تطالعنا الصحف والقنوات التليفزيونية يومياً بأخبار المظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية المنتشرة هنا وهناك وقد فاض الكيل بالمتظاهرين بسبب اللامبالاة وعدم الاهتمام بمطالبهم فقاموا بتصعيد وسائل تعبيرهم فتنوعت بين الاضراب عن العمل والإضراب عن الطعام وخلع الملابس والدق على الأوانى والأطباق الفارغة بل وصل الأمر ببعضهم أن هددوا بالانتحار الجماعى وذلك من أجل حث الدولة على تحقيق مطالبهم والتى تنحصر فى معظمها على طلبات حياتية ومعيشية مثل مكافحة الغلاء وزيادة الرواتب ومنع تسريحهم من اعمالهم .. الخ، ومن جهة أخرى يخرج علينا رئيس الوزراء أو وزير المالية من حين الى آخر ليعلنا عن التزام الحكومة برعاية وحماية محدودى الدخل وزيادة أجور العاملين بالدولة والعمل على تنشيط الاقتصاد المحلى لتوفير فرص عمل جديدة مؤكدين على نجاح الحكومة فى تمكين الاقتصاد المصرى من تجاوز تداعيات الازمة العالمية وتحقيق ارتفاعاً فى معدلات النمو.
وهنا يتبادر الى ذهنى سؤال هو ماذا يرى قيادات النظام؟ هل يرون حال شعبهم ويسمعون أناته ؟ وهل يصدقوننا أم يصدقون معاونيهم المقربين أم يصدقون الحكومة التى أتوا بها فأتت علينا ؟ وأثناء بحثى عن الإجابة تذكرت أسطورة قديمة تحكى عن أنه كان فى زمن مضى ملكاً أراد أن يحيك ثوباً جميلاً متميزاً فبحث فى مملكته عن أمهر الخياطين إلى أن وجد خياطاً احتال عليه بأن ادعى أنه قادر على أن يحيك له ثوباً أنيقاً وغير اعتيادى لأنه سيكون ثوباً ذكياً ولا يراه إلا الأذكياء إلا أنه سيكون باهظ التكلفة، فأمر الملك بأن تُسخر له كافة امكانات البلاد حتى يتمم حياكة ذلك الثوب الملكى الجديد، وقام الخياط بإحضار عدد من أصدقائه مدعياً أنهم سيعاونوه فى إعداد الثوب إلا أنهم قاموا بنهب وسرقة وتهريب إمكانات البلاد، وبعد مرور فترة من الانتظار سأل الملك عن الثوب فأخبره الخياط أن الثوب الملكى الذى لا يراه إلا الأذكياء قد أصبح جاهزاً الآن ليقوم الملك بتجربته وتظاهر الخياط بأنه ممسكاً بالثوب الجديــد موهماً الملك بأنه يساعـده على ارتدائه ومبدياً انبهاره بروعة الثوب، لم ير الملك شيئاً ولكنه خاف أن يُتهم بالغباء أمام معاونيه فسألهم عن رأيهم فأشادوا بروعته نفاقاً، فأعلن الملك أنه سيخرج ليتحدث إلى الشعب غداً مرتدياً الثوب الملكى الجديد، وفى اليوم التالى خرج إلى المنصة الملكية معتقداً أنه مرتدياً زيه الملكى الجديد حيث كان الشعب فى انتظاره مندهشاً مما يراه إلى أن صاحوا قائلين (إن الملك عار ولا نرى عليه سوى ملابسه الداخلية) فتوارى الملك خجلاً آمراً بالقبض على الخياط ومعاونيه أما إذا ماكانت هذه الأسطورة فى زمننا العجيب هذا فستختلف النهاية بحيث لا يبالى الملك بصيحات شعبه المحتج المستنكر وسيكرم الخياط وستسند الى صائغ على شاكلته مهمة إعداد تاج ملكى جديد لا يراه أيضا إلا الأذكياء، ويزداد الشعب صياحاً ويزداد المقربون نفاقاً، عندئذ أدركت الإجابة على كافة تساؤلاتى.
سامح سليمان يكتب: الحكومة الذكية والخطط التنموية
السبت، 14 أغسطس 2010 04:56 م