سيناريو تكرار احتجاز الصيادين المصريين فى مختلف الدول لتجاوزهم المياه الإقليمية كثيراً تسبب فى كثير من الجدل، فلا تزال قوانيين الصيد محلياً تشكل حائلاً دون إيجاد مصدر سهل للرزق أمام الصيادين الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية بالغة السوء، الأمر الذى يدفعهم للإبحار خارج الحدود، وراء المجهول.. دون حماية قانونية، ودون أى تدخل حكومى عاجل يؤمن حياتهم فى حال احتجازهم.
وانقسم الخبراء حول أسباب تلك الأزمة، فبعضهم حمل كبار الصيادين وطمع مالكى المراكب مسئولية تلك الأزمة، بينما أكد البعض الآخر ضرورة مراجعة اتفاقيات الملاحة الدولية، لتقنين عملية الصيد بشكل يرضى كافة الأطراف.
بداية، أكد السفير خالد عثمان سفير مصر السابق فى زامبيا وجيبوتى أنه رغم تعاطف الجميع مع صغار الصيادين وأسرهم الذين لا يدركون مطامع أصحاب المراكب والسفن الذين ينتهكون القانون والأعراف الدولية إلا أنهم يحملون الخارجية أكثر مما تحتمل لافتا إلى أن المشكلة قيام بعض الصيادين بتكرار ارتكاب المخالفات نفسها يضعون أنفسهم تحت المساءلة القانونية.
وأوضح عثمان أن الخارجية "لا تملك ميزانية للإنفاق على مخالفات وغرامات الصيادين"، ومع ذلك لا تتخلى عنهم، وتحاول حل تلك الأزمات اعتمادا على العلاقات الدبلوماسية القوية مع الدول التى يتم احتجازهم فيها، مجدداً عثمان رفضه أن تكون الخارجية شماعة المخالفين والطامعين من أصحاب السفن والمراكب. كما طالب بضرورة الالتزام بالاتفاقيات المشتركة بين الدول المعنية بتنظيم الصيد والملاحة.
أما عابى فارح الخبير فى الشئون الصومالية فأوضح أن المصريين تعرضوا للاحتجاز تعسفيا أكثر من مرة لأنهم يضلون الطريق فى المياه الإقليمية والدولية وخاصة فى المناطق التى ينشط بها القراصنة متهما الدول الكبرى بالتورط فى أزمة القرصنة.
وأشار فارح إلى أهمية توعية الصيادين بالمناطق الخطرة عبر وسائل الإعلام خاصة بالنسبة للمناطق الصومالية التى يصعب بها وجود جهات للتفاوض معها بسبب الصراعات المستمرة وعدم وجود حكومة مركزية قادرة على السيطرة على الأوضاع هناك.
ودعا فارح إلى تسهيل عمليات الصيد المشترك بين الدول بدلا من المنع والاحتجاز وذلك من خلال اتفاقيات واضحة المعالم حتى تكون عمليات الصيد شرعية وقانونية.
من جانبه أوضح السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية السابق أن هذه المشكلة ليست بالجديدة وسبق أن واجهتها عدة مرات أثناء عملى سفيرا بدولة ليبيا فى الفترة من 2000 إلى 2004، وكنا نتفهم ظروف الصيادين واجتهادهم من أجل الرزق وكسب المال وتدخلت الخارجية أكثر من مرة للإفراج عن مراكب وصيادين مصريين محتجزين وصل إلى 23 مركبا فى هذه الفترة لدى السلطات الليبية والتى لا تتأخر عن تلبية طلبات الجانب المصرى بحكم العلاقات القوية التى تربطنا بهم.
وأشار السفير خلاف إلى أن الخارجية حاولت من قبل حل تلك المسألة مع الجانب الليبى بوضع الأسس والقواعد التى تنظم عملية الصيد المشترك بين مصر وليبيا بالتعاون مع هيئة الثروة السمكية واتحاد الصيادين وتمت الموافقة على تلك الأسس وإدراجها فى اللجنة العليا المشتركة التى يرأسها رئيس الوزراء فى البلدين ومع ذلك تكررت المخالفات وتم احتجاز 23 مركبا مصريا وتدخلت الخارجية وتم الإفراج عنهم.
وأوضح خلاف وجدنا أن بعض الصيادين وأصحاب المراكب لا يستخدمون أجهزة قياس المسافات التى تحدد لهم إذا كانوا قد تجاوزوا المياه الإقليمية أم لا وتدخلنا بشكل ودى بحجة أن الصيادين لا يعرفون ومراكبهم غير مجهزة وأشياء من هذا القبيل إلا أننا كنا نفاجأ بتكرار نفس المخالفات من نفس العائلات ويضعنا هذا فى إحراج أمام أشقائنا فى ليبيا.
ولم ينف خلاف احتمال معاملة الصيادين بعنف فى أول يوم من احتجازهم لكنه أكد أن الوضع يختلف بعد تدخل السفارة. وأضاف خلاف مثلما نطالب الآخرين باحترام أراضينا وسواحلنا فعلينا أن نحترمهم أيضا ونحدد حقوق كل طرف.
وأضاف أننا نعلم جيدا لماذا يسعى الصيادون المصريون إلى تلك المناطق فى ليبيا واليمن وغيرها لأنها تتمتع بوفرة كبيرة فى الثروة السمكية، لذلك طالبنا بعمل شراكة ليبية مصرية يتم فيها استثمار مهارة الصياد المصرى ومعدات وسفن ليبية إلا أن هذا لم ينفذ.
واقترح خلاف أن تتواصل الجهات الأهلية المعنية بأمور الصيادين فى مصر بنظرائهم فى ليبيا لخلق آلية للتعاون المشترك وتقديم حلول بديلة، كما طالب بضرورة تفعيل المقترح المطروح من جانب اللجنة العليا المشتركة لإنشاء شركات للصيد المشترك وإبرام اتفاقيات تنظم عمليات الصيد من حيث المواصفات والأساليب والكميات المسموح بها والمحظورات مع وضع آلية للتحكيم فى أى نزاع محتمل.
أزمة احتجاز الصيادين تتواصل.. خبراء يطالبون بتوعيتهم بطبيعة الحدود الدولية .. وإعادة تنظيم قوانين الملاحة الدولية بدلا من اعتقال المخالفين.. ومسئولو الخارجية: ليس لدينا ميزانية لتسديد المخالفات
الثلاثاء، 10 أغسطس 2010 09:00 م