◄◄ تعاملهم مع المواطنين يهدد جهاز الأمن وبعضهم يتعامل على أنه «جنرال» فى الداخلية وهم أول كبش فداء لجرائم الكبار
من المؤكد أن التحليل الحقيقى للجرائم المتنوعة التى يرتكبها كل من يحمل درجة «مخبر» فى الأجهزة الامنية بكل أطيافها يعود إلى وقوعه فى الدرك الاسفل من السلم الميرى لوزارة الداخلية وهو مايجعله يطبق سياسة الطاعة العمياء لكل أوامر الكبار فى الأجهزه الأمنية وهو ماحدث فى قضية شهيد الإسكندرية خالد سعيد بعد تحويل المخبرين المتهمين بتعذيبه إلى الجنايات.
وشخصية المخبر لم تعد تلك الصورة النمطية التى روجت لها السينما عن هذا الرجل الذى يرتدى البالطو ويمسك العصى ويجلس على القهوة ليجمع المعلومات التى طلبها منه رؤساؤه فى الأجهزة الأمنية فصورته اليوم اختلفت وأصبح يرتدى القميص والبنطلون ورغم ذلك لم يتخل عن أسلوبه الغليظ والبلطجى وأصبح «فظاعة» لكل مواطن يخالف أوامره وليس غريبا أن تجد أن أغلب الشكاوى التى يتم إرسالها إلى المسؤولين فى وزارة الداخلية ومن بينهم اللواء حبيب العادلى تكون ضد المخبرين بسبب تعدد ألاعيبهم فى تلفيق القضايا وفرض إتاوات على المواطنين.
والمخبر شخص نعرفه ويعيش بيننا أصبح الآن يمتلك من السلطات التى يخولها لها قياداته وليس القانون ما يجعله أهم من لواءات الداخلية والسبب أنه جاهل بكل مواد القانون ويستخدم سلطات أكبر منه كما حدث مع خالد سعيد شهيد الإسكندرية، وهذا النفوذ فى دولة المخبرين يعود إلى تنوع الجرائم وحاجة الأجهزة الأمنية لجمع معلومات بكل الطرق بهدف إغلاق الملف الأمنى لكل قضية وتحويلها إلى النيابة وتسبب ذلك فى أن يستخدم المخبر كل الوسائل لإثبات جدارته فى جمع المعلومات لإثبات سياسية الطاعة العمياء لقياداته ومع تعدد القضايا فإن درجة أهمية المخبر تزداد فى الداخلية.
فشخصية المخبر تتميز بفقدان العواطف، فلا مجال للإنسانيات فى حياته، فهو على استعداد أن يبّلغ عن أقرب المقربين إليه صدقا أو زورا من أجل إرضاء رؤسائه، فى الأحياء الشعبية حيث يعيش المخبرون ويتناسلون ويتكاثرون لهم أدوار مختلفة، فهم دائما مدعاة للقلق والخوف من بسطاء الناس، والأذى والشر للباعة وأصحاب الدكاكين، فهم بقوة ما يملكونه من ضرر يمثلون ابتزازا دائما للآخرين، ويحصلون على طعامهم وشرابهم ونفقتهم بأبخس الأثمان إن لم يكن سحتا، أعدادهم وصلت كما تقول بعض التقارير غير الرسمية، إلى أكثر من 200 ألف مخبر وربما يرتفع إذا أضفنا لهذا العدد آلافا من «المرشدين» وهم مجموعة من أصحاب الجرائم والمسجلين الخطرين، ويطلق عليهم «المرشد» مواطن متطوع يقوم بنفس العمل الذى يقوم به المخبر ولكن الاختلاف الوحيد أن أغلب المرشدين لا يكونون تابعين للأجهزة الأمنية فى كشوف الوزارة، أما المخبر الرسمى فهم من يتم اختيارهم من العساكر والمتطوعين.
فى دفتر جرائم دوله المخبرين السرية لا تقتصر فقط على ضرب وسحل المواطنين باعتبارهم الأداة الغليظة لتأديب المواطنين بل تصل أحيانا إلى التورط فى قتل بعض المتهمين، كما أن المخبر دائما ما يسعى لإرضاء قياداته خاصة فى البحث الجنائى، لأن أغلب قضاياها تقوم على عاتق هذه الفئة من المخبرين الذين يستخدمون نفوذهم فى تلفيق بعض التهم لخصومهم، فإذا غضب المخبر على جاره يمكن أن يضع قطعة من الحشيش فى شقته ويقوم بالإبلاغ عنه لدى قياداته والحقيقة أن بعض رؤساء المباحث بدأوا فى اكتشاف ألاعيب بعض المخبرين بعد أن اكتشفوا أن أغلب البلاغات التى تقدم منهم كيدية ضد المواطنين فكان بعضهم يرفض مثل هذه القضايا والبعض الآخر يكلف ضابطا أو أمين شرطة بإجراء التحريات اللازمة عن المشتبه فيهم، وبعدها يتخذ القرار المناسب بل وصل الأمر إلى قيام بعض رؤساء المباحث باستدعاء المخبر وجعله يقسم على »«المصحف» ليتأكد من صدق معلوماته، ورغم ذلك فإن أغلبهم مازال يمارس دوره الشاذ فى العديد من القضايا والتى تصل إلى قيام بعضهم بتلفيق تهم إلى من يرفض الرضوخ لهم أو عدم دفع «إتاوات» لهم، فكل مخبر يلجأ إلى فرض إتاوة على بعض المواطنين ومن يرفض مصيره قضية باعتباره مصدر ثقة لرؤسائه.
ولكن هل تظل دولة المخبرين قوية فى السلك الأمنى بشكل مطلق؟ الحقيقة أن جهاز مثل أمن الدولة لم يعد يستخدم هذه النوعية من المخبرين، خاصة بعد التحديث الكبير الذى أدخله اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية على هذا الجهاز الحساس، ولكن ظلت دولة المخبرين بجرائمها متغلغلة فى أجهزة البحث الجنائى.
المفاجأة أن نهاية أغلب هؤلاء المخبرين تكون مأساوية، لأنه يتم التضحية بهم من جانب قياداتهم لتحمل كل الجرائم التى تقع أى أنهم يكونون كبش فداء لبعض القيادات التى تصدر أوامر الضبط لأى مشتبه فيه، وهو ما يعنى أن جهلهم بالقانون وبكل قواعد حقوق الإنسان وطاعتهم العمياء لرؤسائهم يكون الطريق الحقيق لنهاية مأساوية لدولة المخبرين فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة