الكنيسة وجهت الشكر إلى المحكمة الدستورية العليا على وقف حكم المحكمة الإدارية العليا بالزواج الثانى للأقباط، لحين الفصل فى دعوى تنازع الأحكام. أى أنه قضاء فى قضاء، والكنيسة إذا كان من حقها أن تشكر حكما فمن حقها أن تقدح حكما آخر. وظاهرة توجيه الشكر أو سحب الشكر شائعة فى الكثير من القضايا، رأيناها فى الخلاف بين النيابة والمحامين، وبين الكنيسة والمحكمة.
ثم إن حكم الإدارية العليا واجهته الكنيسة برفض عنيف، وأعلنت من البداية أنها ترفض تنفيذه، وتحول الأمر إلى صراع بين الكنيسة والقضاء، واحتشد الأقباط يساندون الكنيسة ويهددون بمواجهة مع الحكم، ولما صدر حكم الدستورية بدا الأمر وكأنه معالجة قضائية لقضية سياسية ومحاولة لانتزاع فتيل توتر فى المجتمع.
وعلينا الاعتراف بأن قضية الطلاق والزواج الثانى فى الكنيسة معقدة ومتشابكة، فصاحب الدعوى الأصلى الذى رفعها من أجل الزواج الثانى يقول إن زوجته السابقة حصلت على الطلاق وتصريح الزواج الثانى من نفس الكنيسة التى كان لديها أسبابها، ومن هنا غاب فى وجهة نظره عنصر المساواة بين الطرفين. والكنيسة بدورها ترى أن القضاء لاعلاقة له بحكم إنجيلى فى الكتاب المقدس، وهو تفسير البابا شنودة للنص، والذى يرفض تفاسير أخرى تقنن الطلاق والزواج الثانى.
وهناك حديث عن قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والذى يمكن أن يحل تلك التشابكات، لكن القانون لن يحل شيئا طالما ظلت القضايا قائمة لأسباب أخرى غير الوزن. الكنيسة فى قانون الأحوال الجديد ترفض الطلاق لأى سبب غير الزنا، ترفضه فى المرض والعنة والعجز أو حتى الخداع، وهناك تمسك بالنص كما هو لا توجد أى محاولات للاجتهاد مع النص، وهو أمر موجود فى كل الأديان.
والأزمة مع أحكام القضاء لا تخص الكنيسة وحدها، بل إنها تمتد إلى كل شىء، إلى المحامين والصحفيين والأحزاب، كل فريق يصفق للحكم الصادر لصالحه، ويهيج ويحتج على الحكم الذى لايناسبه. وكل هذا يثير الشكوك ويصنع حالة من البلبلة لدى الناس تجاه القضاء، لأن هناك مؤسسات تعترض على الأحكام التى تصدر ضدها، وكأنها تريد أحكاما لصالحها فقط.
ولا نظن أن يكون حكم الدستورية هو الأخير فى قضية طلاق الأقباط وزواجهم، والذى ربما يكون فى حاجة إلى أن تحسمه الكنيسة، فى قانون واضح يراعى احتياجات البشر، لأن الشرائع لم تأتى لتعاسة الناس، ويمكن ببعض الاجتهاد أن تحل قضايا كثيرة معلقة، بشرط أن يكون ذلك خالصا وبعيد عن حالة الاستقطاب السياسى بوجوه دينية، وأن يكون التعامل مع القضاء فى المحاكم ودرجات التقاضى، مع إبعاده عن تأثيرات السياسة المدمرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة