"ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين".. بتلك الكلمات وصف الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أعضاء جماعته عندما شعر أن النبتة التى زرعها لم تعد تطاوع أماله وأصبحت حرة طليقة تستخدم الأفكار التى وضعها بيده ضده .
عبثا ظن الشيخ البنا صاحب الشخصية القيادية وصاحب المرجعية الإسلامية السياسية انه يستطيع إن يمتلك ذمام جماعة قوية يمكنها تغيير الكثير فى المجتمع والنظام السياسى، زادت طموحاته يوما بعد يوم عندما وجد تنظيمه يزداد عددا ونفوذا فطمح فى أن يمتلك هذا التنظيم سيف يزيد من قوته وهو النظام الخاص والذى كان يمثل الجناح العسكرى السرى للإخوان والذى أصبح فيما بعد ذريعة لاغتيال البنا فى فبراير عام 1949 بمباركة من الحكومة.
وألان وبعد مرور أعوام كثيرة على اغتيال البنا أتساءل كيف يفكر الأخوان الآن وهل هم امنين من غدر توجهاتهم السياسية بهم مثلما غدرت بالبنا أم لا ؟ ولماذا رغم نجاحهم فى الاستمرار طيلة تلك السنوات لم تتمكن الجماعة فى طمئنه "المعتدلين" نحو توجهاتها ؟ .. وهنا اطرح تلك التساؤلات ليس لنقد الجماعة أو التقليل منها فليس من العقل أن انتقد فكرة وفكر الجماعة الآن فهذا الدور قام به العديد من الكتاب من قبل كما إننى لست مؤمن بجدوى هذا النوع من النقد لان الجماعة رغم كل شئ نجحت فى ان تثبت إنها واقع حى لا أحد يستطيع إنكاره فهى رغم أنها لا تتمتع بأى شرعية إلا إنها اقوى من أى حزب سياسى ومن أى حركة سياسية ورغم كثرة أخطائها إلا إنها تتبع خطى منظمة ومحسوبة وفقا لرؤية قادتها الذين يعرفون جيدا متى يتحركون باستقلالية ومتى يتحركون بالتعاون مع الحركات السياسية الاخرى ومتى لا يتحركون من الأصل، لذا لن أقلل من قيمة الأخوان كواقع له دورة فى الشارع المصرى الآن خاصة وانى أجدهم يحاولون توجيه جزء من طاقتهم فى خدمة المواطنين لكسب ثقتهم فبعيدا عن النوايا هذا شئ جدير بالاحترام، لكنى أتعجب .. إلى متى سيستمر وضع هذه الجماعة بهذا الصورة الغير شرعية إلى متى ستظل بقايا الجناح العسكرى ممتدة فى شرايين قادة الجماعة والتى تتمثل فى محاولات الترويع واستعراض القوة والتى لا تخلوا منها تظاهراتهم سواء فى الجامعات أو فى الشوارع، فضلا عن غلظة لسان وقسوة حديث بعضهم والذى يزيد من مخاوف المواطنين منهم، إلى متى سيظل هذا الخلط الغير مفهوم بين العقيدة الدينية والفكر السياسى وكم مصرى يشعر ان افكار الجماعة ما هى إلا متاجرة بالدين أو بتحويل الإسلام العظيم لمجرد تيار يصارع تيارات أخرى فى بحور السياسة القذرة .. عبر التاريخ ظلت الجماعة كأداة من أدوات الحكام يحاولون بها مناورة قوى داخلية وخارجية لتحقيق أهداف فى النهاية لا تخدم إلا النظام الحاكم فى نظير السماح لها بالاستمرار لكن بدون شرعية لتبقى تحركاتها فى الحدود المسموح بها، وهنا أتساءل من استفاد أكثر من فكرة وجود الجماعة منذ نشأتها هل هو النظام الحاكم أم الجماعة ذاتها ؟ ومتى استطاعت الجماعة بالفعل التأثير على الحياة السياسية فى مصر بشكل واقعى وليس بمجرد أعداد بمقاعد البرلمان ؟ والأهم إذا رفع النظام الحاكم فى مصر الحذر على إنشاء حزب ذو مرجعية دينية وهو الهدف الاسمى لقيادات الأخوان ؟ هل سيكون هو الأنشط أم انه سيكون سببا فى كشف حدود سلطة أفكاركم ليؤكد انه حزب فقط " للاخونجية " وليس للمواطنين ؟ ، هل إذا نال الإخوان المراد وانشئوا حزبهم بل ووصلوا للسلطة هل سيحافظون على تعاطف بعض المواطنين معهم ام أنهم فى تلك اللحظة سيشعرون أن اللعبة دخلت فى مراحل الخطورة فيتخلى هؤلاء المتعاطفون عن مشاعرهم خشية حينما يجدون حريتهم تطمس منهم ؟، هل سيضم الاخوان آنذاك انهم سيحافظون على تماسكهم ان خلافتهم الداخلية ستقضى عليهم ؟ بل هل سيضمن رئيس حزب الجماعة ذاته انه لن يأتى يوما علية يقول فيه عن أعضاء حزبه ما قاله الشيخ البنا فى الماضى ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين ؟!
* صحفى بوكالة انباء الشرق الاوسط.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة