أثار رفض هيئة الرقابة المالية لطلبات بعض الشركات المدرجة فى البورصة بتجزئة أسهمها مؤخراً ـ وكان آخرها وقف تداول "رواد للسياحة" ـ تساؤلات الكثيرين عن أسباب هذا الرفض؟ وقواعد الموافقة والرفض لتجزئة الأسهم؟ وتأثير ذلك على سعر السهم فى البورصة؟ وكيفية حماية لمستثمرين من عمليات المضاربات التى تتم عقب تجزئة الأسهم؟
وتجزئة الأسهم هو إجراء تقوم به الشركات المدرجة فى البورصة بهدف زيادة أعداد الأسهم وتقليل قيمتها السوقية حتى تكون متاحة لأكبر عدد من المستثمرين بسعر مناسب، وبالتالى زيادة حجم التداول الحر على السهم وزيادة السيولة فى السوق، بالإضافة لتحريك السهم وزيادة نشاطه وبالتالى ارتفاع قيمته، إلا أن الكثير من هذه الشركات والمساهمين المحترفين يقومون بعمليات مضاربة على هذه الأسهم وهو ما يضر السوق والمساهمين الصغار بشكل كبير.
هيئة الرقابة المالية اضطرت إلى وضع قواعد حازمة على عمليات تجزئة الأسهم كان آخرها فى عام 2007 بعدما زادت عمليات المضاربة والتلاعب على الأسهم من خلال الإعلان عن تجزئة الأسهم واستغلال هذه العملية فى رفع قيمة السهم فى فترة زمنى بسيطة بدون مبرر حقيقى فى نشاط الشركة، وبدون حاجة ملحة لتجزئة الأسهم.
وأكد عمرو الفار خبير سوق المال أن تجزئة الأسهم تلجأ إليه الشركات عندما تزداد القيمة لسوقية للأسهم بمرور الوقت وهو ما يقلل حجم التداول عليه وتقل السيولة المستثمرة به مما يؤدى إلى حالة من لركود على السهم بعدما تمتنع شريحة كبيرة من المساهمين عن التعامل على السهم بسبب ارتفاع قيمته خصوصا وأن 70 من المتعاملين فى البورصة من المستثمرين الأفراد وأغلبهم يفضل التعامل على الأسهم ذات الأسعار البسيطة، مقابل الأسهم الغالية فى السعر.
وقال الفار إنه يمكن لتجزئة الأسهم أن يكون لها تأثير سلبى على الشركة إذا كان الشركة أصلاً تملك عدداً كبيراً من الأسهم مثل "طلعت مصطفى" التى تخطى عدد أسهمها المليار جنيه، بالإضافة إلى أوراسكوم وغيرها من الشركات الكبرى فى البورصة.
وقال الفار إن بعض المستثمرين والشركات تلجأ لتجزئة الأسهم كباب خلفى للمضاربة على الأسهم وزيادة أسعارها بصورة سريعة بدون مبررات حقيقية لارتفاع قيمة السهم فى نشاط الشركة أو أعمالها.
أما سامح غريب – محلل فنى ومعلومات- فقال إن تجزئة الأسهم تخضع لقواعد أعلنت عنها هيئة الرقابة المالية بعدما ازدادت حالات الشركات التى تطلب تجزئة أسهمها بدون سبب فى محاولة منها لتنشيط الحركة على السهم بدون أن يكون هناك ارتفاع فى أرباح الشركة مثلا وتحسن فى أدائها العام أو ارتفاع قيمة أسهمها بصورة كبيرة، وحتى لو كانت الشركات لها مبرراتها الحقيقية لذلك فإن بعض المستثمرين عادة ما يستغلون تجزئة الأسهم للمضاربة عليها وتحقيق مكاسب بعدما يزداد التداول عليها خصوصا من المستثمرين الأفراد الذين يتعاملون بعشوائية ويعتمدون على المضاربة على الأسهم ذات السعر البسيط.
وأشار غريب إلى أن بعض الشركات عندما تفشل فى تجزئة الأسهم بسبب رفض الرقابة المالية مثلا فتلجأ إلى الاتفاق مع مسئولى شركات السمسرة لتسريب بعض المعلومات مثلا عن قرب تجزئة السهم وبالتالى يتكالب المستثمرون على شراء السهم فيرتفع سعره بصورة سريعة، وفى بعض الأحيان يكون الاتفاق بين الأفراد، حيث تجتمع مجموعة من المستثمرين المضاربين ويتفقون على سهم ما يبدأ فيه عمل ما يسمى بالـ "جيم"، وبمجرد الاتفاق يبدأ السهم فى الصعود الحاد يتزامن معه نشر هؤلاء المضاربين شائعات عن تجزئة السهم، ونعلم جميعا أن من أهم الأسباب التى تجعل الشركات تقوم بتجزئة أسهمها هو تخفيض القيمة السوقية للسهم ليصبح سعره مقبولا وفى متناول أكبر عدد ممكن من صغار المستثمرين بالإضافة إلى زيادة سيولة تداول السهم فى السوق عن طريق زيادة عدد الأسهم المتاحة للتداول بالسوق، وأخيراً لأسباب نفسية حيث يعتقد بعض المستثمرين أن سعر السهم إذا كان منخفضاً يكون أكثر قابلية للصعود من الأسهم الأخرى مرتفعة السعر.
ومنذ أيام علقت إدارة البورصة التداول على أسهم شركة "رواد للسياحة" لحين رد هيئة الرقابة المالية على قرار الشركة تجزئة الأسهم، وهو ما حدث من قبل أيضا مع شركة النساجون الشرقيون، وأوقفت أيضا الهيئة التداول على السهم لحين رد الهيئة، وهى الإجراءات التى أكدت إدارة البورصة أنها ستستمر منعا للمضاربات التى عادة ما تحدث على الأسهم التى تعلن عن رغبتها فى تجزئة أسهمها ويرتفع سعرها بشكل عشوائى وغير مبرر مما يضر بالمساهمين، خصوصاً الصغار منهم الذين يندفعون وراء هذه المضاربات.
تلجأ إليها الشركات لتنشيط أسهمها.. ويستغلها الكبار لتحقيق أرباح سريعة على حساب الصغار..
الخبراء: تجزئة الأسهم بالبورصة "الباب الخلفى" للمضاربة.. وخطر يهدد صغار المساهمين.. ويحتاج إلى تقنين
الخميس، 19 أغسطس 2010 02:58 م