د. خميس الهلباوى

سرقة زهرة الخشخاش والتسيب الإدارى المرفوض

الإثنين، 23 أغسطس 2010 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمى فان جوخ من متحف محمد محمود خليل ذكرتنا بأعمال فنية كثيرة كانت تكتب من خيال مؤلفين عديدين، ولكن ملابسات حادث السرقة وكيفية وقوعه الغامضة حتى الآن وبعد معاينة السيد النائب العام للمتحف، أكدت مرة أخرى تفشى الفساد فى النظام الإدارى الحكومى المصرى، إذ تبين كما جاء فى تقرير السيد النائب العام "أن كافة الإجراءات المقررة لتأمين المتحف الذى يضم مجموعة من المقتنيات الثمينة إلى جوار اللوحة المسروقة - هى إجراءات هزيلة وشكلية فى معظمها، على الرغم من ضيق ومحدودية مساحة المتحف التى كان من شأنها تسهيل مهمة التأمين والمراقبة.
وقد صور التقرير بدقة جزء هام من الخلل الإدارى الحكومى، الذى يكلف الشعب الكثير، ذلك اكتشف السيد النائب العام أن "كافة الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة بالمتحف فى معظمها إجراءات شكلية ولا ترقى إلى الحد الأدنى المطلوب من الحماية والتأمين لمقتنيات أثرية عالمية غاية فى الأهمية، مشيرا إلى أن متحف محمود خليل به 43 كاميرا مراقبة الكترونية لحماية المقتنيات، غير أنها جميعها معطلة عن العمل عدا 7 كاميرات فقط، فضلا عن وجود أجهزة إنذار ضد السرقة بكل لوحة من اللوحات داخل المتحف إلا انها جميعا معطلة أيضا ولا تعمل.
هذا علاوة على "تواطؤ وإهمال مسئولى المتحف بعمل محضر جرد يومى لمقتنيات المتحف لمجرد إثبات وجودها دون التأكد من أن يد العبث قد طالتها من عدمه، مشيرا إلى أن كافة تلك المحاضر مجرد إجراءات شكلية لا تمنع أو تحول دون سرقة مقتنيات المتحف."
إذا التسيب والفساد والإهمال أصبحا سمة من سمات النظام الادارى المصري، بعد أن سبق سرقة 9 لوحات فنية من متحف محمد على، ولكن تمت إعادتها فيما بعد، علما بأن سرقة نفس اللوحة سبق سرقتها فى بداية الثمانينات وتمت استعادتها من إحدى الدول العربية، ولكن هذه المرة فالخسارة كبيرة جدا بالنسبة لمصر فعلاوة على الخسارة الأدبية لاختفاء لوحة مهمة، فإن الحد الأدنى لقيمتها المادية 55 مليون دولار أى حوالى 303 مليون جنيه مصرى.
ومع الأسف الشديد فقد وصل الحال فى مصر إلى درجة من التسيب الإدارى فى الجهاز الحكومى للدرجة التى أصبحت مسئولية العاملين رمزية ولا قيمة فعلية لها، بسب عدم وجود أجهزة رقابة فعالة من الأشخاص قبل الأجهزة العلمية، وقد يكون السبب ضعف الدخول وكون الوظيفة الحكومية أصبحت عبئاً على الموظف بسبب أن متطلبات تلك الوظائف أصبحت أكبر قيمة مادية مما يحصل عليه الموظف.
كما أن المسئولين الكبار شغلتهم أمور أخرى عن جوهر مهام وظائفهم الرقابية والتنفيذية بحثا عن أسباب أخرى للمعيشة إلى جانب مرتباتهم الحكومية.
ونود الإشارة هنا إلى أن الخسارة على المجتمع المصرى أكبر من مجرد تدنى الأوضاع ومستوى المعيشة وعدم الارتقاء بمستوى اداء الجهاز الحكومى، بالإضافة إلى التسيب الناتج عن عدم وجود مؤسسات دستورية فعالة يمكنها القيام بوظائفها التشريعية والقضائية والتنفيذية والرقابية، الأمر الذى يساهم بنسبة اكبر فى التسيب، إضافة إلى الفساد المتفشى فى الدولة المصرية.
إن ترك الأمور تسير على المنوال الحالى فى النظام الحكومى والدستورى، يرهق الأجهزة التنفيذية ويرفع تكلفة الأمن بدرجة غير مقبولة، ويساعد على زيادة التخبط وهو مايدعو إلى ضرورة التوصل إلى حلول جذرية بالنسبة لفساد الجهاز الحكومى وكذلك بالنسبة لمسألة حماية المقتنيات الفنية والآثار لضمان عدم تكرار الحادث.
ونتمنى أن تقوم صحوة على الروتين الحكومى والكسل، واتباع وسائل الوظائف الإدارية الناجحة وهى، وضع الخطط الخمسية المعقولة الطموحة والخطط البديلة، للتقدم والإصلاح الاقتصادى والثقافى والإدارى، ثم وضع الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة بدقة، ثم نظام رقابة فعال يكشف الخلل فى أسرع وقت أولا باول، ووضع نظام للثواب والعقاب بعد المراجعة الدائمة، ثم التقييم والتعديل بحيث نضمن نجاح النظام ليس فقط بالنسبة لحماية متاحف الآثار ولكن لجميع الشئون الحكومية.
• دكتوراة فى إدارة الأعمال ورجل أعمال.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة