العدالة الاجتماعية.. هذه العبارة التى تتكون من كلمتين هى سر هذا التذمر، الذى يحدث من عامة المصريين ضد النظام ومن يعاونه.. نعم (لقد فار التنور) وأصبح الفيضان على وشك الحدوث، لكن لا توجد لدينا سفينة نوح لتحملنا وتحمينا من هذا الطوفان الهائج، فإن حدث فالكل غارق لا محالة.
اختفاء الطبقة الوسطى من المجتمع المصرى والتى كانت تلعب دور رمانة الميزان وتمنع الاحتكاك والكره والغل بين الفقراء والأغنياء هو ماجعل الناس تلتفت للسياسه وما يحدث فيها من ممارسات همجيه وقرصنه وصراع على المناصب.. اتساع الفوهة بين باطن الأرض وعنان السماء هو مايجعل هؤلاء البسطاء ينظرون لأصحاب القصور الفارهه وسيارات الهامر ومنتجعات شرم الشيخ بهذه العين الحاقدة.
فلو جمعوا ثروتهم بمجهودهم لقلنا على من يتكلم أو ينتقد هؤلاء أنه حاقد على الأغنياء، ولكن قضايا فسادهم وتجارتهم بثروات بلدنا كما يحلو لهم هو ماجعل الألسنة تنطق، والصبر ينفذ، والعقول تشت، غير أن مساهمتهم بالإيجاب فى تدهور أحوالنا وأحوال البلد ككل هو ماجعلنا نحقد عليهم، لأنها ثروتنا فى الحقيقه الاستفزاز الذى يمارسه الساده المسئولون لعامة المصريين من خلال التصريحات الورديه التى يطلقونها من وقت لآخر، دون مراعاة لمشاعر الناس التى ترى وتعى كل ما يحدث حولهم، ولكن المسئولين مازالوا مصرون على معاملة كافة المصريين على أنهم سذج ويضعون أصابعهم فى أفواههم ليرضعون.
نعم الكلمات قاسية، والجمل غير وافية لتعبر عن وضع المصريين الحالى، ومازال مسلسل الاستفزاز مستمراً بانطلاق حملات دعاية لتوريث الحكم رغم النفى المستمر من أعالى القوم عن التوريث.. لكن كالعادة ما يحدث ونراه بأعيننا شىء، وما يصرّح بهِ المسئولون شىء آخر، فهم مصرّون على جعلنا أغبياء لا نجيد التفسير الصحيح لما يحدث حولنا، وعلينا تصديقهم فى كل ما قالوا.. يعالجون الخطأ بالخطأ، ولا يريدون الاعتراف بأنهم خاطئون، وكأنهم ملائكة هابطون من السماء لإدارة هذا البلد، فأصبح لكل منهم جناحان أبيضان، ووجه منير، وبساط أخضر من تحتهِ ليطير بهِ.. وأصبحنا نحن الشياطين، أصحاب القرون الطويلة، والوجوه الحمراء القبيحة، والأشكال الدميمة.
هكذا ترانا الحكومة ويرانا النظام، نحن الأبالسة وهم الملائكة نعم أشعر بالمرارة فى كل حرف أكتبه، ولكننا اليوم غير مطالبين بالصمت على ما يحدث، نريد التحرر من هذا العجز واللامبالاه التى نعيش فيها، لا نريد الخروج عن النظام أو أن نخرب ممتلكاتنا العامة.
ولكن نريد أن يؤثر رأينا فى الآخر ويعمل به، فإن أردتم التوريث أو التمديد، فلكم ما أردتم، لكن يجب أن تعلموا أنكم تحكمون شعب تعداده 80 مليون أغلبه من الفقراء، راعوا الله فيهم، ولا تعاملوهم على أنهم جثه لا تتحرك، فربما يأتى يوم تعود الروح لهذه الجثه لتستيقظ من نومها وتصبح فيضانٍ جارف، يجرف كل شىء فى طريقه ولا تستطيعون السيطرة عليه.