هذا ما قلته عقب متابعتى الإعلانات المخزية والمعيبة التى يتم عرضها هذه الأيام على التليفزيون، والتى تدعو إحدى الجمعيات الأهلية من خلالها المشاهدين بتقديم يد العون لفاقدى البصر للمساهمة فى علاجهم من العمى!..
حيث جاءت هذه الإعلانات لتؤكد لنا مدى السفه وعدم الوعى الذى يتسم به معظم مصممى الإعلانات فى مصر والذين غالبا ما يبعدون كل البعد بإعلاناتهم الشائنة عن محاكاة الواقع وعرض الحقائق، فنجد زيفاً وتجميلا لما هو قبيح وتقبيحاً لما هو جميل، غير واضعين فى الاعتبار المتلقين والمُعلَن عنهم فى المقام الأول، ولكن ما يهمهم هو خدمة المُعلِن بهدف الربح من ورائه بغض النظر عن أى أبعاد أخرى!..
ومن هذه الإعلانات، إعلان يظهر فيه طفل لديه إعاقة بصرية ولذلك فهو غير قادر على التعلم لأن نسبة ذكاءه ضعيفة، فضلاً عن أنه غير قادر على التكيف مع المجتمع كما أشار الإعلان، ثم يظهر مرة أخرى بعد إجراء عملية له وقد عاد إليه بصره فيذهب إلى المدرسة ليتعلم وكأن فاقد البصر لا بد وأن يكون بالضرورة غبياً وانطوائياً وجاهلا!..
إعلان آخر ظهرت فيه سيدة معاقة بصرياً أيضا وهى غير قادرة على فعل أى شىء فى منزلها فكل شىء يسقط من يدها على الأرض فتبكى وتنعى حالها، ثم تظهر ثانية بعد أن أجريت لها عملية أعادت لها بصرها فيتبدل حالها وتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها والقيام بكل شيء يتطلبه منزلها!..
لا شك أن مثل هذه الإعلانات تؤثر سلباً على المتلقين من فاقدى البصر وذويهم، حيث تبرز أن المعاق بصرياً لن يستطيع فعل أى شىء أو تحقيق أى إنجاز إلا بعد أن يعود إليه بصره، وهذا كلام فارغ وعارى تماماً من الصحة، فمثل هذه العمليات الناجحة التى يتحدثون عنها نادرة الحدوث وأشبه ما تكون بالمعجزات، إذن فهى بذلك تصيب فاقدى البصر يأساً وإحباطا وتعلمهم التواكل وانتظار تحقق المستحيل، بزعم أنه الأمل المنشود الذى يربطهم بالمجتمع ويحقق لهم ما يتمنون، كما تؤثر تلك الإعلانات سلباً على صورة فاقدى البصر فى مصر فهى تزيد الفجوة اتساعاً بينهم وبين المجتمع، لتصويرها هذه الفئة باعتبارها تعانى تأخراً عقليا وكأن الإعاقة فى عقولهم وليست فى عيونهم!..
السؤال: متى سيأتى الوقت الذى ينصف فيه الإعلام بكل وسائله ومواده فاقد البصر وتقدره حق قدره وتبرز قدراته الحقيقية وتمنحه فرصة للتعبير عن نفسه وإمكانياته؟!
هناء المداح تكتب: اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
الخميس، 26 أغسطس 2010 12:00 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة