محمد حمدى

إن فاتك الوطنى.. اتمرغ فى ترابه!

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010 01:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال ثلاثة أيام فقط سحب خمسة آلاف عضو بالحزب الوطنى الحاكم استمارات الترشيح التى يخصصها الحزب لمن يريدون من أعضائه الترشح لعضوية مجلس الشعب.. وإذا كان عدد مقاعد البرلمان 444 مقعداً، فهذا يعنى أن لدى الحزب الحاكم عشرة متنافسين على كل مقعد حتى الآن، وقد يتضاعف الرقم خاصة وأن باب الترشيح داخل الحزب يمتد أسبوعاً.

وكما يقول المثل الشعبى "إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه" يبدو أن المثل الأقرب للصحة الآن هو "إن فاتك الوطنى اتمرغ فى ترابه"، فالكل يسعى وراء الحزب، للحصول على مقعد فى مجلس الشعب، أو الشورى، أو حتى المحليات، وربما لو عرف الكثير من أعضاء أحزاب المعارضة أن الوطنى يمكن أن يمنحهم مزايا العضوية النيابية لتركوا أحزابهم فورا.. وجروا وراء الوطنى.

مشكلة الحزب الوطنى أنه لم يعد مجرد حزب سياسى، وإنما تحول إلى دولة داخل الدولة، وأصبحت عضوية الحزب شرطا لازما للترقى فى العمل المهنى، فلا يمكن أن تكون عميد كلية أو رئيس جامعة دون أن تكون عضوا فى الحزب الوطنى، أو حاصلاً على توصية عضو مهم فى الحزب.

ولا يقتصر الأمر على الجامعة فقط، وإنما تقريبا أصبح الوصول إلى أى منصب رفيع فى العمل الحكومى، لا يشترط السيرة المهنية المعتبرة، وإنما الولاء الحزبى الكبير، والالتزام داخل الحزب، مما يحول مصر فى الواقع إلى دولة الحزب الواحد الكبير الذى يتوحد ويندمج مع أجهزة الدولة بحيث لا يمكن معه الفصل بين الحزب والدولة والحكومة.

مشكلة هذا التداخل الكبير أنه يؤدى إلى غياب المهنية، ومن ثم تراجع قيم مثل العمل والاجتهاد والابتكار، وتختفى قيم أكثر أهمية مثل العدل والمساواة، وأخيراً يتضخم الحزب ويترهل، وبالتالى تتضخم الدولة وتترهل، وتصبح فى حالة من السيولة، فتبدو ضعيفة وهشة، لأن الحزب لا يقوم بدور الحزب.. والحكومة لا تقوم بدور الحكومة.. أما مكونات الدولة الأساسية من أحزاب وسلطات ومؤسسات مجتمع مدنى فهى فى حالة من التداخل والتجاذب والتنافر والتناحر لم تعشها مصر من قبل.

وحتى يعود الحزب الوطنى مجرد حزب، وحتى تظهر أحزاب أخرى منافسة قوية، سنظل نعيش فى دولة الحزب الواحد كما كان الوضع مع الحزب الشيوعى السوفيتى الذى حكم الاتحاد السوفيتى وجعل الدولة تابعة للحزب، فتفككت إلى جمهوريات.. بينما قادة مجلس السوفييت الأعلى غير مدركين أن الأرض تنهار من تحت أقدامهم ببسب أفعالهم.. ولأنهم كانوا يؤمنون بأنه إن فاتك الحزب الشيوعى اتمرغ فى ترابه!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة