إذا لم تكن طرفاً فى القضية أو ذو علاقة بها من قريب أو بعيد فتخيل معى بأنك ترى أطفال جيرانك أكثر مما ترى أطفالك وبأنك تُقبل وتحضن أطفال أخوك وأختك أكثر مما تُقبل وتحضن أطفالك فلذات كبدك، ليس لأنك بعيد عنهم أو هم بعيدون عنك بل لأن هذا هو ما يفرضه عليك القانون، نعم قانون حق رؤية الغير حاضنين لأطفالهم بعد الطلاق رقم 25 لسنة 1929 والمعمول به حاليا بمصر والذى حدد ثلاث ساعات أسبوعياً فقط لرؤية طفلك بمعنى أنك ترى أبنك طوال السنة لمدة 144 ساعة فقط بما يعادل ستة أيام فى العام.
وبعد رفع سن حضانة الطفل من 13 عاما إلى 15 عاما، أصبح الأب الغير حاضن لابنه لا يمثل فى حياته طفله خلال هذه المدة الطويلة سوى ثلاثة أشهر فقط، ويتحقق ذلك بشرط أن تلتزم الأم الحاضنة بإحضار الطفل فى المواعيد المحددة للرؤية وهو ما لا يحدث نهائياً على أرض الواقع.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن، كيف ينشأ طفل نشأة نفسية واجتماعية متوازنة بدون أن يرى أبيه سوى ستة أيام فقط فى العام ويُحرم من حنان وعطف الأب وهو يعلم جيداً بأنه فى حاجة لأبيه الذى لا يبعد سوى خطوات قليلة عنه؟
وهل معنى إنصاف المرأة أن يصبح هذا هو زمن المرأة؟ وهل الرجل المطلق دائماً مُدان وعليه أن يدفع لوحده ثمن الطلاق؟
وعندما تسعى لإسقاط الحضانة عن الأم الحاضنة لطفلك لمخالفتها شروط الحضانة، فإن الإجراءات الطبيعية فى المحكمة لإسقاط الحضانة عن الأم تستغرق وقتاً من سنة إلى سنة ونصف لأخذ حكم بسقوط الحضانة عن الأم وعندما يحدث ذلك فعليك ألا تفرح كثيراً، لأن حضانة طفلك فى هذا الحالة لن تكون لك بل ستتجه إلى والدة طليقتك بمعنى أن الأم ستظل الحاضنة لطفلك ولكن بشكل آخر عن طريق والداتها، وهذا أيضاً بنص القانون.
ولكن الطامة الكبرى أن تسمع من الطرف الحاضن لابنك كم تدفع مقابل أن ترى طفلك؟ ولأن نص القانون هو "لكل من الأبوين حق رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين".
فمعنى ذلك وبحكم القانون أيضاً أنه لا حق للأجداد فى رؤية الصغير طالما أن الأب على قيد الحياة، وفى هذه الحالة تسمع أيضاً من الطرف الحاضن كم تدفع لترى أمك حفيدها؟
لأن ليس من حقك أمك أن ترى حفيدها إلا فى حالة وفاتك أو سفرك وهذا أيضاً بنص القانون.
فكيف يكون هناك قانون يقطع ما أمر الله به أن يوصل، حيث قال الحق فى كتابه الكريم "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض" صدق الله العظيم، وكما ورد بالحديث النبوى الشريف "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلنى وصله الله ومن قطعنى قطعه الله".
إنها ليست مشكلة شخصية، إنها مشكلة أكثر من سبعة ملايين طفل يعانون من قانون الرؤية الحالى، إنها مشكلة آباء غير حاضنين منعهم القانون من أبسط حقوقهم- حق رؤية أبنائهم- فهذه دعوة قبل أن تكون استغاثة للسيد وزير العدل بأن تغيير قانون الرؤية بوضعه الحالى أصبح ضرورة ملحة، حرصاً على أجيال متتالية من أطفال أبرياء وحرصاً على نسيج المجتمع بأكمله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة