بأن ظروفهم أحسن من غيرهم فى السجون- صلابة وقوة فى العلاقة بين القيادات والأعضاء، وظهر هذا فى اعتقالات 2005 حتى الآن. بينما الجماعة وقياداتها تحت الرقابة الأمنية المشددة طوال الوقت، لكن الأخطاء العشوائية فى التعامل معهم من حيث اختيار المقبوض عليهم ولدت كثيرا من الانتقادات للنظام، مما أدى فى الفترة الأخيرة إلى وجود اتجاه جديد للتعامل وهو التضييق على الجماعة فى جميع المجالات، سواء فى الجامعات أو فى النقابات أو حتى فى الجمعيات الأهلية بل ومزاحمة الجماعة فى الأنشطة البارزة أو المتميزة فيها، حتى أن الجماعة أصبح لها مؤرخون مختصون بتأريخ السجون والمعتقلين ومنهم أحمد رائف الذى كتب فى «البوابة السوداء»، «وسراديب الشيطان» عن الإخوان فى السجون حتى 1970، وبعدها عدد من دور النشر الإخوانية تبنت توثيق شهادات الإخوان فى السجون وإصدارها فى كتيبات صغيرة.
فالنظام يـطلق هذه الحملات تأديبا للجماعة وتذكيرًا لها حتى لا تتجاوز حدودها وتسعى للعب أدوار غير مسموح لها أن تلعبها فى ظل فلسفة وإستراتيجية رسمها النظام بأن هناك سقفا محدّدا للجماعة، لا ينبغى عليها تجاوزه، غير أن الجماعة تتجاوزه كاختبار فى أحيان كثيرة فتجد الرد المؤلم.
اللواء فؤاد علام نائب مدير جهاز أمن الدولة السابق يؤكد أنه لا يصدق أى حديث من الإخوان عن السجون أو الاعتقالات، باعتبار أن الإخوان لديهم جهاز إعلامى يسعى منذ زمن بعيد للتأثير على مشاعر الناس، واستشهد بذلك بوقائع ذكرتها زينب الغزالى فى أحد كتبها عن التعذيب يحمل زيفا ومغالطات كبيرة منها أن السجانين تركوها فى حجرة مليئة بالمياه بدون أكل أو شرب لمدة 7 أيام كاملة وأنها استعانت على ذلك بقراءة «يس» فوقفوا فى مكانهم صاغرين، وهو ما يتنافى مع جميع الشواهد والحقائق الطبية وخاصة البقاء على قيد الحياة دون شرب أو أكل لمدة سبعة أيام.
واعترف علام بأن هناك عمليات تعذيب أو تجاوزات حدثت بشكل فردى ولكن ليس بصورة منهجية كما يريد الإخوان تصويرها، مشيرا إلى أن الجماعة الإسلامية كانت أكثر شجاعة من الإخوان فى المراجعة لما ادعوه عن التعذيب.
ونفى علام أن يكون هناك معتقلون خلال السنوات الخمس الأخيرة من الإخوان، موضحا أن هناك مقبوضا عليهم أو محبوسين احتياطيا على ذمة قضايا سواء منشورات أو الانضمام لجماعة مخالفة للقانون أو تهم بغسيل الأموال، وكلها قضايا فصل القضاء فى بعضها وتقدموا جميعا للنيابة العامة، ونفى علام أن يكون هناك اعتقال لمرشحين من أعضاء الجماعة، مدللا على ذلك بانتخابات 2005 التى ترشح فيها الإخوان بحوالى 154 مرشحا لم يتم اعتقال واحد منهم، بل إن الجماعة قامت بالدعاية قبلها بعام وبشعارات يعاقب عليها القانون ومع هذا لم يتم التعرض لهم.
عبدالمنعم عبدالمقصود محامى الجماعة يؤكد أن هناك ما لا يقل عن ألف معتقل سنويا للجماعة بقرارات إدارية من وزارة الداخلية بدون عرض على النيابة طبقا لقانون الطوارئ، خلافا للقضايا التى تمت إحالتها للمحاكم وأخذ فيها الإخوان براءة من القضاء الطبيعى، لكن تم تقديمهم لمحاكمات عسكرية وصلت 7 محاكمات فى عهد الرئيس مبارك.
ويعترف عبدالمقصود بأن الفترة التى لا يكون فيها اعتقالات مثل فترة الثمانينيات لم تحظ الجماعة باهتمام الرأى العام ولا الإعلام
ومن جانبه يؤكد مهدى عاكف المرشد العام السابق أن الحكومة تواجه حركتهم الرشيدة بالعصف والتنكيل الذى يجعل كل دعاوى الإصلاح فارغة المضمون، ويزيد الاحتقان الشعبى الذى قد يؤدى إلى نتائج لا يريدها أحد، محملا أجهزة الأمن مسؤوليتها الكاملة عنها.
د.هالة مصطفى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية توضح أن السمة السائدة فى العلاقة بين النظام والإخوان، لا تسير على خط واحد أبدًا، فلا هو صـدام دائم، ولا هو احتواء دائم، بل إنها تتَّـبع قاعدة المزْج بين الصِّـدام والاحتواء، لكن بمعايير محدّدة، كما أنها تبدو أحيانا متناقضة، ففيما يشـن النظام حملة اعتقالات لقيادات ورموز الجماعة، يدور حديث عن مفاوضات وصفقات سياسية، كأن هناك سقفا لا يجب أن يتعدّوه.
فالجماعة تلعب على مبدأ أن «المضطهد حبيب الشعوب»، فبعد كل مواجهة يخرج الإخوان أكثر قوة والنظام أكثر تشويها وانتقادا من الكثيرين، فالاستراتيجية الدائمة للملاحقات الأمنية للجماعة هى القيادات الإخوانية الشابة من جيل الوسط التى تتولى عمليًّا النشاط العام فى الجماعة ولها الدور الأكبر فى فوز الإخوان فى البرلمان والنقابات المهنية، بجانب أعضاء مجلس الشعب السابقين، خلافا لقلة من قيادات الجماعة فى المكاتب الإدارية وأعضاء مجلس شورى الجماعة وأحيان قليلة يتم اعتقال أعضاء مكتب الإرشاد، بدون معرفة الفلسفة فى الاختيار، خاصة أنها فى أحيان كثيرة تطال الأجهزة قيادات الإصلاحيين بجانب المحافظين والأكثر تشددا، فالمطالبون بدولة مدنية وبآراء متقدمة تجدهم فى السجون، غير أنها تكوّن تحريات بشأن التنظيم والمسؤوليات فى الإعداد لحدث بعينه أو مساهمة فى خطط جديدة وعادة تشمل الضربات الأمنية عدة محافظات فى توقيت واحد.
وما من انتخابات أو مناسبة سياسية إلا وتستبقها الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات، فيما يشبه رسالة تحذير شديدة اللهجة ترسلها الحكومة من وقت لآخر لوقف الاندفاع الإخوانى سواء فى الانتخابات أو المظاهرات، ودائما ما يوجد للإخوان جيش من المحامين منتشرين فى كل محافظة خلافا للجنة القانونية وهيئة الدفاع الدائمة التى تتشكل بإشراف مكتب الإرشاد للدفاع عن معتقلى الجماعة، ولكن الجماعة تلجأ لمحامين من خارج الجماعة لهم أسماؤهم فى القضايا الكبيرة مثل المحالين لمحاكمة عسكرية أو قضية التنظيم الدولى التى يترافع فيها د.محمد سليم العوا ود.محمود السقا ود.يحيى الجمل من قبل ورجائى عطية وغيرهم من المحامين ذوى الثقل فى القانون الجنائى.
الاعتقالات
حملات مكررة ترسخ فكرة اضطهاد «الإخوان» والجماعة تستخدمها مبرراً لعدم مشاركتها فى مسيرة الإصلاح
الجمعة، 27 أغسطس 2010 01:59 ص