خالد سعيد، وائل الإبراشى، قضية المحامين، الجندى الإسرائيلى "جلعاد شاليط" وغيرها الكثير والكثير، جلست أفكر ماذا يُراد بنا؟ وهل الإعلام أصبح المحرك الرئيس لكل ما حولنا؟ يتناول قضية فنتحلق حولها تحلقنا ونحن صغار بانبهار حول الحاوى "المهرج أو الساحر" ونفتح أشداقنا مشدوهين بما يقدمه من حركات خفة اليد واللعب بالنار وحين ينتهى نتفرق على موعد آخر فى انتظار عرض جديد ربما فى الغد أو بعد شهر أو حتى سنة، ونتناسى ما حدث أمامنا حتى يذكرنا من جديد حضور الحاوى بما قدمه لنا سابقاً.
قصة غريبة تتكرر مع تغير اللاعبين، فالحاوى أصبح وسائل الإعلام التى تركز على خبر أو حادثة معينه فتشغلنا بها عن كل ما سواها ثم تنتقل بخفه لحادثة أخرى تريد أن تشغلنا به ونحن ننساق بلا أدنى مقاومة، قضية خالد سعيد التى كان من المفترض أن تظل ساخنة وتشهد تغييراً جذرياً فى طريقة التعاطى مع مثل هذه الحوادث التى يدعون أنها فردية، مع أنها أصبحت سمة التعامل بين من يفترض بهم أن يكونو حماة الشعب وفى خدمة أمنه وبين أفراد الشعب العزل، كان من المفترض ألا يصمت الإعلام قبل أن يتم الحكم فى القضية بنزاهة وعدل وقبل أن يستأصل السبب الذى أدى إلى حدوث تلك المهزلة إلا وهو استمرار التعامل بقانون الطوارئ لكن فجأة وكأن الأمر أتى من جهات عليا، صمت الجميع، وابتعد عن التعاطى فى الموضوع ربما رهبة وخوف من أن يطالهم ما طال المغدور خالد سعيد أو قناعة بأن هذا أقصى ما يمكن أن يصل إليه تأثيرهم فى وطن استبيحت فيه كرامة الإنسان واستهين بها إلى أقصى درجات الاستهانة.
وائل الإبراشى وبرغم إن قضيته كإعلامى يسلط عليها الضوء من آن لآخر، إلا أنها أيضاً تندرج تحت نفس التوصيف يتجاهلها الإعلام ويخفت الحديث عنها حتى موعد إحدى الجلسات حين تنبرى الصحافة المرئية إلى تغطية الخبر لكن ليس هناك تنسيق أو متابعة وبحث فى جذور وأصل المشكلة وأين يقع الخط الفاصل بين حرية التعبير وحرية التجنى ورفع القضايا على أصحاب الأقلام، وهل قمنا بالفعل بوضع تصور لحلول مستقبلية، أو البحث عن بدائل لضمان عدم تكرار ذلك مستقبلاً، وهل من حق الوزير أن يرفع قضية على كائن من كان وليس من حق المواطن (كطرف ضعيف أمام جبروت الحكومة) أن يرفع قضيه على الوزير، وهل نحن بلد مؤسسات أم بلد أفراد يحكمه الكيف والمزاج ويتوارى فى جبناته القانون خجلاً أمام طبقة نصبت نفسها صاحبة الأرض والعرض والثروات.
كما هى حال الجندى اليهودى (جلعاد شاليط) فحين يراد استغلال تلك القضية يتم التركيز عليها ووضعها فى بؤرة الحدث ويبكى ويتباكى الكيان الصهيونى البغيض على هذا الشاب المسكين وفجأه تختفى كل العروض وتندثر الوعود ولا يعد أحد يذكر أى شىء عن قضية الجندى أو مطالب حماس بالإفراج عن آلاف الفلسطينيين المحتجزين دون محاكمة ودون وجه حق فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
كوكتيل غريب لقضايا وموضوعات لا رابط بينها سوى ما ذكرت أنها تظهر وتختفى بحسب رغبة القائمين على الإعلام وبحسب رغبات جهات معينة تحرك الأمور كما يحلوا لها من وراء الستار، وأنا هنا لست من مؤيدى فكرة المؤامرة، لكن ألا يستوقفنا ولو قليلاً هذا الذى يحدث وبوتيرة منتظمة ومنظمة، ألا يستحق منا وقفة عاقلة متأنيه لنعرف كيف تدار الأمور ولصالح من؟ بل وكيف لنا أن نتيقن من صدق أو كذب ما يحاولون تسويقه لنا ونتلقفه بلا روية أو تفكير، أم إننا ارتضينا أن نكون إحدى مكونات هذا الكوكتيل فى معصرة الحياة؟
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة