أحمد مصطفى الغـر يكتب:لحظات.. فى غرف الشات

الخميس، 08 يوليو 2010 02:37 ص
أحمد مصطفى الغـر يكتب:لحظات.. فى غرف الشات صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أشعر باستياء شديد كلما شاهدت قنوات الأخبار وما تحتويه مشاهد نشراتها الإخبارية من قتل ودمار وخراب واختطاف، هذا غير الكوارث الطبيعية كالسيول والزلازل والبراكين.. قمت بحذف قنوات الأخبار من على جهاز الاستقبال، لكن يبدو أن حذفها وحدها لم يكن كافياً، فالقنوات المتبقية تحتوى هى الأخرى على نشرات أخبار، وشريط سفلى للأخبار هو أيضا مملوء بالمصائب والكوارث وإن لم تكن مصورة فهى مكتوبة ومصحوبة بوصف بالغ الدقة يجعلك كأنك تشاهدها.

لذا قررت التوقف عن مشاهدة التليفزيون، واتجهت إلى الراديو، فوجدته قد أصبح شبيها بالتليفزيون فى محتواه، اتجهت إلى الصحف والمجلات فوجدت صفحات الحوادث أصبحت أكثر عن ذى قبل، وأصبحت تحتل كل الصفحات تقريبا.

اتخذت قراراً أخيراً بالهروب إلى الإنترنت، ذلك العالم الافتراضى الواسع والغريب الأطوار، اتجهت إلى غرف الشات (الدردشة) تلك التى كنا نرتادها فى فترة المراهقة، ولا أعرف لماذا كنا نرتادها ونحن فى سن المراهقة، رغم أن الهموم لم تكن مثل ما هى عليه الآن ، ورغم أن التليفزيون والراديو كانوا أفضل حالاً، ولم تكن نشرات الأخبار بهذه الفظاعة، حتى الكوارث لم تكن مثل كوارث هذه الأيام.

على أى حال ها أنا عدت إلى العالم الافتراضى، إلى فضاء واسع نتحاور فيه جميعاً، نتحدث مع أشخاص لا نعرفهم ولا يعرفوننا، وأحيانا نتبادل الصور وأرقام الهواتف، رغم أن ذلك من الأخطاء الساذجة، فهذه هى الصورة الوردية لاستخدام الإنترنت، بأن تتعرف على أصدقاء جدد فى دول ما وراء البحار، وأن تتبادل معهم الصور والعناوين والهواتف، عموما كنا نفعل ذلك غير مبالين إذا ما أساء شخص ما استخدام تلك البيانات، وفى إحدى غرف الشات دار هذا الحوار:
أنا : السلام عليكم ..
الشخص الآخر: هاى.
أنا: أنا اسمى (س) .. أى اسم افتراضى
الشخص الآخر: وأنا (ص) .. اسم افتراضى أيضا لكن لفتاة!

حاولت أن اتطرق الى اى موضوع يخرجنى من حالة الملل والسأم التى أنا فيها، لكن بلا أدنى فائدة، فمازالت نشرات الأخبار تسيطر على حالتى النفسية ..

أنا : (الحروب) قد زادت فى الفترة الأخيرة وزاد عدد ضحاياها !
هى: أمممم،، كمان عدد المشتركين فى (الجروب) بتاعى على الفيس بوك زاد فى الفترة الأخيرة !
أنا : سمعت أن الأزمة الاقتصادية العالمية ما زالت مستمرة وتؤثر بشكل كبير على الأسعار والمبيعات.
هى: أزمة؟! مبيعات؟!.. مفيش أزمة ولا حاجة.. وأحسن دليل أن مبيعات شريط أبوالليف حققت أرقاما قياسية.

شعرت أننى قادم من العالم الآخر .. أتحدث عن الشرق فتتحدث هى عن الغرب، أتحدث عن الفساد والتخلف والمشكلات، فتحدثنى عن المكياج والأغانى والموضة، أحدثها عن شبرا فتحدثنى عن الزمالك ومصر الجديدة، حاولت أن أنهى الحوار قبل أن تسوء حالتى.. على أى حال هى سيئة من الأساس، ووجدت أن أفضل وسيلة لإنهاء الحوار هى التحدث عن الاحتباس الحرارى، وقد كان حدث ما بغيت!

خرجت من غرف الشات هارباً، فوجدت الهموم فى مواجهتى، حيث تتعقبنى فى كل مكان، وكأن السطحية التى تملأ الجو من حولى تكاد تخنقنى، اختفت الألوان من حولى، وأصبح يكسوها اللونان الأبيض والأسود فقط، هنا: فساد ورشوة وبيروقراطية.. وهناك: غش وتهريب وغياب النزاهة والعدالة الاجتماعية، كل الأماكن ملوثة يخضبها الفساد بألوانه القاتمة!

أشفق على نفسى وأنا اكتب هذه الكلمات، كما أشفق عليك وأنت تقرؤها، فالدنيا ليست يأسا ومللا وسأما..فما زال يبقى الأمل..أمل فى التقدم والازدهار..أمل فى الرخاء والثراء.. وأفضل بداية لك- يا صديقى- هى ألا تعيد قراءة هذا المقال مرة أخرى، وأن تبحث عن مقال آخر يدعو إلى الحب والأمل والحياة من بين المقالات الرائعة فى هذه الجريدة.. لعله ينسيك ما قرأته فى هذا المقال.. و يا ليته يخرجك من حالة الملل واليأس التى ربما تكون قد أصابتك بعد أن قرأت مقالى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة