لعبت غانا، وخسرت، كان باستطاعتها أن تحقق حلم عشاق كرة القدم، لو دخلت ضربة الجزاء التى احتسبت فى الدقائق الأخيرة، كان من الممكن أن تهتز امبراطورية الفيفا، لو شعر الغانيون وهم يتقدمون إلى ضربات الجزاء الترجيحية أنهم الأفضل، وأنهم يعبرون عن مشاعر غامضة تحتاجها اللعبة، اللعبة التى حولها السويسرى بلاتر إلى وسيلة لجمع المال، فتم تعليب المتعة ومحاصرة الارتجال، لعب الغانيون أجمل مباريات البطولة أمام أورجواى الطموحة، وكانوا على بعد خطوتين من تحقيق حلم خلخلة مركزية اللعبة، ولكنها كرة القدم «الحديثة» التى تعاند الفطرة النقية والطموح، لكى تحتل المرتبة الـ17 فى قائمة الاقتصاد العالمى، كما ذكرت مؤسسة «ديليوت آند توتش» الصينية الأسبوع الماضى، والتى أكدت أن الفيفا تلعب فى 500 مليار دولار أمريكى، أى أكثر من الناتج المحلى لسويسرا (بلد بلاتر) وبلجيكا وعدد آخر من الدول، لأنه يوجد فى العالم 1.5 مليون فريق يلعب لها 240 مليون لاعب، بالإضافة إلى وجود 30 مليون شخص يرتبطون مباشرة بالأعمال المتعلقة بكرة القدم، وكشف «الفيفا» كما جاء فى المسح الذى أجرته المؤسسة الصينية ونشرته «الشروق»، أن قطاع كرة القدم يسجل 8 ملايين شخص سنويا، ويشمل هذا القطاع مضامين وفيرة، من حقوق البث المباشر، والتمائم، والتذاكر، والجهات الراعية، والملابس الرياضية، والكرة المستخدمة، والشباك، والإعلانات، والتسويق، وغير ذلك، الفيفا يرفع شعار«لمصلحة كرة القدم»، وهو شعار زائف، ففى مونديال 2006 بألمانيا كسب اتحاد بلاتر 1.1 مليار دولار من البث التليفزيونى وحده، ولم يمنح سوى 9 ملايين دولار لـ32 فريقا مشاركا فى مونديال 2010، و18 مليونا لكل فريق تقدم إلى الدور نصف النهائى، و65 مليونا للفريق الحائز على البطولة، ورعاة البطولة الذين دفعوا مبالغ ليست قليلة للدعاية، هم المستفيدون الكبار من اللعبة حاليا ومن الشراكة مع «الفيفا»، فشركة «أديداس» مثلا زاد ربحها الصافى بمقدار 82 مليون يورو بفضل رعايتها لكأس العالم، ناهيك عن مكاسب «كوكاكولا» و«ماستركارد» و«بدويازر» و«توشيبا» و«فيليبس»، والقائمة التى تنتظر الإذن لها بالرعاية والتى يطلق عليها حاليا «الشريك» مثل «هونداى» و«كيا» و«نوكيا».. بلاتر وسع الاستثمارات، وسد أبواب المتعة، ومونديال جنوب أفريقيا خير دليل، هو لم يعرف (أو يعرف) أن الشعوب عندما تلعب تحاول أن تعبر عن نفسها من خلال اللعب، وأنها لا تنتظر مكافأة مادية، هى تريد أن تلعب على راحتها فى الهواء الطلق، وتغنى وترقص، لكى تتغلب على الأحزان وعدم المساواة الذى فرضته الرأسمالية الحاكمة فى كل مكان، هى تريد أن تشير من خلال مهارات لاعبيها إلى مناطق فطرية لا يفهمها التكنوقراط الذين يحيطون حساباتهم المصرفية بالسرية، بلاتر انزعج جدا من قرار الرئيس النيجيرى إيقاف منتخب بلاده عن المشاركة الدولية لمدة عامين، وهدد بتعليق عضوية النسور فى «الفيفا»، بلاتر اعتبر قرار الرئيس النيجيرى موجها ضده، وهو الذى لا أحد يستطيع الوقوف ضده، وهدد فرنسا أيضا بالإيقاف الدولى بسبب تدخل السياسيين فى شؤون اللعبة، فرنسا لن تعلق عضويتها كما يعلم الجميع، لأن نجمها القوى بلاتينى سيقف ضد بلاتر هذه المرة لو حدث مكروه، وهما الرجلان اللذان تحالفا فى الماضى أيام هافيلانج ضد مارادونا اللعيب، وقاما بذبحه، لأنه أراد هو ومجموعة من اللاعبين الموهوبين إنشاء نقابة للاعبى كرة القدم، تطالب من ضمن أهدافها بحصة من إيرادات العرض الذى يقدمونه فى المستطيل الأخضر.. ويضعها «الفيفا» فى جيبه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة