أكد عدد من الخبراء أن إنشاء لجنة عليا "لمكافحة الفساد وتوعية المواطنين وتطوير التشريعات لمواجهة الفساد" برئاسة وزير العدل، وعضوية النائب العام وممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والعدل والتنمية الإدارية والنيابة العامة والمخابرات وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، لا يتفق مع ما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ويأتى متناقضا مع مضمون الاتفاقية وإن جاء متفقا معها فى الشكل فقط، كما أنه ينتقص من استقلالية اللجنة التى ترأسها الحكومة، منتقدين أن تقوم الحكومة بمراقبة نفسها.
وقال الدكتور أحمد صقر أستاذ الإدارة بجامعة الإسكندرية وخبير لدى الأمم المتحدة فى مكافحة الفساد إن مصر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لكنها لم تتخذ الخطوات الجادة التى نصت عليها الاتفاقية، وهما أمرين: الأول هو إنشاء جهاز متخصص له صلاحيات مدعوما بموارد يقوم بوضع سياسات لمنع الفساد وكذلك ملاحقته ومكافحته، والثانى هو وضع خطة إستراتيجية لمواجهة الفساد.
وأضاف أن لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية تعد كيانا استشاريا إعلاميا أكثر منه كيان حقيقى مكافح للفساد، خاصة أن اللجنة ليس لها صلاحيات فلا يمكنها أن تتقدم بقضية فساد للنيابة، كما أن رئاسة وزير التنمية الإدارية لها الدكتور أحمد درويش ينتقص من استقلاليتها.
وأشار صقر إلى أن إنشاء لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة وزير العدل يعنى أنها لا تمتلك الاستقلالية الكاملة عن الحكومة، فوجود كيان أو جهاز أو هيئة نصت عليه اتفاقية مكافحة الفساد يعنى أن يتمتع باستقلالية عن الحكومة وألا يكون جزء عضوى منها، وأضاف صقر أن رئاسة وزير العدل للجنة يثير أمر تنازع المصالح، فوجود لجنة برئاسة وزير يعنى أن قضايا الفساد سوف تقف عند سقف معين، متسائلا ماذا لو شمل الفساد وزراء ؟!.
"الحكومة مترددة وليست بالقوة ولا الاتزان ولا الجدية الحقيقية لمواجهة الفساد".. كانت هذه كلمات صقر، مؤكدا على أن قيام الحكومة بإنشاء لجنة تضم فى عضويتها ورئاستها أعضاء من الحكومة يدل على عدم جدية من جانبها لمكافحة الفساد، وأضاف "أن إنشاء هذه اللجنة العليا هو نوع من التوافق الضعيف مع ما جاء مع بنود اتفاقية الأمم المتحدة".
وأشار صقر إلى أن هناك دولا عربية أخرى قامت بإنشاء هيئات وطنية عليا للنزاهة مثل المغرب، كما قامت دول بإصدار تشريعات لمكافحة الفساد مثل اليمن والأردن، بالرغم من أنه يوجد بمصر مؤسسات رقابية كثيرة لمكافحة الفساد.
وحول عدم قيام مصر بإنشاء مثل هذه اللجنة الوطنية، وإقرار قانون لمكافحة الفساد مثل الدول العربية الأخرى التى سبقت مصر فى هذا المجال، أجاب صقر، أنه لا توجد جدية ولا إرادة كافية فى التعامل مع قضايا الفساد فى مصر بالرغم من تنوعها وتغلغلها، مؤكدا أن الفساد يأكل موارد التنمية، وأنه ليس قضية عابرة بل محورية أساسية تضرب الإصلاح، فإما أن تأخذ الدولة خطوات جادة للتصدى للفساد، أو تتركه يستفحل، مؤكدا أن كل أنواع الفساد موجودة فى مصر وفى كل مستوياته وقطاعاتها المالية والاقتصادية والحكومية والخاصة وفى الانتخابات أيضا.
وأكد سعد هجرس عضو لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية أن هناك تطور فى العالم يتمثل فى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أصبح شرطا على الدول الموقعة أن تشكل لجنة مستقلة لمكافحة الفساد وفق المادة الخامسة من الاتفاقية، وأن استبدال اللجنة العليا لمكافحة الفساد بلجنة الشفافية والنزاهة خطوة مهمة، لكن يظل هناك تساؤل حول مدى استقلاليتها، قائلا "مع كل الاحترام لوزير العدل لكنه عضو فى الحكومة"، وكان الأجدر طرح الموضوع من خلال حوار مع المجتمع المدنى والمجتمعات الأهلية المعنية بمكافحة الفساد وهى ليست قليلة، وذلك من أجل معرفة رأيها فى كيفية تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الفساد وألا تكون مجرد شكل خالٍ من المضمون".
وتساءل هجرس: كيف تراقب الحكومة على نفسها، قائلا "يمكن أن يكون هناك مسئول حكومى متورط كيف يأتى حكومى ليراقب عليه وبالتالى لا توجد نزاهة ولا شفافية، موضحا أن وجود الأجهزة الرقابية مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات والنائب العام يمكن أن يكون ضرورى، لكن يجب أن تكون نسبتها قليلة جدا، وأن تكون الأغلبية للمجتمعات الأهلية المهتمة بمكافحة الفساد.
ووضع هجرس مجموعة من الضمانات لكى تقوم اللجنة العليا بدورها فى مكافحة الفساد، وهى أن يتمتع أعضاؤها بدرجة من الحصانة وعدم عزلهم، وأن تكون لجنة تابعة لمجلس الشعب، وأن يكون هناك إجراءات تشريعية تضمن الحماية للشهود والمبلغين فى قضايا الفساد. واختتم هجرس حديثه قائلا "إن الدعوة إلى إنشاء اللجنة بهذه الطريقة لا يتماشى مع روح اتفاقية الأمم المتحدة وما دعت إليه بينما يتفق معها فى الشكل فقط".
خبراء: رئاسة "ممدوح مرعى" للجنة العليا لمكافحة الفساد يناقض اتفاقيات الأمم المتحدة.. وإنشاؤها بهذا الشكل يعنى أن اللجنة غير مستقلة وأن الحكومة ليست جادة فى مكافحة الفساد
الأحد، 15 أغسطس 2010 08:06 م
ممدوح مرعى وزير العدل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة