قال الكاتب يوسف القعيد، إن الروائى الجزائرى الراحل الطاهر وطار لم يكن أول روائى جزائرى يكتب بالعربية حيث سبقه فى ذلك الكاتب عبد الحميد بن هدوقة صاحب رواية "الجازية والدراويش".
وأشاد القعيد بقصة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" للكاتب الراحل، قائلا إنه وجد فيها نوعا جديدا من الكتابة لم يألفه من قبل وتعجب كثيرا عندما وجد أن كاتب القصة عربى وليس مصريا وذلك فى الوقت الذى التف فيه القراء المصريون حول روايات نجيب محفوظ وقصص يوسف إدريس.
وأشار القعيد إلى أول لقاء جمع بينه وبين الطاهر وطار عندما سافر إلى الجزائر لحضور أحد المؤتمرات الثقافية والتقى بوطار هناك وتعرف عليه عقب فصله من منصبه بالإذاعة العربية فى الجزائر، وقال القعيد إنه عندما سأل محمد شريف موسعدية مسئول الإذاعة آنذاك عن سبب عزل وطار من منصبه فرد عليه قائلا "خده معاك وانت راجع مصر" وتبين للقعيد وقتها أن الفصل جاء بسبب التاريخ الشيوعى لوطار قديما.
جاء ذلك خلال حفل التأبين الذى عقدته ورشة الزيتون مساء أمس الاثنين، للروائى الجزائرى الطاهر وطار وحضره عدد كبير من الأدباء والمثقفين على رأسهم الشاعر شعبان يوسف، الكاتب يوسف القعيد، الكاتبة سلوى بكر، الكاتبة هويدا صالح، الكاتية سامية أبو زيد، والكاتبة هدى طعيمة والناقد جمال ذكى مقار.
وأوضح القعيد أنه رغم الصورة السلبية التى أظهرها وطار عن مصر ومثقفيها فى روايته "قصيدة فى التذلل" الصادرة عن مؤسسة كيان الثقافية، والتى أساء فيها للشاعر صلاح عبد الصبور وأظهره فى أحداث الرواية بشاعر يبيع نفسه للسلطة ويعمل مداحا للحاكم، إلا أن هذا لم يؤثر على مكانة وطار فى نفوس الأدباء المصريين ولا على علاقته بمصر.
واتفق معه شعبان يوسف قائلا: إن رحيل الطاهر وطار كان بمثابة خسارة كبيرة للرواية العربية، مشيرا إلى هدف وطار من إنشاء جمعية الجاحظية الثقافية بالجزائر والتى تهدف لتقديم ثقافة جزائرية حقيقية، إضافة إلى علاقة وطار الوطيدة بمصر حيث سبق وأن نشر بها خمس روايات.
وانتقد يوسف تدخل المثقفين المصريين والجزائريين، فى أحداث الأزمة التى نشبت مؤخرا بين مصر والجزائر بسبب مباراة التأهل لكأس العالم والتى أسفرت عن مقاطعة كافة الفاعليات الثقافية بين البلدين، حيث أرجع يوسف أسباب تلك الأزمة إلى رجال الإعلام والسياسة فى البلدين مؤكدا أن المثقفين ليس لهم أى علاقة بما حدث وأن السجل الثقافى بين البلدين حافل وقديم.
وقالت سلوى بكر: وفاة الطاهر وطار فتحت أمامنا العديد من الملفات ومنها دور الثقافة فى العالم العربى وأهمية الأفكار القومية ووجودها فى اللحظة الراهنة، بالإضافة إلى العديد من الأسئلة التى طرحتها لنا الوفاة هى هل يمكن أن تساعد على مشروع نهضوى حقيقى؟ وهل تجليات الاستعمار فى أى بلد اقتصادية فقط أم ثقافية أيضا؟!.
وأضافت: لقد كان وطار أبرز المدافعين عن التيار العربى فى الجزائر والذى عانى كثيرا من استغلال الاستعمار الفرنسى الذى يستهدف ثقافة أى شعب فى المقام الأول، كما أن أعمال وطار تقدم العديد من الرؤى التى تبرز القاسم المشترك بين العديد من الدول العربية والذى يتجسد فى ملامح التخلف وغياب مشروع نهضوى ووجود خطاب دينى سائد.
وقال الدكتور عمار على حسن فى رسالة بعثها للقائمين على الندوة لكى يدلى بشهادته فى حق الكاتب الراحل، أن الروائى طاهر وطار زاوج طيلة حياته بين البندقية والقلم فانخرط فى صفوف الثوار الجزائريين وانتسب لجبهة التحرير التى أخذت على عاتقها مقاومة الاستعمار الفرنسى وفى الوقت ذاته خصص جزءا مهما من إبداعه الروائى لرصد كفاح الشعب الجزائرى من أجل الاستقلال والحرية وهو ما ظهر بجلاء منذ روايته الأولى " اللاز" التى صدرت عام 1974.
وأضاف أن أدب الطاهر وطار كان بمثابة دفاعا عن الهوية العربية للجزائر، وذلك حين انحاز للغة الضاد لتكون وسيلة إبداعه فى وقت كان الأدباء الجزائريون مثل كاتب ياسين ومولود فرعون ومالك حداد يكتبون بالفرنسية وعلى الرغم من أن وطار كان قد اعتنق الفكر الاشتراكى كمشروع أيدولوجى وعلق عليه أمله فى أن ينهض بالجزائر إلا أنه لم يبتعد عن الجذور الإسلامية للثقافة والمجتمع الجزائرى مستفيدا فى ذلك من خلفيته الدينية.