◄◄ نواب بـ«الوطنى» يرحبون بها كدعاية انتخابية.. والمعارضون يطالبون بوقفها أثناء انتخابات الشعب خوفا من «التشتيت»
اشتعلت حرب التوقيعات والبوسترات فى الشارع السياسى المصرى بين الحملات المؤيدة والمعارضة لجمال مبارك أمين لجنة السياسات، حيث تمكنت الجمعية الوطنية للتغيير من كسر حاجز الـ500 ألف توقيع على بيان المطالب الـ7 الذى أعلن عنه الدكتور محمد البرادعى، وفى المقابل واجه ائتلاف جمال مبارك قبولا متردداً من الأهالى فى أولى فعالياته بمحافظة الشرقية يوم الجمعة الماضى، حيث لم يتمكن من جمع أكثر من 100 توكيل، وعلى الرغم من ذلك يصر مجدى الكردى، المنسق العام للائتلاف، على عدم اللجوء إلى التوقيعات الإلكترونية خوفاً من التشكيك فى نزاهة التوكيلات.

أما حملة «صوتك أمانة» التى تعمل بمعزل عن الائتلاف فلم تجد أى غضاضة فى اللجوء لأسلوب التوقيعات الإلكترونية من باب أن ساحة الإنترنت ليست حكراً على المعارضة فقط، وبالفعل تمكنت الحملة من جمع حوالى 25 ألف توقيع فى الأسبوع الأول، لكنها أوقفت الحملة والموقع الخاص بها على شبكة الإنترنت بشكل مفاجئ لتعلن أنها ستدشن مرحلة جديدة من العمل، وهى اللجوء إلى جمع التوقيعات من المواطنين فى الشارع بواسطة الرقم القومى.

وإذا كانت المواجهة على ساحة الإنترنت أسفرت عن هذا الفارق الكبير لصالح جبهة المعارضة فإن نتيجة المواجهة فى الشارع لم تتضح حتى الآن، وإن كان هناك عدد من العوامل ترجح حسم الأمور لصالح جبهة جمال مبارك، والدليل أن حملة البوسترات التى استحدثها الائتلاف غطت عددا كبيرا من شوارع القاهرة، فى حين تمت إزالة الحملة المضادة التى دشنها أيمن نور تحت عنوان «مصر كبيرة عليك» بل إن عددا من أعضاء ائتلاف جمال مبارك هددوا بتمزيق بوسترات الحملات المضادة.

فى حين استمرت حركة شباب 6 أبريل فى تحركاتها وسط المواطنين بجميع محافظات مصر لتوعيتهم بحقوقهم السياسية والدستورية التى نص عليها القانون، وكذلك لجمع توقيعاتهم على بيان التغيير ومطالبه السبعة التى على رأسها إلغاء حالة الطوارئ وانتخابات نزيهة تحت الإشراف القضائى، وذلك فى إطار حملة الحركة «مصرنا حقنا».

وألقت أجهزة الأمن القبض على عدد من كوادر جماعة الإخوان المسلمين فى عدد من المحافظات أثناء قيامهم بجمع التوقيعات على بيان المطالب الـ7، وعلى الرغم من هذه التدخلات الأمنية فإن حملات دعم جمال مبارك لم تتمكن من استغلال الفرصة، والدليل هو انخفاض أرقام التوكيلات التى تمكنت من جمعها حتى الآن.

ورغم هذا الصراع المشتعل بين أنصار جمال مبارك وجبهة التغيير، والبيانات الرسمية التى أصدرها «الوطنى» وينفى فيها صلته بهذه الحملات، فإن مصادر قوية داخل الحزب أكدت لـ«اليوم السابع» أن هذه الحملات خطط لها مسبقا داخل أروقة الحزب، وأن انتشارها فى هذا التوقيت جاء محدداً، بعدما انتهى «الوطنى» من انتخابات الشورى التى حصد فيها أغلب المقاعد البرلمانية.

وأشارت بعض المصادر إلى أن «الوطنى» له أياد خفية داخل هذه الحملات، ويدعمها عدد من شباب الحزب بهدف التعرف على رأى المواطنين وجس نبضهم إذا ما ترشح جمال مبارك للرئاسة، ولتهيئة الرأى العام ليتقبله كمرشح فى حالة استقرار الحزب عليه.

وأوضحت المصادر أن حملات تأييد جمال مبارك رئيساً للجمهورية سوف تشهد انتشاراً فى الشارع وبين المواطنين عقب الانتخابات البرلمانية، وهو ما أكدته مصادر داخل حملة «صوتك أمانة» لجمع 5 ملايين توقيع لتأييد جمال، التى أكدت أنهم تلقوا تعليمات من الحزب بوقف الحملة خلال انتخابات مجلس الشعب لعدم تشتيت المواطنين ما بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وحتى يضمن الحزب الحصول على أغلبية المقاعد أمام مرشحى جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المعارضة.
وعلى الرغم من أن فريقاً فى الحزب الحاكم يقف وراء هذه الحملات، فإن انتشارها أفرز فريقين داخل الحزب، الفريق الأول يرحب بها ويأمل أن يكون جمال مبارك هو مرشح الوطنى، ويمثله غالبية نواب مجلسى الشعب والشورى الذين اتخذوا من ملصقات جمال مبارك سبيلا للدعاية الانتخابية فى دوائرهم خاصة مع اقتراب موعد انتخابات الشعب.
أما الفريق الثانى المعارض لهذه الحملات فقد امتنع عن الإدلاء بأى تصريحات حول الحملات، وكثف جهوده بإعطاء تعليمات صارمة للمسؤولين عن الحملات لوقفها، وبحسب مصادر من داخل هذه الحملات، فإنهم تعرضوا لضغوط شديدة لمنعهم من استكمال الحملات، وعدم ذكر اسم الحزب سواء فى الحملات أو خارجها.
من جانبه يرى الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الحملات المؤيدة لجمال مبارك تفتقد الروح، ويعتقد المواطنون أنها قادمة من أعلى وبتوجيهات من دوائر النفوذ والسلطة قائلاً: «هذه الحملات باهتة ولم تتمكن جذب الرأى العام أو الوصول إلى ضمير المواطنين وأعتقد أنها لن تتجاوز الحضور الإعلامى».
وأوضح الشوبكى أن الحملات المقابلة سواء لدعم البرادعى أو لمعارضة جمال مبارك لم تستحوذ حتى الآن على تعاطف غالبية المواطنين لكنها تعبر فى الوقت ذاته عن رد فعل شريحة من المواطنين يميلون بطبعهم إلى المعارضة.
ويضيف الشوبكى: «أعتقد أن معركة جمال مبارك للوصول إلى السلطة لا ترتبط بالرأى العام ولكن معركته الأساسية هى مع الدولة نظراً لأنه سيصل إلى الحكم من خلال ترتيبات تتم من وراء الكواليس بعيداً عن التعاطف الشعبى ومن ثم فإنه لا يحتاج لحركات دعم شعبية».
ويعتقد الشوبكى أن قيمة التوقيعات التى تجمعها الجمعية الوطنية للتغيير تنحصر فى كونها ورقة ضغط معنوية ورمزية أكثر من كونها أداة للتغيير ويضيف: «الهدف من هذه التوقيعات هو إرسال رسالة رمزية إلى النظام السياسى بأن هناك رغبة شعبية فى التغيير لكنها بطبيعة الحال لن تتسبب فى تغيير النظام».