حينما ينقطع التيار الكهربائى بهذا الشكل الواسع، تتداعى العديد من الصور، والتصريحات الحكومية التى طالما تحدثت عن الكهرباء، ولعل أول ما يلفت الانتباه أننا نعمل منذ عشرين عاما فى مشروع الربط الكهربائى العربى الموحد.
وحين بدأ هذا المشروع قال المسئولون إن الهدف منه هو توزيع أحمال الكهرباء بين الدول، حسب ساعات الذروة، فحين تكون ساعة الذروة فى السعودية ينتقل الفائض الكهربى من مصر إليها، والعكس، وهكذا مع بقية الدول المشاركة فى الربط الكهربى.
لكن الغريب أنه حين بدأ انقطاع الكهرباء لم نسمع عن هذه الشبكة الموحدة، ولم تتحرك الكهرباء من بلد لآخر، إلا إذا كان الهدف من مشروع الربط الكهربى هو تصدير الطاقة وعدم استيرادها، بما يعنى أن الربط الكهربى الموحد لم يكن أكثر من مشروع تجارى بالنسبة لنا!
ما يلفت الانتباه أكثر فى قضية الكهرباء هو عدم المساواة بمعنى أن شركة الكهرباء التى تقطع التيار بالتبادل بين الأحياء والمناطق والمدن، لا تراعى العدالة الاجتماعية، ولا تطبق مبدأ المساواة فى الظلم عدل، لأنها تفرق بشكل طبقى بين الناس فى قطع الكهرباء.
فعلى سبيل المثال هناك أحياء ممثل الزمالك وجاردن سيتى والمهندسين ومصر الجديدة لا تقطع فيها الكهرباء أبدا، وإذا شئنا الدقة فإن الكهرباء تنقطع فى المناطق الشعبية والعشوائية والخدمية المجاورة لهذه المناطق بينما لا تنقطع الكهرباء فى الأحياء الراقية أبدا.
وفى حين لا يزيد قطع التيار فى القاهرة عن ساعتين يوميا، يصل فى قرى الدلتا والصعيد إلى عشر ساعات، وأحيانا يمر اليوم بطوله دون كهرباء، مما يكشف فعلا عن غياب العدالة والمساواة فى قضية بسيطة مثل قطع التيار الكهربائى!
سياسيا تكشف أزمة الكهرباء، وما رافقها من خلاف بين وزيرى الكهرباء والبترول، عن ضعف الأداء الحكومى، وتحول مجلس الوزراء إلى جزر منعزلة، بحيث يتعامل كل وزير مع وزارته على أنها ملكية خاصة أو عزبة يمتلكها، وكأننا لسنا فى دولة واحدة، وأن هؤلاء الوزراء أعضاء فى حكومة واحدة وعليهم مسئولية تضامنية مشتركة.
ولأن هذه ليست الحالة الأولى التى يختلف فيها وزيران فى العلن، ويحضرهما الرئيس للتوفيق بينهما فإن استمرار رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف قد أصبح محل شك، لأنه لا يعرف إدارة وتسيير مجلس الوزارء فكيف يمكنه إدارة بلد.. وربما قريبا سنقول له نورت مصر.. أقصد ضلمت مصر!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة