يتهم الآباء أبناءهم ونسوا أنهم مسئولون عن رفاهيتهم المادية والأخلاقية، ويتهم المربون تلاميذهم ونسوا أنهم مسئولون عن ثقافتهم الأخلاقية والعقلية، ويتهم مشايخنا على المنابر وعلى شاشات الفضائيات ونسوا أنهم تجاوزوا كل النصوص الشرعية وتجاوزوا حتى النصوص القطعية الثبوت والدلالة!!
ونتهم جميعا وفرادى ونسينا أننا مسئولون عن طهارة قلوبنا واستقامة أفكارنا كما أننا مسئولون عن حماية صحتنا وحياتنا!!
لا تكاد تلقى أحداً من العرب والمسلمين هذه الأيام إلا وتسمع منه مرَ الشكوى مما آلت إليه حالهم من الضعف والعجز والتخلف، ومن الفرقة والهزيمة والهوان.
الكبارُ يشكون والصغار يشكون
المثقفونَ يشكون والعوام يشكون
المحكومون يشكون والحكام يشكون
كل من تلقاه يشكو
كل من تقرأه يشكو
كل من تسمعه يشكو
كلهم كلهم يشكون، فمن هو المسئول عما يشكى منه هذه الشكوى؟
ومن هو المسئول عما نعانيه من الفشل والبؤس والهوان؟
كل واحد منا يلقى المسئولية على سواه، ولا يكاد يعترف بذنب أو قصور.
« عَجِيجٌ كعجيج النِّساءِ ولا عَزْم، وخُدْعَةٌ كخُدعَةِ إخْوَةِ يوسُف جاءوا أباهم عِشاءً يبكون»
أى بكاء وصراخ، كما تفعل النساء فى المآتم، ولا عزم صادقاً على إزالة أسباب الألم والحزن والشكوى، وعلى تغيير الواقع المرير.
أحمل هؤلاء الذين يبكون ويصرخون، كما أحمل غيرهم مسئولية ما يشتكون منه، فلو أنهم نهضوا جميعاً بواجبهم فى بناء مجتمعهم وفى مجابهة الظلم والفساد، لما وصل بهم الأمر، ووصل بالبلاد والعباد، إلى الحالة التى يضجون بالشكاية منها والبكاء، فهم بالتالى مسئولون بسلبيتهم إن لم يكن بمساهمتهم أيضاً عن هذه الحال وهؤلاء الشاكون كإخوة يوسف عليه السلام يبكون عند أبيهم على أخيهم يوسف وهم ألقوه بأيديهم فى البئر ويدعون كذباً وتضليلاً وتنصلاً من المسئولية أنه قد أكله الذئب.
ألا نبكى ونشكو ونضج بالشكوى والبكاء أو نهدد ونتوعد ونرفع أصواتنا بالتهديد والوعيد، ونتكلم ونتكلم، ونزحم الأفق بالكلام الفارغ الذى يخلو من كل مدلول عملى ومن كل جدية وأثر إيجابى؟ حتى قال قائلون: إن العرب والمسلمين ظاهرة صوتية لا أكثر ولا أقل، ظاهرة صوتية لا يؤبه لها، ولا يلتفت إليها، وليس لها أى مصداقية ورصيد.
ألا ينطبق علينا، أو يكاد ينطبق علينا، قول الشاعر القديم الذى يصف ناساً حالهم كحالنا وأقوالهم وأفعالهم كأقوالنا وأفعالنا:
إذا نَهَضُـوا لِلْقَـوْلِ قَـالُوا فَأَحْسَــنُوا
وَلكـنَّ حُسْـنَ الْقَـوْلِ خَالَفَـهُ الْفِعْــلُ
أيها الشاكى: لعلك الآن فهمت المغزى من اختيارى للمثل العربى كى يكون عنوانا لمقالى.
الخرقاء مؤنث أخرق وهى المرأة التى لا تجيد فعل الشىء ورغم ذلك لديها قائمة بالمبررات- لا حصر لها- تتخير منها مبررا أو أكثر كلما أفسدت شيئا حتى تتنصل من المسئولية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة