الاقتصاد السرى هو مجموعة من الأنشطة الاقتصادية غير المسجلة سواء كان منها مشروعا أو غير مشروع، وهى تسير فى قنوات بعيدة عن رقابة وتأثير الإدارة الاقتصادية للدولة، وهذه الأنشطة لا تستطيع السياسة الاقتصادية بأدواتها التقليدية والمستحدثة من سياسات مالية ونقدية وائتمانية وأسعار صرف وأساليب تخطيط أن تصل إليها، مما يفقد هذه السياسات والأدوات فاعليتها فى إدارة حركة وديناميكية أداء الاقتصاد القومى.
ويختلف تقدير حجم الاقتصاد السرى من بلد إلى آخر، ويرجع الاختلاف فى التقدير إلى درجة أهمية الظاهرة ومدى تأثيرها على النشاط الاقتصادى المعلوم، كذلك الأسلوب المتبع فى القياس، هناك خلافات حول تقديرات الاقتصاد السرى، فالحكومة تقدره بما يتراوح ما بين ستين إلى ثمانين مليار جنيه، فى حين أن هناك تقارير صادرة من بعض مراكز الأبحاث تشير إلى أن حجم هذا الاقتصاد يصل إلى أكثر من 120 مليار جنيه، وهناك من يرى أنه يزيد على ذلك ويصل إلى نحو 300 مليار جنيه إذا أضيف إليه حجم الأنشطة غير المشروعة كتجارة المخدرات وغيرها.
يذكر أن الاقتصاد السرى ليس عربيا فقط، حيث يمكن أن نراه فى دول أوروبية وآسيوية كثيرة، حجم هذا الاقتصاد يقدر بـ 30% فى المتوسط من حجم الاقتصادات العربية غير النسبية، هو مثلا يقدر بـ 40% من حجم الاقتصاد السورى، وفى الجزائر اعترفت الحكومة أن سبعمائة من الأسواق المعلنة غير الرسمية ظهرت خلال فترة التسعينيات لبيع كل شىء من قطع غيار السيارات المقلدة إلى الذهب لتسيطر على 40% من اقتصاد الجزائر. محاولات الحكومات العربية فشلت حتى الآن فى تنظيم الاقتصاد السرى فهى فى جانب مهم تعتبره مصدرا لتحصيل الضرائب لسد عجز موازناتها، بينما يرى أصحابه أن أعمالهم فى مأمن طالما هى بعيدة عن يد أنظمة الضرائب، بل ويؤكدون أن نشاطهم يزدهر فى أوقات الكساد وضعف القوة الشرائية.
يقول الدكتور حمدى عبد العظيم، رئيس أكاديمية السادات السابق: "إن حجم الاقتصاد السرى أو "الموازى" فى مصر قد وصل إلى 150 مليار جنيه فى السنوات الأخيرة.
وأشار عبد العظيم إلى أنه يمكن الاستفادة من الاقتصاد السرى عن طريق تأهيله وأخذ جزء منه كضرائب، وبالتالى يعتبر عنصر مهما لأنه يساعد على سد عجز بعض من الموازنة العامة، ويقلل من الديون العامة للدولة، ولكن عند تحويله إلى اقتصاد شرعى أو مسجل يكون آمنا من ناحية المواصفات والغش التجارى الذى يترتب عليه عليه بالخضوع للتفتيش الذى يحمى الإنسان المصرى من ناحية المواد الجيدة والصحة.
ويوضح عبد العظيم على إمكانية تحويل الاقتصاد السرى إلى رسمى أو شرعى لابد من إلزام القائمين على الأنشطة السرية أن يقوموا باستخراج بطاقات وتراخيص، ولكن فى نفس الوقت لابد من إعطائهم الأمان من الإعفاء الضريبى لمدة خمس سنوات حسب الإقرارات المقدمة، فإذا كانت نسبة العائد جيدة أو تكفيه وتتيح له الاستمرارية يتم تحصيل الضريبة منه وإذا لم يكن العائد كافيا نعطيه مهلة أكثر حتى يستطيع أخذ الثقة، ومدها إلى أكثر من خمس سنوات، وبالتالى يكون فى أمان ويستطيع تسجيل الأنشطة التى يزاولها.
وتطرق إلى أن وزارة المالية لم تعلن حتى الآن عن الخطة الجديدة لتنظيم الاقتصاد السرى، حيث إننا نجد الوزارة تقوم بالإعلان عن خطة جديدة لتنظيم الاقتصاد السرى، ولكن تتراجع ولم يتم إخراج هذه الخطة إلى النور.
واقترح عبد العظيم إقامة مشروع من خلال مجموعة من الخبراء يقومون بدراستها جيدا وتصنيفها من خلال دراسة دقيقة يستطيعون من خلالها حماية التاجر أو البائع البسيط، ويعمل فى مستوى شرعى، وأن تكون بداية تحصيل الضرائب منهم فى فترة لا تقل عن 5 سنوات، وأن تزيد إلى 7 سنوات إذا تعثر فى هذه الفترة، أما الدكتور أحمد غنيم، مدير مركز البحوث الاقتصادية يشير إلى أن الاقتصاد السرى يمثل أكثر من 50% من الناتج القومى فى الفترة الأخيرة، وكل عام يقفز إلى الأمام عن العام الذى يسبقه لتزايد أعداد الباعة والتجار غير القانونيين، وهذا ما أرادت أن تقضى عليه وزارة المالية من خلال التوعية للمواطنين بالإعلانات وأهمية مطالبة المواطن بالفاتورة عند الشراء.
وعبر غنيم عن أن المشكلة تكمن فى عدم الثقة فى الحكومة المصرية، وذلك لإحساس المواطن بالقهر وارتفاع معدلات الضرائب التى تأخذها منه، وهذا ما لاحظناه فى الفترة الأخيرة عندما تم الإعلان عن قانون الضرائب العقارية الجديد، فلذلك لجئوا إلى الهروب منها، وهذا مبشر بعدم التكاتف للقضاء عليه ولحل هذه الأزمة، ولكن يجب عدم تشديد الرقابة على التاجر فى البداية.
وتطرق إلى أن عدد المنشآت السرية فى مصر يصل إلى 70% من المنشآت فى القطاعات، وعن خطة الحكومة لتعديل هذه النوعية من الاقتصاد يقول دائما ما تنفرد الوزارة بأخذ القرارات التى تكون فى الغالب خاطئة، مما يزيد من غضب الشعب وبعدها تقوم بتعديل هذه القرارات.
خبراء يفتحون ملف الاقتصاد السرى فى مصر ويؤكدون إمكانية تنظيمه بالإعفاء الضريبى..حمدى عبد العظيم: حجمه يصل إلى 150 مليار جنيه ..أحمد غنيم: 70% من المنشآت الاقتصادية سرية
السبت، 21 أغسطس 2010 12:25 م