نتفق كمصريين مؤيدين ومعارضين للنظام المصرى على أن النظام المصرى لديه حنكة سياسية وخبرة سياسية كبيرة، نتيجة طول فترة ممارسة هؤلاء للسياسة فهذا النظام يحكم مصر منذ 1970 عندما تولى السادات الحكم فى مصر، أصبح لدى النظام قدرة غريبة على اللعب بكل القوى السياسية بالداخل كلاعب شطرنج ماهر، يعرف متى يحرك قطع اللعبة التى أمامه فى المكان والزمان المناسب، فيستخدم الليبراليين وسعد الدين إبراهيم لضرب الفكر السلفى وعندما يتخلص من الجماعات الإسلامية يضعه فى السجن، يستخدم أيمن نور لضرب وتفتيت حزب الوفد وعندما يفتت الحزب يضعه فى السجن، يستخدم الأزهر والكنيسة وقتما يريد ويكشر عن أنيابه لهما فى الوقت الذى تستلزم مصالحه ابتعادهما، وهناك العديد من الأمثلة لا حصر لها ويستطيع أى نظام ديكتاتورى فى العالم أن يلعب بالجبهة الداخلية كيفما يشاء فهذا ليس نوعا من العبقرية فى شىء.
الأمر الخطير هو لعب النظام المصرى بدول العالم جميعا بما فيها أمريكا و الرأى العام العالمى والمنظمات الدولية!!! فكيف استطاع النظام المصرى أن يلبس العمة للعالم؟؟؟؟ هذه هى عبقرية النظام المصرى!!، الذى لو استخدمت لحل مشاكل الشعب المصرى لحلت جميع مشاكل العالم ولكن هى تستخدم فقط لشىء واحد هو بقاء النظام فى الحكم!!!.
عندما تولى بوش رئاسة أمريكا وبعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، نادى بوش وبشر بالشرق الأوسط الجديد شرق أوسط حر ديمقراطى ورأى الحل فى اجتناب خطر الإرهاب الآتى من الشرق هو فرض النظام الديمقراطى فى بلاد تصدير الإرهاب، استطاع بوش نشر فكره فى العالم وساعده الهجمات الإرهابية التى اجتاحت أوربا من لندن لمدريد، ناهيك عن المحاولات التى أحبطت فى أوربا قبل حدوثها، رأى النظام أن الديمقراطية ستلقى به بعيدا عن الحكم فقام بالاتفاق مع على تصعيدهم سياسيا حتى إن حصلوا على حوالى عشرين فى المائة من عدد مقاعد مجلس الشعب الانتخابات الماضية، واستطاع النظام من خلال ذلك أن يستخدم الإخوان كفزاعة فى وجه العالم الخارجى والقوى الداخلية، ساعد النظام سعد الدين إبراهيم الذى باع نفسه وتاريخه للإخوان والذى نقل رسالة للعالم مفادها أن الأخوان المسلمين يسيطرون على الشارع المصرى، كما كان لمهدى عاكف دور كبير أيضا فهو رجل غير محنك سياسيا بالمرة وكانت سقطاته كرسائل تهديد ووعيد للداخل والخارج كقوله "لما نمسك الحكم هنضرب الليبراليين بالجزمة"، كما كان للأقباط وكنيستهم نصيب الأسد فى ذلك لدرجة أن أحد قيادات المهجر صرخ قائلا "نار مبارك ولا جنة الإخوان" واستطاع النظام أن يضحك على الجميع على كل دول العالم وعلى كل القوى السياسية فى الداخل، وقد وصلت رسالته بكل وضوح وهى "إما أن ترضوا بنظام مبارك أو عليكم أن تواجهون حكم الإخوان" وبلع الجميع الطعم وأدت الرسالة ما خطط له بنسبة نجاح ولا أروع ولا أجمل!!!.
وبعد نهاية فترة بوش جاء أوباما وبدأت ملامح التغيير فى السياسة الأمريكية تتضح ورفع أوباما شعار التفاهم والتحاور، وبدأ الرجل بالفعل التحاور والتفاهم بل والرضوخ لكل الأنظمة الديكتاتورية فى العالم، على الجانب الآخر الإخوان سببوا صداع كبير للنظلم وخصوصا مع تصاعد المشاكل فى غزة واستثمار الإخوان الجيد لهذه الأحداث فى تأليب الشارع المصرى على النظام، فأصبح ضرر الإخوان أكثر من فائدتهم أى أن دورهم قد انتهى، وعند انتهاء دورهم كان لابد من إيجاد بديل والبديل هى الأحزاب التى أضعفها وفككها النظام سابقا، ولكن أنه المكان والزمان ولكل واحد دوره ويالها من عبقرية فالعالم لن يقبل بانتخابات يحصل الحزب الحاكم فيها على تسعة وتسعين وتسعة من عشرة بينما تمتلئ الشوارع المصرية بالمظاهرات كل يوم!!
أما المظاهرات والصحف والمواقع الإليكترونية وأنا وأنت ككتاب ونشطاء وقراء فلنا دور أيضا، هل تصدق أن نشاطنا ومجهودنا هى ورقة يستثمرها النظام لصالحة وكأننا جزء من هذا النظام الفاسد وكأننا عامل من عوامل استمراره كيف يكون ذلك؟؟
أدعوك للإعادة مشاهدة المناظرة التى دارت بين البرادعى وأحمد عز على قناة السى سى أن عندما تغنى عز بالحرية والديمقراطية قائلا، لدينا 240 جريدة معظمها معارضة وتهاجم النظام ليل نهار، والعديد من القنوات الفضائية ومئات المواقع الإلكترونية والمدونات وكل يوم عند ذهابى لمجلس الشعب أرى مظاهرات واحتجاجات ضد النظام، والجميع يمارس نشاطة بكل حرية والبوليس لا يلقى القبض على أحد من هؤلاء، ثم وجهة سؤاله لكرستين محاورته أليس هذا دليل على الحرية والديمقراطية فى مصر؟؟؟. وكل لعبة وكل مقلب واحنا طيبين.
