◄◄ لديهم مقاعد فى البرلمان وأعضاء فى مجالس النقابات وتحالفوا مع مرشحى الوطنى فى الانتخابات.. والدولة تصر على أنهم قلة غير موجودة
يحدث فى مصر فقط.. جماعة تصفها الدولة بالـ«محظورة» نجحت فى حصد 88 مقعداً برلمانياً فى انتخابات مجلس الشعب الماضية، هذا بخلاف تواجد أعضاء لها فى مجالس النقابات المختلفة وممثلين فى جميع الفعاليات السياسية وتعلن عن نتائج انتخاباتها الداخلية ومواقفها السياسية فى مؤتمرات صحفية تنقلها وسائل الإعلام فى الداخل والخارج وشعارها الشهير المصحف والسيفان موجود فى كل مكان، ورغم كل ذلك فإن الدولة تصر على وصفها بالمحظورة.. هذا هو الهزل فى موضع الجد فلا يمكن بحال من الأحوال أن تحظى أى جماعة محظورة فى أى نظام سياسى يحترم عقول مواطنيه بما تحظى به جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والغريب حقا أن لفظة «المحظورة» لم تمنع أعضاء بالحزب الحاكم من التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين فى المواسم الانتخابية مثلما فعل حمدى السيد القيادى البارز بالحزب الوطنى حينما أخلت الجماعة دائرة النزهة خصيصا له وتبرأت من أحد أبنائها وهو السيد عبدالستار المليجى عندما رشح نفسه فى مواجهته، والأمر نفسه تكرر مع الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فلم يكتف الإخوان بعدم طرح مرشح فئات فى مواجهته وإنما تولى أنصار مرشح الإخوان عن مقعد العمال عادل حامد الدعاية الانتخابية لسرور أمام اللجان وبلغ الهزل السياسى أعلى معدلاته فى مظاهرة «الاستاد» الشهيرة عام 2003 حيث دعا الحزب الوطنى للمظاهرة وحشد الإخوان لها وتبادل صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى الكلمة مع مأمون الهضيبى مرشد الجماعة آنذاك، وارتج الاستاد بالهتاف الإخوانى الشهير «الله أكبر ولله الحمد» ورغم ذلك بقيت الجماعة «محظورة».
والملاحظ أن وسائل الإعلام القومية توسعت فى وصف جماعة الإخوان المسلمين بالمحظورة عقب الصعود السياسى للإخوان فى انتخابات مجلس الشعب 2005 وحصول الجماعة على 88 مقعدا فى المجلس لدرجة دعت عددا من قيادات أحزاب المعارضة الرسمية وقتها إلى السخرية من الوصف فبدلًا من «المحظورة» قالوا «المحظوظة» وهذه نكتة تعبر عن دراما الواقع السياسى فى مصر، فالإخوان على الرغم من أنها محظورة فإنها القوة السياسية الوحيدة فى مصر التى تمكنت من الحصول على هذه النسبة من مقاعد البرلمان فى حين لم تحصل الأحزاب غير المحظورة على ربع هذه النسبة.
وإن كان وصف الجماعة بالمحظورة يستند إلى خلفية تاريخية فتجدر الإشارة إلى أنه أثناء المحاكمات العسكرية لخيرت الشاطر وإخوانه أثارت كلمة المحظورة جدلاً تاريخياً وقانونياً واسعاً حيث أكدت وقتها هيئة الدفاع الإخوانية أنه لا يوجد قرار رسمى من الدولة بحظر الجماعة.
النائب الإخوانى أحمد أبوبركة أكد لـ«اليوم السابع» أن الجماعة عندما نشأت عام 1928 خضعت لقانون الجمعيات الخيرية وثار جدل أثناء حكومات الوفد المختلفة حول ضرورة تقنين أوضاع الجماعة فأصدر مجلس الدولة وقتها أحكاماً أكد فيها أن حق التنظيم هو حق طبيعى لأى مجموعة داخل أى مجتمع ويسبق فكرة الدولة ولا يجوز أن يسلب هذا الحق تحت أى ظرف.
وأوضح أبوبركة أن أحكام القضاء الإدارى أكدت أنه حتى أثناء إعلان الأحكام العرفية فلا يمكن أن يصدر قرار بحظر نشاط الجماعة وإنما يمكن فقط فرض قيود على نشاطها ومن ثم فإن قرارات الحل التى أصدرتها الدولة سواء قبل الثورة أو بعدها ضد الجماعة هى بمثابة تجميد لنشاطها.
ويضيف أبوبركة: «قرارات الحل التى صدرت ضد جماعة الإخوان المسلمين لابد أن تفسر فى نطاقها القانونى، فهذه القرارات لا تلغى الشخصية القانونية والاعتبارية للجماعة التى استمدتها من حقها فى التنظيم وإنما هى بمثابة تجميد لنشاط الجماعة، وهذا إجراء إدارى مؤقت يرتبط بأسباب معينة، وبزوال هذه الأسباب تعود الجماعة لممارسة نشاطها لأنه لا يمكن أن تظل الجماعة مجمد نشاطها إلى الأبد»، مؤكدا أن وصف الإخوان بالمحظورة مغالطة قانونية.
ويعتبر أبوبركة أن كلمة محظور بمثابة قفاز يلقى فى وجه الجماعة بهدف منعها من المطالبة بالحصول على حقوقها وتبرير مخالفة القانون مع أعضائها وإحالتهم إلى المحاكم الاستثنائية.
التفسير القانونى «الإخوانى» لعدم مشروعية الحظر لا يمكن اعتباره محل توافق من جميع القوى السياسية لكن حالة «الهزل» السياسى التى تثيرها لفظة «محظورة» دعت قيادى بارز فى الحزب الوطنى وهو الدكتور محمد الحفناوى أمين المهنيين إلى المطالبة بمراجعة الأمر من جميع القوى السياسية، أضاف الحفناوى لـ«اليوم السابع»: «أعتقد أن كلمة «محظورة» هى خطأ شائع يحتاج إلى مراجعة، لأن جماعة الإخوان المسلمين موجودة، ولا يمكن أن تكون محظورة وهى لها مرشد عام ومكتب إرشاد معروف للجميع ومقار مختلفة».
«المحظورة»لقب صحف الحكومة الذى منح الإخوان قوة التواجد وأضاع ثقة الناس فى الدولة
الجمعة، 27 أغسطس 2010 01:59 ص