◄◄ أبوالعينين: اشتريت المتر بـ100 جنيه وكلفته 300 جنيه والحكومة لم تلتزم ببنود التعاقد.. ومحمد فريد خميس: انسحبت بعد الأزمات والمشاكل
تصاعدت فى الفترة الأخيرة حدة الأزمات بين الحكومة المصرية وشركة تيدا الصينية المسؤولة عن تطوير المنطقة، بعد فشل التوصل إلى صيغة مرضية للتعاقد مع الحكومة، وهى نفس الأسباب التى سبق أن تسببت فى طرد المستثمرين المصريين من قبل، بعد أن كانت المنطقة حلما استثماريا لهث وراءه الكثيرون.
كان خلاف قد نشب مؤخراً بين المستثمرين الصينيين فى منطقة شمال غرب خليج السويس الاقتصادية، ووزارة الاستثمار، حول تطوير المنطقة وضخ استثمارات بها.
فقد طالب الجانب الصينى بمد فترة حق الانتفاع بالأرض فى منطقة شمال غرب خليج السويس عن الـ40 عاما التى تم تحديدها، على أن تؤول الأرض للحكومة بعدها. ولم ترد الحكومة المصرية على الطلب، وأعلنت عن جولة مفاوضات بين هيئة شمال غرب خليج السويس التابعة لوزارة الاستثمار، وشركة «تيدا» المصرية الصينية، المطور العام للمنطقة.
الحكومة تحاول حالياً إنقاذ المنطقة عبر الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار الذى يحاول بدوره أن يلقى بطوق نجاة عن طريق سعيه لاستصدار قرار من مجلس الوزراء قريبا، لضمها إلى المناطق الجنوبية الصناعية وإنشاء هيئة واحدة يرأسها محافظ السويس، ورئيس الهيئة الحالى، ومندوب من إحدى الجهات السيادية.
«اليوم السابع» حاولت رصد حالة المنطقة على الطبيعة وحصلت على آخر دراسة قام بها معهد التخطيط لهذه المنطقة عام 2002 حول طبيعة المشروعات الموجودة والمشكلات التى يعانى منها المستثمرون.
وحسب الدراسة حصلت 8 مصانع على إجمالى مساحة الأراضى بالمنطقة وكانت لإحدى شركات ساويرس بقطاع 1 التنفيذ بنسبة 37.6 % من حجم المنشآت والشركة الصينية بقطاع 2 بنسبة تنفيذ 10 %، وشركة أبوالعينين بقطاع 3 بنسبة تنفيذ 16.8 % وشركة حديد عز بنسبة تنفيذ 18.6 % أما شركة محمد فريد خميس فاستحوذت على قطاع 9 بنسبة تنفيذ 4.76 % والشركة المصرية للأسمدة بنسبة تنفيذ 100 % وديكوم للخرسانة بتنفيذ 100 % وجى بى للحافلات بنسبة تنفيذ 0 %.
إلا أن جولة «اليوم السابع» داخل المنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس، كشفت عن توقف بعض المشروعات داخل المنطقة الحرة الخاصة بشمال غرب خليج السويس، والتى نتج عنها تسقيع بعض الأراضى المملوكة للمصانع والتى تم الحصول عليها منذ عام 1995 مع بداية المشروع، ولم يتم استغلالها حتى الآن، فى حين قامت شركات أخرى حصلت على الأراضى منذ عدة سنوات بالعمل وإنشاء مصانع وتشغيلها.
ومن أمام ميناء السخنة وعلى امتداد آلاف الكيلو مترات حتى بداية المنطقة السياحية على بعد 50 كيلو من الزعفرانة، شاهدنا عدة مصانع، منها مصنع الشركة المصرية للأسمدة والتى منحت الأراضى منذ 15 عاماً مع بداية الإعلان عن المنطقة الصناعية، فى حين لم تقم بإنشاء سوى مصنع واحد، وظلت بقية الأراضى الموجودة والممنوحة من هيئة الاستثمار محاطة بسور كبير، وموضوع عليه يافطة «هذه الأراضى تخص الشركة المصرية للأسمدة».
الغريب أن المنطقة التالية لشركة الأسمدة كانت لشركة أخرى حصلت على الأرض منذ أربع سنوات، فى حين قامت بإنشاء عدة مصانع وشركات، بل وقامت بتجميل المنطقة الواقعة أمامها، وهى الشركة العربية لأنابيب البترول سوميد والتابعة لشركة بتروجيت.
وجاءت فى المحطة الثالثة مجموعة شركات أبوالعينين لتصنيع السراميك والتى تضمنت شركة الدورادو، وشركة كليوباترا، وشركة فانسى لتصنيع السيراميك والتى بدأ تشغيلها منذ عدة سنوات لإنتاج السيراميك.
قابلتنا بعد ذلك عدة شركات مثل شركة خليج السويس للطاقة، وهى الشركة المسؤولة عن إمداد الشركات بالكهرباء، وشركة البترول المصرية لتصنيع أجهزة الحفر. إلا أن اللافت للنظر هو ما شاهدناه على مقربة 50 كيلو من الزعفرانة، ويقع خلف مجموعة شركات أبوالعنينن، وهو الأراضى التى تخص المطور الصناعى تيدا والتى وقعت معها الحكومة المصرية تعاقدا منذ عام تقريبا، لتنمية المنطقة الواقعة شمال غرب خليج السويس والتى فشلت المفاوضات بين مصر والصين فى التوصل إلى صيغة مرضية لشروط حق الانتفاع.
الشركة التى حصلت على أراض لتطوير جميع أعمال الحفر، متوقفة عن العمل فى حين تختفى وراء الأراضى التى حصلت عليها وبها بعض مظاهر العمل السابقة، أربعة مصانع كبرى صينية تخص نفس المطور تعمل منذ ثلاث سنوات، أى قبل توقيع التعاقد وهى شركة صينية للمنسوجات، وشركة للصوف، وشركة للمناديل الصحية وأخرى للاستانلس.
والمفاجأة أن المصانع الصينية تعمل منذ ثلاث سنوات، وكلها تخص المطور الصناعى تيدا والتى تعمل بها عمالة مصرية وصينية، فى الوقت الذى مازالت تتفاوض مع الحكومة المصرية على طريقة حق الانتفاع بالأراضى.
وعلى الرغم من وجود أزمة حقيقية فى التعاقد بين مصر والصين بسبب إصرار الجانب الصينى على توصيل مصر للمرافق داخل مشروعاتها بالأراضى التى حصلت عليها بأسعار مخفضة إلا أن الواضح أنها تضع يدها على الأراضى وتقيم عليها مشروعاتها التى تعمل قبل تاريخ تعاقداتها.
ويأتى ذلك بعد سلسلة من المشكلات المتتالية بين الحكومة والمستثمرين المصريين الذين حصلوا على أراض بنفس المنطقة.
وتشير الدراسة إلى أن حجم الإنجاز فى ذلك الوقت بمنطقة شمال غرب خليج السويس بلغ 23.6 % من إجمالى الأراضى المخصصة لشركات التنمية والتى تقع تحت مسؤولية القطاع الاستثمارى، كما أن إجمالى المشروعات التى تم تنفيذها بلغ 8 مشروعات فقط من أصل 18 مشروعاً حصلت على تراخيص العمل.
وتظهر الدراسة أن إجمالى تكلفة البنية الأساسية بمشروع شمال غرب خليج السويس تبلغ نحو مليار و834 مليون جنيه، أنفقت منها الحكومة نحو مليار و127 مليون جنيه فقط، وشملت أعمال الطرق البرية وطرق السكك الحديدية والكهرباء والماء، بالإضافة إلى تكلفة أعمال الرصف والتكريك، ومتطلبات التشغيل بالميناء.
وبمراجعة ما تم تنفيذه، فقد اتضح أن معدلات التنفيذ ونسب الإنجاز قد تفاوتت من عنصر لآخر، مما ترتب عليه أن استثمارات كبيرة تم توجيهها لإنجاز أحد عناصر المرافق أو البنية الأساسية الأرضية أو المائية، بينما هناك عنصر آخر لم يكتمل إنجازه أو لم يبدأ تنفيذه، وهذا التفاوت فى معدلات الإنجاز حال دون الاستفادة مما تم إنجازه، مما يعتبر إهدارا للموارد وتعطيلا للطاقات التى أنجزت.
لكن ماذا يقول بعض المستثمرين المصريين فى المنطقة؟
يكشف رجل الأعمال محمد أبوالعينين رئيس مجموعة كليوباترا والتى تعد من أوائل الشركات العاملة بالمنطقة والتى بدأت منذ عشر سنوات بإقامة مصنعين للسيراميك، الأزمات التى واجهته عند تعاقده مع الحكومة، وهى عدم التزامها ببنود التعاقد بينها وبين المستثمرين فى توصيل المرافق للمنطقة، وهو ما كلفه مبالغ كبيرة فى توصيلها والتى تعدت 300 جنيه للمتر فى حين اشترى هو المتر بـ100 جنيه خاليا من المرافق الأساسية من مياه وكهرباء وغاز وخطوط تليفونات.
وقال إنه ظل يطالب المحافظة عدة سنوات بتنفيذ التزامها بالتعاقد، إلا أنها رفضت وطلبت منه أن يقوم هو بالتوصيل على نفقته الخاصة من أقرب مكان يتوفر به مرافق والذى يبعد عن المنطقة بأربعة كيلو على الأقل وهو نفس السبب الذى أبعد مستثمرين كبارا عن نفس المنطقة التى كانت تمثل حلماً لهم.
محمد فريد خميس رئيس مجموعة «النساجون الشرقيون »رفض التعليق على ما حدث من الحكومة تجاه المستثمرين المصريين قائلا إنه لم يعد أحد من المستثمرين فى المنطقة واكتفى بالقول بأنه انسحب منها بعد سلسلة من المشكلات المتتالية.