نقلاً عن المصرى اليوم
من هو الوزير المسئول عن توفير رغيف الخبز للمواطنين؟.. هذا السؤال البسيط جداً، تحولت إجابته إلى لغز كبير منذ عام ٢٠٠٥، بعد أن تعمد شخص ما، أو مجموعة أشخاص مجهولين حتى الآن، تخريب منظومة صناعة رغيف الخبز، وبعثرة الجهات المسئولة عن زراعة القمح وتوريده واستيراده وطحنه وصناعته وتوزيعه على عدة وزارات، تعمل كل منها دون تخطيط أو اتفاق مع الوزارات الأخرى.
وقبل أسبوع واحد، جاء القرار الروسى بحظر تصدير القمح من منتصف أغسطس الحالى، وحتى نهاية سبتمبر المقبل، ليضع الشعب المصرى، ولا أقول الحكومة، على مشارف أزمة طاحنة، ليس بعيداً أن تؤدى إلى تزاحم مخيف على المخابز، وإلى معارك بين المواطنين، قد تسفر عن قتلى وجرحى ومهانين، فى الوقت الذى سيحقق فيه مستوردو القمح أرباحا فلكية.
وبعد مرور الأزمة، سنكتشف أن مصالح المستوردين كانت أهم أسباب تعثر منظومة صناعة الرغيف، وأن المستوردين حصدوا المليارات فى سنوات توافر القمح فى الأسواق الخارجية، وفى سنوات تراجع الإنتاج عالمياً.
قبل عام ٢٠٠٥، كانت وزارة الزراعة تبذل أقصى ما تستطيع لتحقيق معدلات إنتاج عالية من القمح، وصلت فى الأراضى القديمة إلى ١٨ إردباً للفدان، وفى الأراضى الجديدة إلى ٢٢ إردباً للفدان، وكانت وزارة التموين هى المسئولة عن فتح باب التوريد للفلاحين والمزارعين، وتحديد الأسعار، ولم يكن هناك فلاح واحد يشكو من عجزه عن توريد قمحه للحكومة.
صحيح أن مصر كانت تستورد سنوياً نحو ٧ ملايين طن قمح، ولكن معظم هذه الكمية كانت تدخل لحساب هيئة السلع التموينية التى كانت تابعة لوزارة التموين.
وبعد ٢٠٠٥، تغيرت الأحوال تماماً، فقد تعمد شخص ما نقل تبعية هيئة السلع التموينية من وزارة التموين إلى وزارة التجارة والصناعة، وتم إلغاء مسمى وزارة التموين ذاتها، وتحولت إلى التضامن الاجتماعى، ومع ذلك ظلت لسبب مجهول هى المسئولة عن فتح باب توريد الأقماح المحلية وتحديد أسعارها.
وشهدت مصر فى ظل هذا التخريب منعاً متعمداً للفلاحين من توريد أقماحهم فى الوقت الذى تم فيه التساهل الشديد مع التجار لتوريد أقماح محلية جيدة، مخلوطة بأقماح مستوردة رديئة إلى شون بنك التنمية، للاستفادة من فارق الأسعار الكبير بين المحلى والمستورد.
من الذى سمح للتجار بتوريد الأقماح المحلية للحكومة بدلاً من المزارعين؟ لن تعثر أبداً على إجابة.
ولماذا تقاسمت وزارات الزراعة والتضامن والتجارة والاستثمار مسئولية زراعة وتوريد واستيراد وطحن وتوزيع الخبز؟ لن تعثر أيضاً على إجابة.
وفى ظل هذه الفوضى، لن يكون بإمكان أحد الإمساك بمسئول محدد لتحميله مسؤولية عدم الانتباه إلى أن التغيرات المناخية الحادة التى صاحبت موسم تزهير القمح ودمرت إنتاجيته، ستؤدى إلى أزمة قمح طاحنة فى مصر، ولكن شخصا واحدا لا يمكنه الإفلات من هذه المسئولية، هو الدكتور أحمد نظيف، رئيس وزراء مصر، الذى وضع نفسه فى مأزق كبير، فعليه الآن أن يدبر موازنة ضخمة لتمويل فاتورة استيراد ١١ مليون طن قمح من الأسواق الخارجية، المؤكد أن ثلثها على الأقل، سيضيع فى كروش المستوردين.
هل عرفتم لماذا تعمدوا تخريب منظومة القمح؟ إنه الاستيراد، المشروع الأكثر وضوحاً ونجاحاً فى تاريخ هذه الحكومة التى كانت سبباً فى مزيد من إثراء المستوردين ومزيد من إفقار المنتجين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة