لا مكان لبرامج "التوك شو".. ولا برامج الحوارات.. ولا حتى البرامج الفكاهية الرمضانية المعتادة.. على خريطة اللهو والعبث فى الشهر الكريم.. لا بالنسبة لواضعى هذه الخريطة فى التليفزيون المصرى أو الفضائيات على تنوعها واختلافها.. ولا بالنسبة للمشاهدين فى المنطقة العربية.. كل الحوارات والتعليقات عن المسلسلات التى غرق فى طوفانها المشاهد العربى من المحيط إلى الخليج!
دراما على النيل للدراما.. والنيل كوميدى.. والنيل لايف.. والمصرية والأولى أيضا.. دراما 2.. ودراما +2.. ودراما 2+2.. دراما على كل الفضائيات الخاصة.. والحصرى على التليفزيون المصرى مختلف عن الحصرى على القنوات الخاصة.. عشرات الأعمال الدرامية التى لا تملك أن تتابعها جميعها أو معظمها.. حتى لو كنت قد عقدت العزم – مثلى – قبل بداية الشهر الكريم على متابعة أعمال بعينها.. نجح مخرجو إعلاناتها التمهيدية فى جذب عينك وعقلك لمشاهدتها.
سياسة الإغراق هى بالضبط ما قام به اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. والتى غالبا ما جاءت بنتيجة عكسية تماما.. فلم يصمد المشاهد أمام شاشته كما كان متوقعا.. وكان الاختيار بين بضع أعمال لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. لتعمل أصابعه على "الريموت كونترول".. متنقلا بين الفضائيات المختلفة.. يختار من بينها بضع أعمال أخرى لا تتجاوز أيضا أصابع اليد الواحدة.. السؤال المهم، ما هو مصير هذا السيل من المسلسلات والبرامج التى أنتجت خصيصا للعرض فى رمضان؟!.. وكل تلك الأموال التى أهدرت على هذه الأعمال دونما تحقيق العائد المرجو منها.. لا بالنسبة لمنتجيها.. ولا لمشاهديها!
ثم كيف خطر بذهن جهابذة ومهندسى ومخططى ومنفذى الخرائط البرامجية فى التليفزيون المصرى والفضائيات الخاصة.. أن يستوعب العقل البشرى – مهما كانت قدرته على التفرغ – هذا السيل من الأعمال الدرامية.. التى لا هدف منها سوى الحشو ثم الحشو فالحشو.. إلا قليلا منها بالطبع.. وكل تلك الفواصل الإعلانية التى تدلت الألسنة منذ سنوات.. فى التحذير من الإفراط فيها دونما سامع أو فاهم أو مجيب.. من الذى أفتاهم فى ماسبيرو ومدينة الإنتاج الإعلامى بأن أحدا يشاهد كل هذا الزحام الدرامى المستفز؟!
أما ضيوف البرامج – الحوارية وغيرها – فكان الله فى عونهم.. وكثيرون منهم مسئولون كبار.. تجد أحدهم فى برنامج "تافه" على إحدى المحطات.. ثم لا تلبث أن تجده على محطة أخرى بعد ساعات فى برنامج "تافه" أيضا.. أما ما يقوله الضيوف– لا سيما الكبار منهم– فى حواراتهم فهو شىء من "التفاهة" أيضا.. يحاورهم أو يجلس أمامهم على كرسى المذيع – أو المذيعة – نوعين لا ثالث لهما من متخصصى البرامج الرمضانية.. إما "مبهورين" جدا بهؤلاء الضيوف.. أو مصابين "بالعته الإعلامى".. وهو التطور الطبيعى للتفاهة التى يعانى منها أصحاب لقب "إعلامى" فى هذه المرحلة!.. وما يحدث فى ماسبيرو لا يختلف كثيرا عما يحدث فى الفضائيات الخاصة.. فالممسك بدفة اتحاد الإذاعة والتليفزيون قادم من الفضائيات الخاصة.. وأولئك الممسكون بدفة الفضائيات الخاصة مازالوا على قوة "الخواجة ماسبيرو"!!
وعندما قررت بعد مرور 10 أيام من الشهر الكريم الاكتفاء بمسلسل واحد جاد وآخر خفيف وبرنامج واحد فقط.. ثم أمر مرور الكرام على هذا التكدس الرهيب من المواد الدرامية والبرامجية.. اكتشفت أن الكثيرين جدا قرروا الشىء ذاته.. من إعمار وثقافات مختلفة.. وتلك هى المفاجأة التى لم ترد على بال مهندسى الدراما.. فكل عام وخريطتهم البرامجية بخير.
* كاتبة صحفية بالأهرام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة