معتز نادى يكتب: العرض انتهى

الخميس، 26 أغسطس 2010 01:34 م
معتز نادى يكتب: العرض انتهى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بصفتى شاهد عيان على أحداث تلك الواقعة أكتب إليكم تقريرى راغبا من العدالة أن تأخذ مجراها.

لقد ذهبت قبل أيام من الشهر الكريم إلى أحد المحال الشهيرة أو لنسميه سوبر ماركت لشراء لزوم الياميش والمكسرات أدام الله عليكم الخير والبركات.


وحضر فى الطابور الذى وقفت فيه رجلان يبدو أنهما صحبة معا منذ زمن.

فالأول سمين أسمرانى اللون و الثانى صديقه أبيض و بنظارة ونحيل.

المهم أن الاثنين سلما على بعضهما البعض أثناء دخولى من باب السوبر ماركت وبعد السلامات أوشكت الصداقة على الانتهاء.فالكل راح يجرى للحاق بالطابور قبل أن ينتهى العرض.

ففضلة خيركم كان بالسوبر ماركت عروضا بمناسبة الشهر الكريم لكنها كانت تنتهى فى لمح البصر من كثرة الطلب عليها.

و كلما ذهبت لقسم وجدت الاثنين الصديقين أمامى فى الطابور.
ونسيت أن أذكركم أن النحيل صاحبنا اخبر صديقه السمين أنه سيسبقه لأنه خفيف كالريشة والعملية محتاجة خفة.

لكن يشاء السميع العليم أن أجد فى قسم اللحوم صاحبنا السمين واقفا و من ورائه صاحبنا النحيل ثم أنا ثالثهم و ما أن يصل صديقنا أسمرانى اللون السمين لأول الصف حتى يطلب من الجزار ما يريده من العرض و ما أن يقطع الجزار لحمته و كبدته من خروفنا وعجلنا المصون، حتى يقابل الجزار صديقنا السمين بابتسامة تعلن عن انتهاء العرض.

ويندب النحيل حظه بينما يتفاخر السمين بانتصاره الأول فى قسم اللحوم ولحاقه بالعرض.

-و لو ..ورينى هتعمل ايه فى قسم الطيور.

هكذا قالها صاحبنا النحيل ووجهه فى إحمرار ولا لون البطيخة.
ووجدت صاحبنا السمين يسبق النحيل داخل الصف و أنا ثالثهم و استمع للسمين قائلا:سبقتك يا حلو.

ويحمر وجه النحيل ويكاد الغيظ يفتك بعروقه الظاهرة لكنه يبتسم ابتسامة صفراء و يخبره أن الأقسام مازالت موجودة و الجايات أكثر.

وأحمد الله على أن العرض انتهى فهذا معناه أن جيوبى لا تزال فى دفء.

ويدفعنى الزحام إلى السير بجوارهما مستمعا لحديثهما الذى بدأه صاحبنا أسمرانى اللون السمين قائلا:
-غلبتك يا حلو ومرتين.
*ليه هو احنا بنلعب طاولة ع القهوة؟
-و حياتك أحلى من الطاولة.
*هنيالك يا عم..بس ما تنساش لسه فى أقسام تانية والعملية محتاجة خفة.
-أما نشوف.

شرد صاحبنا النحيل بوجهه النحيف والحزن يكاد يفتك به فالسمين بوزنه هذا استطاع أن يندس بين صفوف الجماهير ويصل إلى أول الطابور يشترى ما يريد أما النحيل فيخرج من كل طابور بتروللى فارغ.

وانتهى السباق المحموم بانتصار صاحبنا السمين فى كل الأقسام الموجودة بالسوبر ماركت.

حيث نظر السمين لعربته مفتخرا بنفسه كشمشون الجبار الذى استطاع أن يعبر يهد كل الطوابير و يتحدى الزحام ليشترى ما يريد و كله تبع العرض .. كله تبع العرض.

هكذا يغنى و يصفر بينما يشاركه النحيف ابتسامة صفراء تدل على الغضب.

ومن فرط فرحة السمين استعان بتليفونه المحمول وطلب رقما.

-ألو.. مصطفى؟ازيك يا درش؟ رمضان كريم عليك.
وبدأ صاحبنا يحكى له ما فعله فى كل قسم وتسابقه مع أخينا النحيل نحيف الوجه الذى فشل فى شراء أى شىء.

ثم أنهى المكالمة و طلب رقما آخر و إذا به يطلب صديقا ثانيا يحكى له ما سماه بالفضيحة العالمية، ثم طلب صديقا ثالثا ورابعا.

ويبدو أن هؤلاء الأصدقاء على علاقة مشتركة بالسمين والنحيل معا لأن أخينا السمين عندما كان ينهى المكالمة كان يخبر النحيل بأن الذى كان معه على التليفون يرسل له السلام.

فكان صاحبنا النحيل ينتفخ وجهه بالدماء و يبتسم ابتسامة مرتعشة و طول الوقت يمسح العرق عن وجهه الشاحب شحوب الموت، و يبين له أن غير مكترث بالأمر حيث يصمت ولا يرد عليه.

و طلب السمين رقما آخر و لكن اكتشف أن صاحبه أغلق هاتفه كما تقول الست صاحبة الصوت المسجل.

-يا خسارة كان نفسى ألاقى عبده فاتح تليفونه عشان أقوله.

توقف فجأة السمين عن سيره بعد ان وضع تليفونه فى جيبه ثم قال للرجل النحيف:مراتك موجودة فى البيت؟
-و ده عشان إيه بقى؟
-عشان أكلمها و احكى لها، ولا اسيبك تروح تطنط زى عفريت العلبة و تقول انك اشتريت كل حاجة من العرض و انا ما عرفتش اعمل حاجة؟
-ومين قالك هعمل كده؟
-أنا عارف انك هترجع تلف على قسم قسم و تشترى غصب عنك وبسعر خارج العرض.


وأخذ صاحبنا السمين يضرب الأرقام على الموبايل و تنحى على جانب بعيد عثر عليه وسط الزحام كى يعرف أن يكلم زوجة صاحبنا النحيل لكن القدر لم يمهله.

فقد أخذ الرجل النحيف زجاجة كازوزة من الموضوعة فى الثلاجة داخل السوبر ماركت و ضغط عليها بقوة، لحظة من التردد وإذا به يرفعها و يرسلها كصاروخ نحو الرجل السمين.

كان منظرا بشعا جدا حيث سقط الرجل على الأرض و الدماء تسيل على وجهه، وانفضت جموع الزحام وصريخ من السيدات.

و لعل هذا هو السبب فيما حدث للرجل النحيف الذى رأيته يرتعش ويقع على الأرض باكيا كطفل صغير.

ذلك هو تقريرى عن الحادث، أهديه للقضاء العادل لكى يحيط بالظروف الكاملة للحادث، لعله يقتنع بأن الرجل النحيف لم يتعمد قتل الرجل البدين فيطبق عليه ما يسمى بالعقوبة المخففة، أنا شخصيا اعتقد أن الرجل البدين يستحق ما جرى له، فقد استمع لزن زوجته واشترى لها ما لذ وطاب فى رمضان رغم انه سيأكل مرة واحدة فى اليوم وليس ثلاث مرات كبقية الشهور، وبدلا من أن يشعر بحكمة الصيام و يتعرف على معاناة الفقير وهو بلا طعام راح يتسلى ويسرف كغيره من الواقفين معه داخل هذا السوبر ماركت أو غيره، فما رأيك أنت؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة