قال الأديب الدكتور فخرى لبيب إن الناقد الراحل فاروق عبد القادر كان رجلاً شريفاً يتسم بالشجاعة والجرأة، وإنه فوجئ عندما علم أن عبد القادر كان مريضاً لأنه لم يشكُ من الألم أو التعب طوال حياته، مشيراً إلى أنه لم يتوقع يوما أن يرحل عبد القادر قبله.
وأضاف لبيب أن عبد القادر كان مدرسة مستقلة بذاتها خاصة فى عالم النقد، والذنب الوحيد الذى اقترفه فى حياته هو أنه كان يملك قلماً لا يجيد به مجاملة أو ابتذاذ الآخرين، وكان نقده صريحاً وجريئاً وصاحب رؤية وهدف محدد.
وأوضح لبيب أن شقيق الراحل الدكتور عبد العزيز عبد القادر، اعتذر عن حضور عزاء الراحل وكافة حفلات التأبين التى تُعقد وذلك لسوء حالته الصحية، وأشار إلى أن الراحل دفع ثمن رغبته فى أن يعيش وحيداً مستقلاً بعيداً عن المؤسسات الثقافية والصحفية، فكانت النتيجة أنه عانى كثيراً خلال فترة مرضه ولم يستجب أحد لاستغاثاته إلا مؤخرا.
جاء ذلك خلال حفل التأبين الذى نظمته ورشة الزيتون مساء أمس الاثنين، وتحدث فيها الدكتور فخرى لبيب والدكتور محمود نسيم والكاتب جمال زكى مقار، وأدارها الشاعر شعبان يوسف.
وقال شعبان يوسف إن عبد القادر بدأ حياته الأدبية كناقد مسرحى وكان عنيداً للغاية لدرجة أنه أذى نفسه كثيرا وتعرض للهجوم الحاد بسبب أرائه الصادمة، ولم يكن يفصل بين السياسة والأدب على الإطلاق، وكان واحداً من تلاميذ الدكتور على الراعى فى مدرسة تحليل المضمون، واشتبك كثيرا مع الكاتب الراحل يوسف إدريس.
وأضاف يوسف أن البعض يظن أن عبد القادر كان لا يفعل شيئا سوى أنه يجلس فى برج عاجى، ويسلط الهجوم على المثقفين، وهذا غير صحيح تماما لأنه كان مبدعاً بكل طاقاته واهتم بتعريب الثقافة المصرية والروايات العربية.
وقال محمود نسيم إن عبد القادر من أصحاب المشاريع النقدية والثقافية فى الساحة الثقافية المصرية، وسيطرت عليه فكرة التوحد بين الكتابة والحياة، وتميز بمشروع حوارى مع الحياة والواقع والتاريخ والشكل المسرحى، بالإضافة إلى أن كل أعماله تأخذ طابع الحوار مع المعالم والظواهر أكثر من كونها تأخذ مساراً علمياً.
وأضاف نسيم: من أهم إسهامات عبد القادر، دلالاته فى اختيار الأسماء التى يترجم عنها، فنجده اختار بيتر بروك تحديدا لأنه دعم مشروع التصور النظرى لديه، واختار أيضا الكتب التى تؤكد المفاهيم الأساسية للحداثة التى ينطلق منها.
وأشار نسيم إلى أن عبد القادر لم يكن مستقلاً عن المؤسسات الرسمية طوال حياته كما هو شائع لدى البعض، ولكن سيطرت عليه فكرة الاستقلال مع بداية فترة السبعينيات، مع زيادة هجرة المثقفين للخارج، ولم تكن لديه القدرة على اكتشاف تجربة زمن آخر مثل الكاتب محمد حسنين هيكل، فظل أسيراً لمبادئ الستينيات وأفكارها ويرفض كل ماهو غريب ومختلف عنها.
وتحدث جمال مقار عن كتاب عبد القادر "البحث عن اليقين المراوغ فى قصص يوسف إدريس" والذى قدم من خلاله قراءة خاصة هى أكثر ما تكون شبهاً بسيرة ملحمية لبطل أسطورى، حيث زاوج عبد القادر بين قراءة القصص على نحو فنى والحياة الاجتماعية والسياسية المعاشة وبين التفاعل الشخصى ليوسف إدريس معها.