فى السطر الأول من علم الإدارة، أن التخطيط هو الوظيفة الأولى من وظائف الإدارة، والتخطيط هو تحديد إلى أين ستذهب وبأى الوسائل والوقت المتاح للوصول، وبمنعى أكثر دقة، تحديد الأهداف والوسائل التى ستؤدى إلى تحقيق تلك الأهداف، فإذا فقدت الهدف فقد ضاعت منك البوصلة، وأصبحت العشوائية هى القائدة، أنها ببساطة نظرية الفوضى الهدامة.
هذا هو حال مصر المرتبكة، مصر التى ضاعت منها البوصلة، والتى فقدت ريادتها ومركزها بين الدول، فمصر التى كانت رائدة العالم الثالث ومؤسسة لحركة عدم الانحياز، مصر التى كانت تقول فيستمع العالم لها، مصر الحاضنة لأمتها العربية، أصبحت اليوم تستجدى زعامة ولا تجدها.
أصبح الفساد "للركب" على حد وصف د.زكريا عزمى، أصبح الفساد فى كل مؤسسات ما يمكن أن يطلق عليها بين قوسين ( دولة) من مجلس نواب الشعب الذين طالب بعضهم بإطلاق النار على المتظاهرين، ومنهم نواب العلاج على نفقة الدولة وأكياس الدم الفاسدة والقروض وغيرها، ومجلس الشورى والمراكب الغارقة بالأبرياء، والكثير الكثير، فى المجالس المحلية.
هل هذه البلد المرتبكة قادرة على تحديد أهدافها وأولوياتها؟ لقد تكاثرت المصائب على مصر، المستقبل مظلم لا نعرف إلى أين المصير، ولكن وللأسف فى ظل هذا التخبط والارتباك تواجه مصر مشكلة مصير وبقاء.
إنها مشكلة النيل، وبنفس اللامبالاة فى كل قضايانا، والاعتماد على الوقت فى قتل المشكلات أو تأجيلها، فهذه المشكلة لا تحتمل التسويف، أن مصر وحضارتها قائمة على النيل، وأى تهديد لهذا الشريان هو تهديد لأساس هذا الوجود.
ولكن السؤال: كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ أنه الارتباك والترهل والوهن الذى أصاب مفاصل هذه الدولة، وكمثال على ذلك، فإسرائيل كل مصادر مياهها من خارج حدودها ومع دول عربية، ولكن لا تجرؤ دولة على منع المياه عنها، وذلك لامتلاكها قوة الردع سواء بالاستخدام الفعلى أو بالتهديد بها.
مجرد أن تكون قوياً بصراحة ووضوح يعمل لك المتربصون ألف حساب، وبرغم ضعف الدول الأفريقية فى دول المنبع، إلا أنها وبمقارنة مقاييس قوتها وجدت أنها قادرة على ابتزاز مصر.
إنها ليست دعوة للحرب مع أشقاء، كانوا لنا دوماً نعم العون والسند، ولكن هذه رؤية لما وصلت إليه مصر من ضعف وهوان، لدرجة أن د. مصطفى الفقى قال صراحة "إن رئيس مصر القادم يجب أن يحظى بموافقة إسرائيل" إنها مفارقة صادمة أن يختار أعدى الأعادى من يحكمنا.
أهم قوة يمكن أن تملكها مصر، لتعيد بها توازنها هى قوة النظام الحاكم، المدعوم من الشعب والآتى بإرادته فى صناديق معبرة عن طموحاته وآماله، فى هذه الحالة فقط لن تجرؤ أى قوة خارجية على فرض إرادتها على أكثر من 80 مليونا اتحدوا فى الهدف والمصير.
قوة أى نظام مستمدة من شعبه، الله ما بلغت اللهم فشهد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة