إذا كنت تفكر فارحل قبل أن يقوم البعض بتكفيرك، والحصول على دعوى قضائية بالفصل بينك وبين زوجتك، كان هذا هو الحدث الجلل الذى تعرض له المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد، أحد المفكرين المصريين المعاصرين، والذى رحل عن عالمنا صباح اليوم الاثنين، بعد تعرضه لمرض فيروسى خلال زيارته الأخيرة لإندونيسيا.
خاض نصر حامد أبوزيد المولود فى نفس الشهر الذى شهد رحيله "10 يوليو 1943" فى إحدى قرى طنطا لأسرة ريفية بسيطة، معارك عديدة عندما طالب بالتحرر من سلطـة التراث، الذى قال عنه: "آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان"، فأثارت كتاباته ضجة إعلامية فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، واتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد..
ونظراً لعدم توفر وسائل قانونية فى مصر للمقاضاة بتهمة الارتداد، عمل خصوم د.نصر حامد أبو زيد على الاستفادة من أوضاع محكمة الأحوال الشخصية، التى يطبق فيها فقه الإمام أبو حنيفة، والذى وجدوا فيه مبدأ يسمى الحسبة طالبوا على أساسه من المحكمة التفريق بين أبو زيد وزوجته، واستجابت المحكمة وحكمت بالتفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته قسراً، على أساس أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم، فحياة الزوجين باتت بعد ذلك فى خطر، وفى نهاية المطاف غادر نصر حامد أبو زيد وزوجته د.ابتهال يونس الأستاذة فى الأدب الفرنسى، القاهرة نحو المنفى إلى هولندا، حيث عمل نصر حامد أبو زيد أستاذًا للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن منذ 1995.
فاز الدكتور أبو زيد بجائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر (تيمناَ باسم الفيلسوف ابن رشد، 1126-1198، الذى أصبح بفلسفته جسراً ممتدا بين الثقافات) فى الخامسة مساء يوم الجمعة الموافق 25 نوفمبر عام 2005، فى معهد جوته برلين، من أجل إعادة قراءة معانى القرآن قراءة مستقلة عن التفسير التقليدى.
وحصل نصر على الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة 1972م بتقدير ممتاز، ثم ماجستير من نفس القسم والكلية فى الدراسات الإسلامية عام 1976م وأيضا بتقدير ممتاز، ثم دكتوراه من نفس القسم والكلية فى الدراسات الإسلامية عام 1979م بتقدير مرتبة الشرف الأولى، وعندما تقدم بأبحاثه وكتبه لنيل درجة الأستاذية فى كلية الآداب قسم اللغة العربية رفض الدكتور عبد الصبور شاهين منحه الأستاذية، وأشار فى تقريره الذى رفعه إلى مجلس الجامعة أن أبحاثه وكتبه لا ترقى إلى درجة أستاذ، ودافع عبد الصبور شاهين عن نفسه فيما بعد فى عدة تصريحات صحفية مؤكدا أنه لم يقم بتكفيره، وإنما أكد أن إنتاجه لا يرقى لدرجة الأستاذية.
ومن أعماله المتعددة: الاتجاه العقلى فى التفسير (دراسة فى قضية المجاز فى القرآن عند المعتزلة) وكانت رسالته للماجستير، فلسفة التأويل (دراسة فى تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربي) وكانت رسالته للدكتوراه، فى كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية، مفهوم النص دراسة فى علوم القرآن، إشكاليات القراءة وآليات التأويل (مجموعة دراساته المنشورة فى مطبوعات متفرقة)، نقد الخطاب الدينى المرأة فى خطاب الأزمة (طبع بعد ذلك كجزء من دوائر الخوف) البوشيد (ترجمة وتقديم نصر أبو زيد)، الخلافة وسلطة الأمة نقلة عن التركية عزيز سنى بك (تقديم ودراسة نصر أبو زيد)، النص السلطة الحقيقية (مجموعة دراسات ومقالات نشرت خلال السنوات السابقة)، دوائر الخوف قراءة فى خطاب المرأة (يتضمن الكتاب السابق المرأة فى خطاب الأزمة)، الخطاب والتأويل (مجموعة دراسات ،تتضمن تقدمة كتاب الخلافة وسلطة الأمة)، التفكير فى زمن التكفير (جمع وتحرير وتقديم نصر أبو زيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته وردود الفعل نحوها)، القول المفيد فى قضية أبو زيد (تنسيق وتحرير نصر أبو زيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته)، هكذا تكلم ابن عربى (يعيد فيها الباحث مراجعة دراسته عن ابن عربي) الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية.
اتحاد الكتاب ينعى المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد
تشييع جثمان نصر حامد أبو زيد بطنطا
وفاة الدكتور نصر حامد أبو زيد
وداعا نصر أبو زيد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة