صراع الجبابرة بين محافظ المنيا، اللواء أحمد ضياء الدين، ومطران مغاغة الأنبا أغاثون لا يزال محتدما حول بناء مقر جديد للمطرانية، كلا الطرفين يصر على موقفه الراسخ رسوخ الجبال، المحافظ يصر على ضرورة الالتزام ببنود اتفاق 17 مارس التى تقضى بهدم مبانى المطرانية القديمة أولا وإزالة جزء من السور يتيح رؤية أعمال الهدم والبناء قبل الشروع فى بناء المطرانية الجديدة ومقر سكن المطران وبعض المبانى المرفقة الأخرى، فيما يصر المطران حتى الآن على ضرورة بناء المقر الجديد وبناء مقر سكنه الخاص أيضا قبل هدم المبنى القديم.
يتعامل المحافظ والمطران مع الأمر باعتباره مساسا بهيبة كل منهما، فالمحافظ يمثل الدولة، وبالتالى فإن تنصل المطران من الالتزام بذلك الاتفاق الذى وقع بحضور أطراف أخرى إسلامية ومسيحية، رسمية وشعبية هو مس بهيبة الدولة، ونكوص عن اتفاق ملزم، فيما يرى المطران أن هدم مبانى المطرانية القديمة ينطوى على إهانة شخصية له، ومن الواضح أنه أوصل رسالة إلى المسيحيين فى مغاغة والمنيا كلها بل ربما فى عموم الدولة أنه صاحب الكلمة العليا، وأنه يقول وينفذ ما يقول رغم أنف المحافظ أو أى سلطة أخرى، كيف لا وقد جاءه المدد من البابا شنودة الذى وعده فور عودته من رحلته العلاجية بالولايات المتحدة بأن المطرانية الجديدة "هاتبنى غصب عن عين أى حد".
ومن هنا وجدنا المطران يحنث بالاتفاق ويعلن بصراحة وأمام حشد من السياسيين فى اجتماعه الأخير مع المحافظ بديوان عام المحافظة بحضور عدد من القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية بالمحافظة أن توقيعه على الاتفاق كان على سبيل التقدير والاحترام فحسب وليس من قبل الالتزام ببنوده، ومن ثم يلزم إلغاء ذلك الاتفاق كليا.
لم نسمع من قبل عن اتفاقات يتم توقيعها على سبيل التقدير والاحترام لا على سبيل الالتزام الفعلى، وكأن نيافة المطران يقول للمحافظ ولمن شهدوا توقيع الاتفاق، "بلوه واشربوا ميته" إن لم يكن يقصد أن يقول لهم كلمة أخرى أسوأ من ذلك!!، هل يوجد استهتار بمؤسسات الدولة أكثر من ذلك؟!! هل يقبل من مطران كبير أن يتنصل من اتفاق وقعه بيده؟ هل يقبل من هذا المطران الكذب والادعاء بأنه لم يكن جادا فى توقيع الاتفاق؟ ومن الذى أجبره على التوقيع؟ وإذا كان أجبر فلماذا لم يقل ذلك؟ ولماذا لم يقل إن التوقيع كان على سبيل التقدير والاحترام إلا مؤخرا، رغم أن الأزمة بدأت منذ عدة شهور؟ ولماذا يقول الآن إن أرض المطرانية هى وقف قبطى لا يملك هو حق التصرف فيه للتنصل من بناء مركز طبى يخدم جميع أبناء المنطقة؟ ألم يكن يعلم بالوضع القانونى للأرض من قبل؟ أم أنه يريد البحث عن حجج للتنصل من الاتفاق وفرض إرادته على الدولة ممثلة فى شخص المحافظ؟
يراهن المطران على أن رئيس الدولة سيتدخل لحسم الأمور لصالحه، قياسا على حالات سابقة، وذلك بعد عودة البابا شنودة من رحلته العلاجية وتدخله لدى كبار المسئولين الذين وعدوه بحل يرضيه بعيدا عن أى اتفاقات وقعت، وإذا فعلت الدولة ذلك، وضحت بالمحافظ لصالح المطران فإنها تكون قد ارتكبت خطيئة كبرى، وعمقت شعورا بالمهانة لدى قطاع كبير من الشعب من ناحية يقابله شعور بالتعالى والقدرة على ذراع أى مسئول لدى فريق آخر من شعبها، وتكون هى من يفتح بابا للفتنة لا يقدر على غلقه أحد.
لقد نجح محافظ المنيا فى وأد الكثير من الفتن الطائفية العارضة والمخططة فى محافظته على مدى السنوات القليلة التى تولى فيها إدارة المحافظة، وكان آخرها أزمة زوجة كاهن دير مواس، ومن قبلها أزمة دير أبو فانا، وبناء مطرانية جديدة فى مطاى قبل عدة أيام، لكن صناع الفتنة لم ييأسوا من كسر إرادة هذا المحافظ، والتخلص منه فى أى أقرب حركة تنقلات للمحافظين وربما بدون الانتظار لحركة تنقلات إمعانا فى الإهانة، فهل ينجح المحافظ فى الصمود فى وجه هذه الفتنة التى تحاصره الآن من كل مكان؟ وهل تسانده القيادة العليا حفظا لهيبة الدولة أم تضحى به خوفا من غضب هنا أو هناك؟! سنرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة