أثار إعلان تأسيس الإخوان لموقع جديد لجمع التوقيعات على مطالب التغيير، التى أطلقها الدكتور محمد البرادعى وتبنتها الجمعية الوطنية للتغيير، ردود فعل متباينة من القوى السياسية، بعدما قام المرشد العام الدكتور محمد بديع بتدشين موقع خاص لجمع التوقيعات من أعضاء الجماعة وما تلاها من حوارات وتصريحات كشفت للجميع عن أن جماعة الإخوان دخلت بثقلها وبجميع أوراقها لدعم مطالب الجمعية الوطنية للتغيير.
واللافت فى هذا الشأن معدل التوقيعات المرتفع إذ وصلت لأكثر من 2900 توقيع عقب مرور 24 ساعة لإطلاق الموقع، وهو الأمر الذى خلق العديد من التساؤلات، خاصة مع حجب أسماء الموقعين عكس كل المواقع المشاركة، بجانب وجود تأكيدات من الجماعة عن وجود دراسات ومناقشات تفصيلية لكل خطوة تخطوها الجماعة فى هذا الأمر.
ووقع بديع وجميع أعضاء مكتب الإرشاد على البيان حسب إعلانهم الشخصى، فيما لم يتم التأكد من ذلك لعدم وجود عرض للأسماء، كما دعا بديع عند تدشين الموقع جموع الإخوان وكلَّ فئات الشعب إلى المشاركة بفاعلية فى حملة التوقيعات، سواء من خلال موقع "توقيعات أون لاين" وكل مواقع الإخوان الأخرى، أو من خلال موقع الجمعية الوطنية للتغيير، مضيفاً أن هناك إجماعًا وطنيًّا على هذه المطالب التى تعد مقدِّمة ضرورية للإصلاح والتغيير فى مصر، مطالبا الشعب المشاركة بجدِّية وحماس فى هذه الحملة؛ من أجل القضاء على الفساد، ومنع التزوير، ووقف التعذيب، والحفاظ على كرامة المواطن المصرى فى الداخل والخارج من خلال إنهاء حالة الطوارئ.
واعتبر د.عصام العريان المتحدث الإعلامى باسم الإخوان، أن حجم التوقيعات حتى الآن أقل من المتوقع، لكنه توقع بعد مرور أسبوع واحد سيكون هناك مئات الآلاف من التوقيعات، معرباً عن أمله فى أن تصل التوقيعات إلى عدة ملايين.
ورفض العريان، تحديد أرقام بعينها الآن، مشدداً على أنهم لن ييأسوا ولن يفشلوا فى أن يصلوا إلى التغيير المنشود الذى يؤيده جموع المصريين.
ومن جانبه صرح سعد الحسينى عضو مكتب الإرشاد، بأن الموقع المعلن هو موقع لكل القوى الوطنية ليس خاصاً بالإخوان فقط، معترفاً فى الوقت ذاته بأن الجماعة ساهمت بالجهد الفنى وبالعمل التحضيرى لإطلاق الموقع.
الحسينى، قال حتى فى حال وصول حجم التوقيعات إلى مليون شخص، فهذا لن يحل مشاكل مصر، ولكنه وصف الأمر بأنها رسالة سياسية للنظام لتأكيد الرغبة فى التغيير وتجسد مطالب المصريين برؤية محددة للتغيير.
ووصف الحسينى، تحركات الجماعة فى إطار الجمعية الوطنية للتغيير بالعمل الجاد الذى سينعكس أثره على انتخابات مجلس الشعب المقبلة وستكون النتيجة الفعلية فى انتخابات الرئاسية، موضحاً أن الجماعة ناقشت عبر مؤسساتها وفى مكتب الإرشاد وكثيراً من المواقع كيفية المشاركة وكيفية تفعيل الدعوة للإصلاح وتجسيدها على الأرض، معتبراً أن قرارهم انتهى إلى ضرورة المشاركة بقوة ودون تكاسل على أساس أن التكاسل ليس فى صالح مصر، مضيفاً أن الإخوان جزء من الجمعية الوطنية للتغيير ولديهم حوارات كثيرة عن المشاركة والتحرك الفترة المقبلة بشأن الوصول للهدف بالتغيير.
فيما أبدى ضياء رشوان الخبير فى شئون الحركات الإسلامية ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية بعض الملاحظات شكلية للموقع الذى أطلقته الجماعة للتوقيعات، ومنها أن الألوان المستخدمة ليست ألوان مواقع أو معبرة عن جماعة الإخوان، بجانب أن الأسماء والإشارات الموجودة فى صدر الصفحة الأولى للموقع ووجود سبع تجمعات منها الجمعية الوطنية للتغيير بجانب حزب الغد وموقع شارك وأخرى يدل على أن الموقع ليس خاصاً بالجماعة فقط.
وأضاف رشوان، أن الموقع الجديد لا يعرض أسماء الموقعين وهو ما يضع شكوكاً لدى كثيرين من صحة الأرقام المعلنة، خاصة أنها تتزايد بقدر كبير جداً، كما أن كشف الأسماء قد يكون فيه خطر أمنى يكشف أسماء لا يريد مكتب الإرشاد كشفها، بالإضافة إلى أن عنوان بيان الإخوان هو "معا سنغير"، وهو مختلف كلياً عن عنوان البيان المنشور عبر موقع الجمعية الوطنية للتغيير "بيان الدكتور البرادعى.. معاً سنغير".
وأضاف، أن الكلمة المقدمة التى يعلنها الإخوان فى مقدمة الصفحة الأولى يعلنون فيه "هذه الأوضاع مجتمعة تتطلب من الشعب المصرى - الرافض للاستبداد، والذى ضرب عبر تاريخه نماذج رائعة فى مواجهة الظلم والفساد - المشاركة وتبنى مطالب القوى السياسية التى تنادى بها جماعة الإخوان المسلمين، والجمعية الوطنية للتغيير والدكتور محمد البرادعى والقوى المخلصة"، وهذا ما يعنى حسبما يرى - رشوان - أن الإخوان فصلوا بين تحركاتهم والبرادعى، واعتبروا البرادعى جزءاً من المطالبين بالتغيير وليس كل المطالبين بالتغيير، مشيراً إلى أن الإخوان أرادوا بهذا الموقف أن يوقفوا أى حديث عن دعمهم للبرادعى أو تِأييدهم له بشكل منفرد ليكون الأمر تأييد للتغيير والعمل من أجله، كما أنهم فصلوا بين البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير ليؤكدوا أن مطالب البرادعى هى مطالب لكل القوى ورؤية لكل الناس.
فالأمر تحدٍ للإخوان كما يقول رشوان، وإن كان المأزق الحقيقى الآن هو أن الجماعة أما أن تثبت حقا قدرتها على الحشد وإثبات أنها الرقم الرئيسى والقوى الأساسية فى الشارع المصرى، وإما أن تعلن عن الأسماء التى وقعت حتى تعطى ثقة للموقعين والراغبين فى التوقيع.
ويرى رشوان، أن هذه المسألة تشبه الإمساك بالعصى من المنتصف، ففى حالة الفشل فى جمع أكبر عدد ممكن من التوقيعات سيتم إلقاء الفشل على شماعة الشركاء فى الموقع، بدعوى أن الموقع والتوقيعات لا تخص الإخوان فقط.
ورفض ضياء رشوان، وضع تصور مسبق عن مصير نشاط الجمعية الوطنية للتغيير وحملة جمع التوقيعات بمشاركة جماعة الإخوان، على الرغم من أن الأزمة الأخير للجماعة هى عدم تحديد هدف واضح لجمع التوقيعات، خاصة أن المطالب السبعة فيها مطلبين أو ثلاث لا يمكن الحديث عنهم إلا فى وجود مجلس الشعب، خاصة تعديلات الدستور والمواد 76 و77 و88، وكذلك تمكين المصريين فى الخارج من التصويت، وهى مطالب تحتاج تغيير تشريعى لا يتم فى غياب مجلس الشعب، ومجلس الشعب لن يجتمع قبل منتصف نوفمبر المقبل، لهذا لا يمكن تحديد الموقف أو الخطوة التالية بعد التوقيع على البيان، ولم تعطِ الجماعة أو الجمعية مؤشرات للتحرك لبعد ذلك.
والمطالب السبعة التى توافقت عليها قوى المعارضة للتغيير هى: إنهاء حالة الطوارئ، وتمكين القضاء المصرى من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمَّتها، والرقابة على الانتخابات من قِبل منظمات المجتمع المدنى المحلى والدولى، وتوفير فرص متكافئة فى وسائل الإعلام لجميع المرشحين، وخاصة فى الانتخابات الرئاسية، وتمكين المصريين فى الخارج من ممارسة حقِّهم فى التصويت بالسفارات والقنصليات المصرية، وكفالة حق الترشح فى الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية؛ اتساقًا مع التزامات مصر طبقًا للاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين، وإقامة الانتخابات عن طريق الرقم القومى، وتحقيق بعض تلك الإجراءات والضمانات بتعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور فى أقرب وقت ممكن.
ومن جانبه توقع الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية، أن ينتهى مصير الجمعية الوطنية للتغيير بعد إعلان الإخوان دعمها بقوة إلى ذات المصير الذى انتهت إليه الجبهة الوطنية للتغيير التى أسسها الدكتور عزيز صدقى رئيس وزراء مصر الأسبق، مشيراً إلى أن الدكتور حسن نافعة كان يلعب دوراً محورياً أيضاً فى تحركات الجبهة.
ورصد قنديل عدداً من النقاط التى تتسم بها علاقة الجمعية الوطنية للتغيير بجماعة الإخوان، قائلاً: "الجمعية تعانى الآن من حالة ارتباك بعدما تخلى عنها الدكتور البرادعى، بسبب رغبته فى التخفف من العبء الذى مثلته عليه".
لذلك والحديث مازال على لسان قنديل، أن الجمعية تبحث عن إعادة تعريف لنفسها، نظراً لأنها كانت معروفة فى الشارع المصرى على أنها رابطة لمؤيدى البرادعى"، مضيفاً أن الجمعية فى اطار بحثها عن تعريف جديد لنفسها استدعت تعريف من الأرشيف، وهو أن تصبح نسخة جديدة من الجبهة الوطنية للتغيير، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية على الرغم من أن تجربة الجبهة لا يمكن تكرارها بسبب تغير الظروف".
وحذر قنديل من "الغرور" العددى لدى الإخوان المسلمين على حد تعبيره، مضيفاً أن الإخوان لديهم درجة من الغرور تجعلهم ينظرون للآخرين على أنهم أصفار، وبالتالى فإن اقترابهم من البرادعى وتبنيهم للمطالب الـ7 مرهون بمصلحتهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة، معتبراً أن الإخوان اتخذوا الجمعية "جاكت واقى" بحسب وصفه، مشيراً إلى أن المناورات بين الجمعية والإخوان فى الوقت الحالى ليست مجدية، نظراً لأن التوحد فى العمل كان على مطالب تخص نزاهة الانتخابات على الرغم من أن هذا أمر لن يتحقق.
أما سيد عبد العال الأمين العام لحزب التجمع، فأكد أنه فى ظل عدم امتلاك الجمعية برنامج واضح للتغيير سوى المطالب الـ7، والتى لا يمكن اعتبارها برنامجاً فى حين أن الإخوان لديهم برنامج لا يحظى يتوافق من جميع القوى السياسية، ومن ثم فإن التقارب بين الطرفين يعنى أن برنامج الإخوان أصبح مشتركاً بينهما.
وقال عبد العال: "ربما تتحول الجمعية إلى واجهة تنفذ توجهات جماعة الإخوان"، مشيراً إلى ان القوى السياسية فى الوقت الحالى لابد أن تتعامل مع الجمعية فى ضوء موقفها من الإخوان.
واختلف أبو العز الحريرى النائب السابق لرئيس حزب التجمع وعضو الجمعية الوطنية للتغيير مع سابقيه، حيث أكد أنه لا يمكن استبعاد أى قوى سياسية فى إطار السعى لإنقاذ الوطن، مضيفاً "لا يمكن أن نحاسب الإخوان على أخطاء الماضى وعلى مواقفهم السابقة.
مخاوف بين القوى السياسية بعد دخول "الإخوان" فى حملة جمع التوقيعات على بيان التغيير.." قنديل"مصيره مثل جبهة عزيز صدقى.. وإخفاء أسماء الموقعين يثير الشكوك حول مصداقية المشاركين
الجمعة، 09 يوليو 2010 11:24 ص
المرشد الإخوان يدشن موقع حملة جمع التوقيعات <br>
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة