◄◄«حماية المستهلك»: الحكومة تستغل احتياجات المواطنين لتحقيق مكاسب سياسية فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية
◄◄ د.إبراهيم العيسوى: تصريحات الحكومة عن الأسعار كاذبة واستهلاك إعلامى وتوظيف سياسى
◄◄ د.شريف قاسم: الحكومة فى حاجة إلى تجميل صورتها.. والتجار يستغلون تصريحات الوزراء ضد المستهلكين
خرجت تصريحات رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وبعض وزراء حكومته، عن انخفاض الأسعار وتوفيرها بشكل كبير للمواطنين، لتثير جدلاً كبيراً خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذى دفع العديد من الخبراء وجمعيات حماية المستهلك إلى الخروج بتقارير تضرب عرض الحائط بتصريحات رئيس الوزراء وحكومته، وتؤكد أن الحكومة مازالت تستغل احتياجات المواطنين لتحقيق مكاسب سياسية لصالحها، مع قرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حيث أكدت التقارير أن أسعار السلع الغذائية بجميع أنواعها تواجه ارتفاعاً مستمراً، وأن هذه التصريحات الحكومية لا تخرج عن كونها نوعا من الخداع السياسى للحكومة مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب.
بل إن الغرفة التجارية بالقاهرة انتقدت تصريحات الوزراء بانخفاض الأسعار وتوفير الكميات، وطالبت بإعداد ورقة لدراسة كارثة ارتفاع الأسعار.
أحدث تقرير أعدته جمعيات حماية المستهلك حول حركة أسعار السلع الغذائية الأساسية فى منافذ البيع المختلفة فى شهر يوليو الماضى 2010، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى، بمناسبة شهر رمضان الكريم، أكد ارتفاع أسعار 11 سلعة فى الهايبر ماركت، وسلاسل بيع السوبر ماركت فى القاهرة، منها 6 بشكل طفيف ما بين 2 % و 7 % وهى زيت الذرة 2 % ليصل متوسط سعر اللتر 12.75 جنيه، وزيت عباد الشمس 8.35 جنيه، والسمن الصناعى 1800 جرام بنسبة 4.3 % ليصل متوسط السعر إلى 18.4 جنيه، والألبان بنسبة 2 % ليصل متوسط سعر اللتر إلى 6.2 جنيه، والفول المعبأ بنسبة 2.3 % ليصل متوسط سعر نصف الكيلو إلى 5.25 جنيه.
ورصد التقرير ارتفاع متوسط أسعار 5 سلع بنسب تتراوح بين 7 % و43 % وتتمثل فى زيت خليط بنسبة 10.03 % حيث بلغ متوسط سعر اللتر 6.54 جنيه، والأرز بنسبة 32 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 4.85 جنيه، والسكر بنسبة 30 % ليصل متوسط السعر إلى 4.55 جنيه، والبيض بنسبة 43 % ليصل متوسط سعر «30 بيضة غير مغلف» إلى 22.6 جنيه، واللحم الكندوز بنسبة 7 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 45.25 جنيه.
وفى المقابل سجلت أسعار 5 سلع تراجعاً فى منافذ بيع الهايبر ماركت «كارفور، وهايبر 1» وسلاسل السوبر ماركت وذلك فى يوليو الماضى مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى، وفى مقدمتها الجبن الأبيض بنسبة 15.5 % ليصل متوسط سعر الكيلو «سايب» إلى 14.9 جنيه، والجبن الرومى بنسبة 6.4 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 32.7 جنيه، والمكرونة بنسبة 4.5 % ليصل متوسط سعر 350 جراما إلى 2.35 جنيه، والدقيق بنسبة 2.5 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 3.6 جنيه، فى حين استقر متوسط أسعار الصلصة فى هذه المنافذ.
وفى السياق نفسه رصد التقرير ارتفاع أسعار 17 سلعة فى منافذ المجمعات الاستهلاكية، مقابل انخفاض متوسط سلعة واحدة وهى زيت عباد الشمس بنسبة ضئيلة تبلغ 4.52 % فى يوليو الماضى، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى، حيث سجلت أسعار الأرز ارتفاعا بنسبة 37.5 % ليصل متوسط سعر الكيلو 4.4 جنيه، والسكر بنسبة 33 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 3.75 جنيه، والبيض «30 بيضة غير مغلف» بنسبة 34.3 % ليصل متوسط سعرها إلى 19.9 جنيه، والفول المعبأ بنسبة 35.5 % ليصل متوسط سعر نصف الكيلو إلى 5.8 جنيه، والمكرونة بنسبة 10 % ليصل متوسط سعر 350 جراما إلى 2.15 جنيه، والدقيق بنسبة 5 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 3.2 جنيه، وزيت الخليط بنسبة 12 % ليصل متوسط سعر اللتر إلى 6.4 جنيه، والسمن الطبيعى بنسبة 25.4 % ليصل متوسط سعر 1800 جرام إلى 62.35 جنيه، والسمن الصناعى بنسبة 3 % ليصل متوسط سعر 1800 جرام إلى 17.8 جنيه، والألبان بنسبة 3.7 % ليصل متوسط سعر اللتر 6.25 جنيه، والجبن الأبيض 1 كيلو «سايب» بنسبة 10 % ليصل متوسط السعر إلى 17.3جنيه، والجبن الرومى بنسبة 6 % ليصل متوسط سعر الكيلو 36 جنيهاً، والدواجن بنسبة 1.5 % ليصل متوسط سعر الكيلو إلى 16.5 جنيه، واللحم الكندوز بنسبة 15 % ليصل متوسط سعر الكيلو 38 جنيهاً، والصلصة بنسبة 2 % ليصل متوسط سعر نصف الكيلو المعبأ 7.35 جنيه، وزيت الذرة بنسبة 2.8 % ليصل متوسط سعر اللتر 12.9 جنيه.
فى الغرفة التجارية بالقاهرة قال عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة، إن أسعار الدواجن ارتفعت فى الأسواق لتصل إلى 23 جنيهاً للكيلو، وسعرها داخل المجزر 15 جنيهاً للكيلو، أى بارتفاع يصل إلى 55 % مقارنة بشهر ديسمبر الماضى، مؤكداً زيادة أسعارها مرة أخرى فى رمضان، وأشار إلى أنه من المفترض زيادة إنتاجنا مع دخول رمضان من 2.2 إلى 2.6 مليون طائر لكفاية حاجة الاستهلاك، لكن إنتاجنا الحالى لا يتعدى الـ1.6 مليون طائر فقط، وذلك بسبب نفوق أمهات الدواجن بنسبة 50 % بسبب الأمراض، وخروج 30 % من صغار المربين من منظومة تربية الدواجن بسبب ارتفاع سعر الكتكوت ليتراوح بين 8.5 جنيه و9 جنيهات للواحد، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف إلى 2550 دولاراً للطن.
وانتقد السيد تأخر الدولة فى إنتاج مصل أنفلونزا الطيور للقضاء على المرض نهائياً، حيث قامت الحكومة بأخذ عترة من المرض وتم عزلها فى المعامل المركزية لعمل الفاكسينات «التطعيمات» من خلالها، ووافق مجلس الوزراء على توفير الاعتمادات المالية لإنتاجه لعمل فاكسينات مصنعة فى مصر بنسبة 100 % إلا أنه مر عام ونصف العام ولم يتوفر الدعم المالى أو التجهيز للقاح الجديد، كما أن فترة تصنيعه تستمر من 6 إلى 10 أشهر.
وشدد السيد على ضرورة وجود حراك من الدولة وليس من الغرفة التجارية لحل أزمة الدواجن التى تستمر فى ارتفاع الأسعار دون تراجع. وقال محمد وهبة، رئيس شعبة اللحوم، إن هناك ارتفاعا فى أسعار اللحوم لتصل من 50 إلى 60 جنيهاً للكيلو، ويرجع إلى نقص إنتاج الثروة الحيوانية فى مصر، والذى يمتلك الفلاح البسيط 90 % من منظومة الإنتاج الحيوانى فى مصر، وتجاهل الدولة لدعمه مثلما تفعل باقى الدول، مشيراً إلى أنه فى حالة استمرار أزمة اللحوم وتجاهل الحكومة لحلها فلن نجد «عجل بلدى» واحدا نذبحه فى مصر بعد 10 سنوات، خاصة أن اللحوم المستوردة لم تساعد فى خفض أسعار اللحوم البلدى بالأسواق.
وانتقد وهبة التصريحات الحكومية بتوفير اللحوم المستوردة، مؤكداً على اختفائها فى محافظة القاهرة والجيزة، كما أن أسعارها تصل إلى 40 جنيهاً للكيلو، وهو ما لم يحدث من قبل أن تصل لهذا السعر، مشيراً إلى أن هذا يؤكد استمرار ارتفاع اللحوم البلدى.
من جانبه يطالب أحمد يحيى، رئيس شعبة البقالة، بإنشاء مركز معلومات الغرفة ليقوم بدور التحليل العلمى لأسباب تغير سعر أى سلعة داخل السوق، ويتم نشره على الرأى العام وفى الإعلام حتى يعلم المستهلك السبب الرئيس لارتفاع كل سلعة، مشيراً إلى أن السبب الرئيسى وراء ارتفاع أسعار الأرز هى تصريحات الوزراء التى خلقت بلبلة فى الأسواق دون توضيح أو تحليل للأمور بتخفيض المساحات المزروعة من الأرز دون توضيح هل المساحة المتبقية ستكفى حاجة الاستهلاك المحلى أم لا.
كما اقترح يحيى أن تقوم الدولة بإنشاء منافذ خاصة يقوم البقالون فى مصر بالإشراف عليها وبيع السلع من خلالها بأسعارها الحقيقية، على أن تقوم بصرف المنتجات لهم، مما يؤدى إلى الحد من ارتفاع الأسعار واتهام الدولة بأن التجار هم السبب، فى الوقت الذى ترجع فيه هذه الارتفاعات إلى استيراد مصر لمعظم السلع الغذائية التى تصل إلى 60 % من غذائنا من الاستيراد والتأثر بالأسعار العالمية.
وقال على شكرى، نائب رئيس غرفة القاهرة، إن أزمة الأسعار والكميات لابد من اتخاذها بجدية، وإعداد ورقة عمل بمشاكل مختلف السلع وإنتاجها بالأسواق لكى يتم عرضها على الوزراء المعنيين واتخاذ اللازم.
توظيف سياسى للأسعار
الدكتور إبراهيم العيسوى، المستشار بالمعهد القومى للتخطيط، أكد أن كل التصريحات الحكومية عن انخفاض الأسعار كاذبة، لأن ما نشهده هو ارتفاع كبير فى الأسعار، خاصة مع قدوم شهر رمضان، ولا نرى هذا الانخفاض الذى تتحدث عنه الحكومة، وأضاف أنه من المؤكد أن هذه التصريحات للاستهلاك الإعلامى وتم توظيفها سياسياً بشكل منظم، وذلك على عكس الوضع الراهن، حيث يشهد المجتمع موجة حارقة من ارتفاع الأسعار، فعلى سبيل المثال فقد زاد سعر كيلو اللحمة أكثر من 50 % فى أقل من سنة.
وأشار العيسوى إلى أنه من المحتمل خلال الفترة القادمة أن تقدم الحكومة على اتخاذ بعض الإجراءات قبل الانتخابات بشهر أو اثنين، مثل زيادة الدعم، وهذا ليس غريباً على الحكومة، فكثيراً ما تقدم هذا كشكل من أشكال «الرشاوى الانتخابية»، مضيفاً أن حكومة نظيف «كاذبة» أرهقتنا بالكثير من التصريحات المنافقة، التى تستخدم فى التوظيف السياسى بشكل كبير، فهى حكومة لا يُعتمد عليها فى معالجة أى مشكلة، ولا فى حل أزمة البطالة ولا فى أزمة عالمية ولا غيرها، وهى سياسة معروفة عنها، فهى تخفى الحقائق حتى لا تشرك الشعب معها فى حل مشكلاتها والاطلاع على كذبها وزيفها.
من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور شريف قاسم، أستاذ الاقتصاد والأمين العام لنقابة التجاريين: «هى دى عادة الحكومة ولا هتشتريها» مضيفاً أن الحكومة بحاجة إلى عمل ذلك فى هذا التوقيت لتجميل صورتها إلى حد ما، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ولكن ما نتمناه أن يتحقق جزء ولو بسيط على أرض الواقع، لأنه حتى مع افتراض حسن النوايا مع الحكومة وأنها تريد بالفعل أن تقدم على اتخاذ إجراءات فعلية من تقديم دعم إضافى للسلع الضرورية وخلافه، فإن التجار المتحكمين فى السوق لا ينفذون هذا فى ظل تكاسل الأجهزة المعنية بالرقابة على الأسواق، أو وضع قوانين تحكم هذه النقطة.
ودعا الدكتور حمدى عبدالعظيم، العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إلى ترجمة تصريحات الوزراء عن كبح جماح الأسعار إلى أفعال، قائلا بانفعال شديد: «يكفى تصريحات إعلامية لا تقدم ولا تؤخر فى رفع المعاناة عن المواطن من الغلاء الذى يتزايد كل يوم مع ارتفاع وزيادة تصريحات وزراء حكومة نظيف»، مطالباً بالكف عن إطلاق التصريحات والبدء فى اتخاذ الحلول العملية المدروسة لخفض الأسعار، كما حدث فى العديد من الدول الشقيقة المجاورة لنا، والتى تحركت بسرعة إلى فتح باب الاستيراد دون قيود ووقف تصدير المنتجات الوطنية وطرحها فى الأسواق المحلية.
وشدد عبدالعظيم على ضرورة أن يلمس المواطن تحركاً جدياً لرفع المعاناة اليومية عنه جراء هذا الارتفاع المغالى فيه، وألا تكون مجرد تصريحات مستهلكة وموظفة سياسياً لإصلاح صورة الحكومة قبل الانتخابات القادمة.
لمعلوماتك...
◄11 سلعة غذائية أساسية أهمها السكر والزيت والأرز ارتفعت أسعارها خلال يوليو الماضى رغم تصريحات الحكومة المخالفة لذلك