المركز الطبى بالشروق مرتع للكلاب الضالة

الأحد، 01 أغسطس 2010 08:26 م
المركز الطبى بالشروق مرتع للكلاب الضالة
كتبت منال العيسوى - تصوير أحمد معروف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الساعة الثانية ظهرًا فى الشروق تعنى الموت ولا تجد من يسعفك، عند مدخل المجاورة 70 إسكان مبارك وعلى بعد خطوات من جامع بناه بعض السكان على نفقتهم الخاصة تشتم رائحة البالوعة التى انفجرت منذ الجمعة الماضية ولا احد من الجهاز تحرك لإصلاحها.

ترقص الباليه على الحجارة حتى تتخطى الرصيف المقابل للمركز الطبى، لم تجد لافتة كتب عليها أنه مركز طبى، مجرد مبنى على مساحة تتجاوز الـ700 متر، وبوابة كبيرة حديد لم تتجاوز المتر ونصف مفتوحة على مصراعيها، يجول فى ذهنك أنه ربما يكون حارس المركز يختبئ بالغرفة المجاورة للبوابة من حرارة الشمس، لكنك تفاجأ أن الغرفة مغلقة ولا يوجد أحد يسألك إلى أين أنت ذاهب أو عمن تسأل..

تصعد درجات خمس لسلم يأخذك لمدخل المركز بأبوابه الألوميتال ذات الزجاج "الفامية البنى"، تستطيع أن ترى من خلفه لافتة الاستقبال، وغرفة الطوارئ وباب مفتوح لغرفة كشف يختلس شازلونج الطبيب النظر منه، لكن لا توجد أى حركة لأى شخص، تضغط بيدك لا يفتح الباب لأنه مغلق بالمفتاح، تعود أدراجك، وتحاول البحث عن باب خلفى للمركز لكنك تصدم فيما تراه.

هناك وفى الطرف اليمين للمبنى 6 غرف يتوسطهما حمام مغلق، ولعل هذا هو السبب لاستخدام باقى الغرف للضغوط على أرضيتها، ورائحتها تخبرك أنها حمامات بديلة للحمام المغلق، الغريب أن هذه الغرف جميعها فارغة لا تحتوى على أى أثاث، لا تجزع حين يخرج لك كلب بسرعة شديدة من خلف أحد الأبواب فأنت زائر غير مرغوب فيه فالمكان مكانهم.

على مرمى بصرك حوالى أربعة أمتار من الغرف تجد فرشة عليها بعض البطاطين وجلاليب يبدو أن أصحابها تركوها خلفهم فهم الآن غير موجودين، من منظر البطاطين القديمة والمخدات تعرف أن الشخص الذى كان يستخدمها لم يغادروها إلا فى الصباح متوجهين إلى عملهم.

تكمل لفتك حول المبنى باحثا عن الباب الخلفى للمركز الطبى فلا تجد سوى بعض الجرادل والكوبايات الفارغة وقوالب الطوب محترقة علها كانت كانون صغيرا لعمل الشاى فى نهاية الدوران حول المبنى تجد نفسك وصلت لنقطة البداية عند البوابة الحديدة لتخرج وتغلق خلفك الباب.

سكان المنطقة يفسرون لك ما رأيته داخل المركز الطبى والصدفة وحدها هى التى تجعلك تقابل أم محمد سماح قاسم وهى تحمل فى يدها ابنها بعد أن سقط على زجاجة مكسورة فى الأرض جرحت يده، تحاول إيقاف نزيف الدم بقماشة بيضاء ضاع لونها من شدة النزف، تستسمح إحدى السيارات المارة لنقلها إلى القاهرة لتخيط يد ابنها لكن لا مجيب.

تقترب منها وتطالبها بتجفيف دموعها، لكنك لا تستطيع أن تطالبها بتوقف قلقها على حياة ابنها الوحيد على ثلاث بنات، تنصحها بالتوجه لأقرب مركز طبى أو مستشفى لكن تصدمك بقولها: "مفيش هنا مستشفيات، والمركز الطبى الوحيد مقفول من يوم ما فتحوها سنة 2000".

يخرج على صوتها أحد الأطباء القاطنين فى المنطقة وكانت الصدفة وحدها هى من أتت به لشقته بالشروق لدفع فاتورة الكهرباء، يضمد جرح الطفل ويخبرها أن الجرح سطحى وبسيطة ويهدئها قائلا "متخفيش ربنا سترها والحمد لله أنى موجود النهارده".

تكفكف دمعها وتحكى لك كيف جاءت من نجع حمادى هى وزوجها وأولادها منذ 20 عاما واشترت محلا صغيرا وأجرت شقة وعاشت فى الشروق، ويأتى المساء تغلق بابها عليها".

طارق وحيد مدير فرع المجلس القومى للسكان بحلوان ومقيم هناك يقول مشيرا بيده للمبنى "مش حرام فلوس مرمية على الأرض والناس هنا بتموت، وفيه أطباء كثير ساكنين فى المنطقة يتمنوا يشتغلو هنا بس يفتحوه، إضافة إلى أن خط النجدة بالشروق غير مفعل فى حالة حدوث أية حادثة تجد المسئول يرد عليك خط النجدة عندكم مش شغال اتصلوا بالقسم".

ويلتقط طرف الحديث من طارق منير محمد طه سلام مدرسة بمدرسة خالد ابن الوليد قائلاً: "دى حادثة بسيطة اللى حضرتك شوفتيها، أنا واحدة جارتى جالها آلام المخاض وفور نزولها الشارع سقط الجنين منها ولم يستطع أحد التعامل معها وقطع الحبل السورى للطفل ومات الطفل من شدة البكاء وأصيبت الأم بحمى النفاس نتيجة الجو الحار هنا، ولكنها نجت وتركت شقتها وسافرت للقاهرة وأخذت شقة إيجار جديد".

ويكمل محمد عبد الفتاح مدرس لغة عربية، لولا قدر الله انفجرت أنبوبة أو حريق فى أى شقة لا نجد من يسعفنا فالشرطة والمطافئ بعيدة عنا ولا تستجيب لأى شىء والمركز الطبى مغلق رغم أنه فيه كل الإمكانيات والأجهزة الطبية واشتغل شهرين ثم قفل بدون سبب، وإحنا بنطالب وزير الصحة إنه يشغله لأنه الخدمة الطبية الوحيدة هنا".

على بعد خطوات فى مجمع لمحلات يقابلك الحاج على عبد السلام (60 سنة) صاحب محل مجمدات يخبرك حين تعرض لحادتة أثناء عملة فى تقطيع اللحوم المجمدة وقطع أصبعه، وظل ينزف حتى وصل إلى أقرب مركز طبى على طريق الإسماعيلية القاهرة وهو المركز الطبى العالى، وحين قاموا بتخييط أصبعه دفع 350 جنيها".

ويبقى سكان مدينة الشروق يتحسرون يوميا على المركز الطبى المغلق الذى أصبح مرتعا للكلاب الضالة وعمال التراحيل ومراحيض عمومية لمن لا مأوى له، ووزارة الصحة تكتفى بافتتاحه وتغلقه على الأجهزة الطبية التى بالتأكيد تكلفت كثيرا من المليارات.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة