تنتظر الأمة الإسلامية شهر رمضان، فتستعد له وتستقبله،وتشتاق إليه؛تصوم نهاره وتقوم لياليه، ترتاد المساجد وتقرأ القرآن الكريم،تزيد فيه صلتها بخالقها ،تسعى فيه لمرضاته بسعى خالص وعمل دؤوب يقوم على الإخلاص وحبِّ الله –تعالى- ورجائه والشوق إليه والحياء منه . ويشعر المسلم بأن تغييرا قد طرأ على ذاته داعما صلته بالله -تعالى ؛ بل تشعر الأمة بمجموعها أن شيئا ما طرأ عليها وهى تتناول طعام السحور فى وقت واحد ، وتفطر فى وقت واحد ، تعيش الأجواء التى تتقرب فيها إلى الله , ترجو الله و تخافه و تتذلل إليه بمزيد من الحب و الولاء و البراء , و الالتزام بحدود الله – و العمل بآداب الشريعة الغراء .
هكذا يهل وافد الخير- رمضان - على قلوب المسلمين فتستقبله استقبال عزيز غاب ثم حضر، وتهيئ نفسها للقيام بواجب أحب الشهورإلى الله بالطاعات من إحسان الصلاة، والقيام، وقراءة القرآن، والدعاء، والذكر، والاستغفار، والتصدق . فضلاً عن إمساك اللسان عن الغيبة والنميمة وقول غير الحق، والجوارح عن المعاصى... حتى إن المسلم لكثرة ما يجد فيه من خير كثيرا، ومن نقاء وصفاء وقرب من الله، وحسن تخلق مع الناس، ولكثرة ما أعد الله فيه من أجر ليتمنى أن يكون الدهر كله رمضان .
لكن هنا يجب أن نسطر الحقيقة المؤسفة إن كثيرا من المسلمين يعقدون صلحاً مع أحكام الإسلام لمدة ثلاثين يوماً تنتهى مع الخروج من صلاة العيد . و بدلاً من أن تكون بداية طيبة مع الله ، تكون مجرد هدنه لبدء عام جديد بعد رمضان من المعاصى و الآثام .
إن الموظف الذى يمتنع عن الرشوة فى رمضان لا يجب أن يظن أنها حلال فى غير رمضان , و الشاب الذى يرفض شرب المخدرات فى رمضان لا يظن أنها فى غير رمضان حلال .
و كان من العجيب التزام بعض النساء بالحجاب فى رمضان فقط و خلعه بعد انتهاء الشهر و كأن الحجاب فريضة مؤقته .
يجب أن يكون رمضان بداية عقد دائم مع الله للتمسك بأحكام الله و الانتهاء عن ما حرم الله .
يعود رمضان شهر القرآن ليجدنا قد هجرنا القرآن تلاوة و عملاً، فهل من عهد مع الله لكى نعود للقرآن تلاوة و عملاً.
يعود رمضان و الفساد و الرشوة تعصف ببلادنا فهل يكون رمضان هذا العام بداية لانتهاء هذا الفساد .
يعود رمضان و الغلاء و الاحتكار يسيطر على أسواقنا، فهل من مراعاة من أجل الشهر الكريم لكى لا يجوع فيه فقير و لا محدوداً للدخل .
يعود رمضان و سلوكيتنا فى الشوارع و الطرقات ليست على مستوى الدين فهل من مراجعة نتمثل فيها سلوكيات الهادى البشير.
هذا رمضان أتى و أحوال المسلمين ليست كما يحب أن يراها الله فالمقدسات محتلة و دماء المسلمين تراق على الأرض , و التنازع بين المسلمين على أشده.
أتى رمضان ومشاكلنا كثيرة كثيرة، وبيوتنا مخترقة، والأزواج فيها متنافرة، والأبناء للآباء والأمهات عاقة، وحوادث البيوت والطرقات متزايدة.
فهل من عودة فى رمضان لكى تعود أمة التوحيد كما كانت، تمتثل لأوامر الله عز وجل ، فى أمورها الداخلية و الخارجية ، هل يكون رمضان شهر الانتصارت هو بداية لتحرير المقدسات ، و هل يكون رمضان الشهر الذى نزل فيه القرآن هو عودة لأخلاق القرآن داخل البيوت و الطرقات .
الصيام ركن الإسلام الثالث يوحد المسلمين فى العالم كله ، فهل أن يكون صيامنا فى هذا العام ليس عن الطعام و الشراب فقط . بل عن صياماً عن كل ما نهى الله عنه .أسال الله ذلك .
و كل عام و مصر و العالم العربى و الإسلامى بخير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة