المصابون فى حادث أتوبيس "المقاولون العرب" سردوا لـ"اليوم السابع" التفاصيل الكاملة لمدة 30 دقيقة فى رحلة الموت

الجمعة، 09 يوليو 2010 03:51 م
المصابون فى حادث أتوبيس "المقاولون العرب" سردوا لـ"اليوم السابع" التفاصيل الكاملة لمدة 30 دقيقة فى رحلة الموت أحد المصابين فى حادث المقاولون العرب
كتب محمود عبد الراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالمركز الطبى للمقاولين العرب وبالطابق الثالث تحديدًا انتقل "اليوم السابع"، حيث يرقد المصابون فى حادث إطلاق النيران على أتوبيس الشركة، وعلى الرغم من وقوع الحادث منذ أيام إلا أن المجنى عليهم لم يصدقوا وقوع الحادث حتى الآن. 30 دقيقة هى مدة رحلة الموت فى أتوبيس المقاولون العرب سرد مفرداتها المصابون واختنقت أصواتهم بالبكاء، إلا أنهم أصروا على سكب الحقيقة جملة واحدة.

علامات الأسى مرسومة على وجهه وكأنه من أبناء العقد الثامن، بالرغم من كونه لا يتخطى الأربعين عاما، ذراعه اليمنى التى أصيبت فى الحادث كانت تشغله عن الحديث معنا، سألناه عن اسمه فأجاب "النميرى عبد التواب دسوقى (40 سنة).

النميرى الذى يعمل بالشركة متابعا فنيا وسكرتير قطاع الشئون القانونية، سرد تفاصيل الـ 30 دقيقة لرحلة الموت كاملة، قائلا: "البداية كانت من ترسانة المعصرة، حيث يوجد أتوبيس الشركة الذى يتحرك منها متجها إلى الطريق الدائرى ثم إلى المنيب، ومنها يواصل السير متجها إلى فرع الشركة بطموه على طريق مصر أسيوط الزراعى".

وأضاف "النميرى" أن المتهم "محمود طه" معروف لديهم بسلوكه السوى، فكان لا يخذل من يقصده، يفعل أى شىء نطلبه منه دون نقاش، فكان كالبنت فى حيائها، فلا نسمع له صوتا طوال رحلة الأتوبيس منذ انطلاقه من المعصرة وحتى نصل إلى مقر الشركة يوميا.

وعن يوما الحادث قال "النميرى": "إنه انتظر الأتوبيس كالعادة برفقة زملائه بمنطقة المعصرة، إلا أن الأتوبيس تأخر 10 دقائق، وهو أمر غير معهود على السائق "عم محمود"، وعندما حضر إلينا تأخر أيضا بعض الشىء فى فتح الباب، وكان الغضب والأسى عناوين مرسومة على ملامح وجهه، إلا أننا لم نلق للأمر بالا، فأخذ كل شخص منا مكانه فى الأتوبيس ليتحرك بنا نحو الشركة، ونحن لا ندرى أننا سنعود بدون زملائنا، وأن الأتوبيس سيتحول إلى نعش من نعوش الموت وقبر يتحرك بالموت والجرحى دون رحمة".

يلتقط "النميرى" أنفاسه ويستكمل قائلا: "كان الأتوبيس يسير بسرعة بطيئة، وكأن المتهم بدأ يخطط لسيناريو ارتكاب الجريمة، وكنت أجلس فى المقعد الخلفى للأتوبيس، وبالقرب منى تجلس 3 سيدات من موظفات الشركة، فيما يجلس زميلنا "عبد الفتاح" خلف كرسى السائق، وكان عددنا 23 راكبا، فى حين أن الأتوبيس به 26 مقعدا".

ينشغل المجنى عليه بزراعه بعض الوقت، ثم يعود للحديث مرة أخرى قائلا: "على بعد حوالى 500 متر من الشركة فوجئنا بالأتوبيس يقف فجأة، فدار فى أذهاننا أن الأتوبيس حدث له عطل فنى، وبينما نحن مشغولون بأمر الأتوبيس إذ "بعم محمود" يرفع الكرسى الأمامى، ويستل من أسفله سلاحا آليا، ليقطع تفكيرنا وهو يصرخ قائلا: "فيه 2 عارفين نفسهم يتحركوا هنا بسرعة"، نبرة صوته القوية جعلت الصمت والدهشة يخيما على الجميع، إلا أنه كررها ثانية، ولم يقف أحد، وفى الثالثة أشار على "عبد الفتاح" بالوقوف وبالفعل وقف، ثم طلب من الشخص الثانى أن يقف ولم يحدد اسمه، إلا أنه لم يتمهل وقوف الثانى، فأطلق رصاصات الغدر نحو "عبد الفتاح" حيث أردفه بحوالى 15 رصاصة متتابعة، واستدار على من حوله، وأمطرهم بوابل من الرصاص، وبدأ يطلق النيران بطريقة عشوائية على الجميع: قائلا "انتقمت منكم يا ولاد الكلب" تلك الجملة التى كررها أكثر من مرة، وكأنه يكررها مع كل طلقة تخرج من رشاشة".

وأضاف قائلا: "إن أصوات الرصاص كانت تهتك الصمت الذى خيم على المنطقة بأثرها، فيما ارتفعت أصوات السيدات الثلاثة اللائى يجلسن فى المقعد الخلفى بالصراخ للاستنجاد بالمارة من أجل وقف المذبحة البشرية داخل الأتوبيس، لكن دون رد"، "الموت - الحياة" مصطلحان لم نعرف سواهما على مدار 30 دقيقة داخل الأتوبيس فى رحلة الموت، فلم ندر من مات منا ومن أصيب فالكل مشغول بنفسه، فيما أصيب المتهم بحالة هستريا مرددا عبارات الانتقام".

ويكمل: "حاولنا استغلال انشغال المتهم فى تكرار كلمات الانتقام فوق جثة "عبد الفتاح" لنكسر زجاج الأتوبيس ونقفز منه، فأصيب بعضنا بالعديد من الكسور، فيما اكتشف آخرون أنهم مصابون بطلق نارى فى أقدامهم دون أن يشعروا، فالجميع كان حريصا على الهروب من الموت بأية وسيلة، حيث إننا كنا نصارعه بشتى الطرق".

(25 سنة) هى مدة عمل القاتل فى الشركة، وبالرغم من طول هذه المدة إلا أنها لم تشفع لنا عنده لينتقم من زملائه جميعا فى مذبحة واحدة، بحجة أنه كان يقصد الانتقام من شخصين فقط، وأبدى المجنى عليه دهشته من أمر المتهم فكيف يفكر فى الانتقام من اثنين برشاش آلى.

النميرى متزوج ولديه 4 أولاد كان القدر رحيما بهم لعدم وفاة والدهم فى مذبحة الأتوبيس، وهو الآن يرقد فى إحدى غرف المركز الطبى للمقاولين العرب، ويلقى اهتماما بصفة خاصة من مدير المركز، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب الذى منحه شيك بمبلغ 20 ألف جنيه، عوضا عما أصابه.

بالطابق نفسه من المركز الطبى يرقد المجنى عليه "عماد الدين محمود على حسن" الذى أوضح لـ "اليوم السابع" أنه أصيب فى الحادث بجرح فى العضد الأيمن، وجرح بالرسغ الأيسر، مع تأثر فى الأوعية الدموية والذراعين، ولم تختلف روايته للحادث عن رواية زميله "النميرى"، إلا أنه أضاف أن المتهم بعدما ارتكب جريمته النكراء وثب عليه أحد الموظفين داخل الأتوبيس وتمكن من الإمساك بالرشاش منه، الأمر الذى جعل الجانى يواصل السير بالأتوبيس فى اتجاهه إلى الشركة، بينما تحول الأتوبيس إلى بركة دماء.

مضيفا أن السائق وصل بالأتوبيس بعد دقائق من ارتكاب الحادث إلى مقر الشركة، وزعم أن مجهولين خرجوا عليهم، وأطلقوا النيران على الأتوبيس، مما أدى إلى وفاة عدد من زملائه وإصابة الآخرين، فيما أوضح الناجون من الحادث أن السائق هو الجانى، ليتم توثيقه بالحبال وإخطار الأجهزة الأمنية التى حضرت على الفور إلى الشركة، وألقت القبض على المتهم، واستدعت الإسعاف لنقل المتوفين والمصابين إلى مستشفى الحوامدية، ومنها إلى المركز الطبى للمقاولين العرب.

كان اللواء أسامة المراسى، مساعد وزير الداخلية ومدير أمن 6 أكتوبر، قد تلقى بلاغا من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب، يفيد إطلاق سائق أتوبيس بالشركة أعيرة نارية على الموظفين أثناء استقلالهم الأتوبيس معه، فانتقل على الفور اللواءين أحمد عبد العال، مدير مباحث 6 أكتوبر، ومحمد أبو زيد، مدير المباحث الجنائية، إلى مكان الحادث، وتبين أن خلاف وقع بين السائق وزميله عبد الفتاح، مما جعل الأول يطلق عليه 15 طلقة نارية للانتقام منه، وأسفر الحادث عن وفاة 8 أشخاص وإصابة 4 آخرين، فيما تمكن 20 موظفا من مستقلى الأتوبيس من الهرب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة