لابد لنا بادئ ذى بدء أن نعى ونعترف أنه لا قيمة لمادة من مواد أى دستور لأى بلد طالما لا يصادفها احترام واجب وقدرة على تنفيذ، وحرص على ممارستها! وذلك لأن الدستور ما هو إلا مجموعة من كلمات صماء عمياء يصيغها نُخبة من الشعب ويقوم بتعديلها الإصلاحيون بشكل بلاغى حيناً ونحوى حيناً آخر، وهى كلمات لا تقوى على حماية نفسها بنفسها ولا على احترام تنفيذها إلا من خلال مواطنى الشعب أنفسهم!
وجدير بالذكر أن التعديلات الدستورية الأخيرة خاصة المادة 76 التى اقترحها الإصلاحيون بقيادة جمال مبارك تشير "ضمنياً" إلى رفض قاطع لجواز تفعيل المادة 77 التى أتاحت انتخاب الرئيس لمُدد أخرى، لأن الشعب هو المُقرر الأول فى الانتخابات من يبقى ومن يرحل من الرؤساء إذا اهتم بالحضور ممارسة لحقه الثابت بالمادة 76! وليس للشعب إلا أن يثق فى تفعيل المادة 88 التى أوكلت الانتخابات إلى لجنة قضائية موقرة تتشكل من فطاحل وأقطاب مختلف فئات المجتمع برئاسة أحد أعضاء أعلى سلطة قضائية فى مصر، على هذا الحال تكون التعديلات قد وضعت الكُرة فى ملعب الشعب ـ فإن أراد أن يختار الجديد اختار! وإن أراد اختيار القديم اختار! ولو أراد إبقاء رئيس ما لثلاث فترات أو أكثر لاستطاع!! فالمشكلة ليست فى المواد (76و77و88) إنما المشكلة فى الشعب الذى فقد بوصلة الطريق إلى صناديق الانتخابات لأنه (حفظ!!) مجموعة قوالب كلامية ما زال يتغنى بها من أمثال: أن الانتخابات سيتم تزويرها وأن الحزب الحاكم سيقوم بالتزوير والبلطجة لصالحه لأنه لا يريد معارضة! وأن الفساد مازال ينهش فى مصر! وأن اقتصاد مصر ضعيف، وأنه لا إنجازات تُذكر لهذه الحكومة أو تلك، وأن الشفافية غائبة كغياب الحرية والديمقراطية! مع أن الواقع يحكى ويشهد تماماً بغير ذلك! واسألوا برامج التوك شو وما تنعم به من حرية فى الرأى والتعبير، واسألوا ما يُكتب فى الصحف الورقية والإليكترونية من كُتاب ومُعلقين ينهشون يومياً نهشاً فى النظام الحاكم وأركانه بعلم وبدون علم، واسألوا نزلاء السجون وكيف تباينوا فى نوعياتهم حتى أصبح النزلاء ذات أسماء رنانة من وزراء ومحافظين ورؤساء بنوك وشركات نتيجة لما اقترفوا من فساد وإفساد فى حق الشعب!! واسألوا أحكام القضاء التى أصبحت لا تفرق بين صغير وكبير، واسألوا النائب العام وتحقيقاته ضد أى حالة فساد لا يُفرق فيها بين قوى وضعيف أو بين صغير وكبير! واسألوا البنك الدولى ومختلف المنظمات الاقتصادية العالمية وتقاريرها، وإن لم يروق لكم رد هؤلاء، فاسألوا أنفسكم وأعينكم وهى ترى الإنجازات وراء الإنجازات، وإن كُنا فى حاجة المزيد والمزيد من الإنجازات والإصلاحات كخطوات أساسية للنهضة المأمولة!!
ر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة