المتابع الجيد لأحوال مصرنا المحروسة يجد أننا نمر بمرحلة فوضى عبثية وليست خلاقة، ولا تمت لها بأى صلة.. يعتبرها المتفائلون مخاضاً سيأتى بوليد جميل فى المعنى والصورة ليتغير واقعنا إلى الأفضل.. لكن البعض الآخر وهم كثر يرون أن الأمل فى أى شىء، وسيبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء إلى أقرب حائط ليخبط رأسه فيه.. فالقضايا العاجلة الكبيرة التى تهم السواد الأعظم لا تجد نظامنا شغوفاً بحلها أو حتى بشرف المحاولة الصادقة، بل العكس تماما راجع حالة الأحزاب وتفتيتها من الداخل، وما آلت إليه من ضعف وقلة قيمة.. مروراً بالفرح العارم المستتر الصامت المريب جراء الواقع المرير فيما يحدث بين جناحى العدالة والمشاكل القائمة بينهما محامين وقضاة، وانتهاء بالطبع للمستوى المعيشى المتدنى للسواد الأعظم من الناس فى نفس الوقت الذى يتم فيه تقسيم الأراضى والمنشآت الفاخرة بين الكبار لينكشف أمر قليلين منهم.
ومع ذلك مازالوا فى مناصبهم رغم الأدلة الدامغة التى تدينهم.. ناهيك عن اللاصوت واللا فعل فى القضايا العربية والإقليمية، مما حدا بتركيا وإيران بأن تملأ الفراغ بسرعة وسهولة فيتلفت المحبون لنا_ أو بقاياهم _ إلى مصر الكبيرة فلا يجدونها حتى أن وزير الخارجية السودانى السابق صرح بأن مصر دورها "ضعيف" ومعلوماتها "متواضعة" عن قضايانا!!.. ورغم ذلك لا يعترف نظامنا (حفظه الله) بأى تقصير أو خطأ حتى أهملنا الإثم لدول الحوض فى السنوات السابقة ترفعا وكبرياء، جعل هذه الدول تتحرر شيئاً فشيئاً من معاهدة المياه إلى أن اتفقت أخيرا على تغييرها مما يجعلنا ونحن فقراء فى المياه نصبح أكثر فقراً فى الأعوام القادمة، وقد بدأنا نتحرك متأخرين، والأمر يحتاج إلى معجزة فى زمن بلا معجزات.. والسجال قائم والكل يتحدث والندوات تقام _ ندوات مع النظام _ أما ندوات معارضة فلا يسمح بذلك.. والشرطة تزداد قسوتها وفظاظتها وتجاوزتها ولا رقيب.. سمك لبن تمر هندى ولا أحد يفهم شيئاً.. وإن حاولت الفهم تغرق فى متاهات ودوامات ونظريات، وفى النهاية لا حل.. أمور على بساطتها للناظر أشبه بطلاسم ولوغاريتمات تبدأ وتنتهى عند سلطة قادرة لتحقيق ما يناسبها على المستوى الشخصى تحديداً، دون أى التفات إلى أن البلد يتهاوى.. مع أننا شعب جميل، ويمكننا أن نفعل المستحيل فى كل شةء.. شرط أن يحكومنا صح ! و.. وإن صرخت فأنت من المحظورة _ اسم الدلع للإخوان _ وإن تكلمت _ فأنت لا تعلم ونحن العالمين _ وإن كتبت _ فأنت لا تراعى مصلحة البلد.. الخلاصة بلاش دوشه العبوا بعيد!
